« ابنَتي ماتَتِ السَّاعة ولكِن تَعالَ وَضَعْ يَدَكَ عليها تَحْيَ » – القدّيس أوغسطينُس
القدّيس أوغسطينُس (354 – 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
عظات حول إنجيل القدّيس يوحنّا، رقم 49: 1-2
« ابنَتي ماتَتِ السَّاعة ولكِن تَعالَ وَضَعْ يَدَكَ عليها تَحْيَ »
“الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: تَأتي ساعةٌ… فيها يَسمَعُ الأَمواتُ صَوتَ ابنِ الله والَّذينَ يَسمعَونَه يَحيَوْن”. (يو 5: 28). نجد في الإنجيل ثلاثة أموات أقاماهم ربّنا يسوع المسيح من بين الأموات ولم يكن هذا من غير سبب: فأعمال الرّب لم تكن أفعالاً بحدّ ذاتها إنّما كانت آيات… نقف مدهوشين أمام نص إقامة لعازر (يو 11)؛ لكن إن ركّزنا انتباهنا على أعمال الرّب يسوع المسيح الأخرى والّتي تدهش أكثر، يمكننا أن نرى من خلالها أن كلّ إنسان يؤمن بالرّب يسوع المسيح يحيا. وإن أردنا التّفكير جدّيًّا، نستطيع حينها أن نفهم بأن هناك ميتاتٍ أفظع بكثير، وأن كلّ إنسان يقع في الخطيئة سوف يموت.
إن كل النّاس تخشى موت الجسد؛ وقلّة منهم تخشى الموت الرّوحي… يفعل الإنسان كل ما يستطيع ليتجنّب الموت الّذي لن يتمكّن من اجتنابه، وفي الوقت عينه فإنّ هذا الإنسان نفسه، المدعو لعيش الحياة الأبديّة لا يفعل أي شيء لاجتناب الخطيئة… آه لو استطعنا إيقاظ النّاس من لامبالاتهم، وأن نستيقظ معهم، لكي نحب الحياة الأبديّة بمقدار محبّتنا لهذه الحياة الفانية!.. لو طُلِب من أحدهم أن يقطع البحار لاجتناب الموت، فهل تراه يتردّد؟ وإن طُلِب منه أن يعتني بنفسه جلّ العناية بحيث لا يطاله الموت، أتراه يقف مكتوف الأيدي؟ وفي المقابل نرى الله يطلب منّا أمورًا بسيطة للحصول على الحياة الأبديّة ونحن نرفض الامتثال لطلبه…
إن كان ربّنا يُحْيِي أنفسنا ليخلّصها من الموت الأبديّ بواسطة نعمته ورحمته اللامتناهية، فإنّنا على حقّ في أن نجد في الأموات الثلاث الّذين أقام الرّب أجسادهم رمزًا وتصوّرًا مُسبقًا لقيامة النّفوس التّي يحدثها الإيمان.