stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

إن لم تمت حبة الحنطة لن تعطي ثمرًا – الأب وليم سيدهم

1.9kviews

إن لم تمت حبة الحنطة لن تعطي ثمرًا

نلاحظ في حياتنا اليومية أن الحياة والموت يتعانقا بشكل مستمر، لقد مات يوسف وولد بطرس. لقد ‏ماتت بهية وولدت سنية وهكذا دواليك، وتعددت الحيوات ولكن الموت يحصد الجميع كُل في موعده. ‏وهكذا حبة الحنطة تدفن في الأرض وتموت ولكن بعد فترة تتفاعل فيها حبة الحنطة مع التراب بما فيه ‏من بوتاسيوم وماغنسيوم ومعادن مختلفة فتتحول الحبة إلى جذور ثم ساق ثم أوراق ثم سنابل، ‏والسنابل تتمر ثلاثين وستين ومائة.‏
يأخذ السيد المسيح عِبرة من حياة المزارعين اليومية وما لحظه يسوع في تطور الحبة من طور إلى ‏طور، وكيف تفاعل الموت مع الحياة في نموذج حبة الحنطة نأخذ منها درسًا عميقًا عما يحدث في ‏حياتنا اليومية الأرضية المشروطة بحزمة من القوانين الفيزيقية والمعاني الميتافيزيقية.‏
لم يجد المسيح مثلًا أبلغ من درس الحنطة لينقل إلينا مفهومه للموت والحياة. نعم، إن لم تمت حبة ‏الحنطة لا يمكنها أن تأتي بثمر، ونحن إن لم نمت كل يوم عن ذواتنا فإن حياتنا تصبح معزولة عن كل ‏ما حولنا ومن حولنا ونظل مثل حبة الحنطة الوحيدة الموجودة في المخزن بين آلاف الحبات اللاتي ‏تنتظر الدفن في الأرض حتى يصبح لها كيان فريد يتفاعل مع التربة وما تحويه من معادن وما تتلقاه ‏من ماء يروي عطشها إلى الحياة.‏
نحن نموت عن أنفسنا حينما ندفن وسط كثيرين من أمثالنا يصارعون من أجل الحياة والبقاء. نولد في ‏أسرة تحتضنا ونظل نرضع لبن الأم سنة أو سنتان أو أكثر ونحن مستسلمين بين يديها ونظل على هذا ‏الحال ما بين سنتين وثمان سنوات حيث نكتسب جذورًا نفسية وإجتماعية وثقافية تنمو مع السن وبعد ‏سن الـ 18 تقريبًا نتدرج في فنون المعرفة والحياة إلى أن نصبح أصحاب قرار، وبين الخير والشر ‏نموت ونعيش حتى مغيب العُمر، وبين الولادة وبين الموت الإكلينيكي تتجادل فينا الحياة والموت ‏الفيزيقي والنفسي والإجتماعي، وبقدر ما نموت عن أنفسنا بقدر ما نستطيع إعطاء المساحة لأقراننا ‏كي يعيشوا ويثمروا معنا وفيما بعد بدوننا.‏
هكذا السيد المسيح فعل، فولد صغيرًا إلى أن تجرد من كل شيء في سبيل الحصول على المجد الذي ‏حدده لنا الله بعد رحلة كفاح من أجل العدالة والمحبة ونشر السلام من أجل الشجاعة في إتخاذ ‏القرارات الملائمة لكل مرحلة من مراحل عُمرنا، فتحمل التعب والألم والعزلة والرفض والمهانة ‏والذُل على مثال المسيح دون أن ينهدم بيتنا الداخلي وتظل روحنا منفتحة على روح الله لكي تلضم ‏الأرض بالسماء فينفض مضجع الظالمين والدكتاتوريين وعبدة الأوثان من ذهب وفضة وجنس ‏ودولار، فنكون قد أثمرنا ثمرًا به يتبارك العالم وتُرفع هامة الإنسان.‏
إن محبة الله ومحبة القريب هما الوصيتان اللتان تلخص جميع الوصايا كما علمنا يسوع، وسبيل تطبيق ‏هاتين الوصيتين نموت عن أنفسنا ليحيا القريب ونموت عن أنفسنا لكى يتمجد الرب.‏
والحياة لا معنى لها إن لم تتعرض لشمس العلاقة مع القريب حيث ينتج عن هذه العلاقة الكشف عن ‏معرفتنا نحن وهل نستطيع تحمل صدمات الحقد والحسد والغيرة والقهر والإضطهاد، أما نحن غير ‏جديرين بهذه الحياة فنفضل الموت دون جهاد ودون إجتهاد لرفع التحدي المفروض علينا فنموت ‏‏”فطيس” يعنى موتة مذرية غير كريمة.‏
لقد مات المسيح من أجلنا لكي نحيا به. ‏