ادخلوا إلى فرح سيدكم – الأب وليم سيدهم
”لأني جعت فأطعمتموني، وعطشت فسقيتموني، وكنت غريبا فآويتموني،وعريانا فكسوتموني، ومريضا فعدتموني، وسجينا فجئتم إلي” (متى 25 :35 – 36)
شيء غريب أن الدينونة الأخيرة تتم حول أفعال محبة القريب، وبالذات المريض والسجين والعريان والعطشان. إنني لا أملّ من حضور القداسات والتقدم إلى المناولة والمواظبة على السبع صلوات في الأجبية، وكنت أتوقع أن الله سوف يحاسبني على ذلك ولكن منطق الله أحيانًا يكون غريبًا جدًا.
لقد جاء في الكتاب المقدس أن “فإن أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي، يقول الرب. كما تعلو السموات عن الأرض كذلك طرقي تعلو عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم” (اشعياء 55 : 8-9). إن ميزان الحسنات التي يحتفظ به الرب تجاهل الرياضات الروحية والقداسات والمناولات والصيامات، ما الذى حدث؟
إنه تصحيح رائع للسلوك الإزدواجي الذي نمارسه طيلة حياتنا. لقد ظننا أن التقرب إلي الله وممارسة الطقوس وتكريس الوقت لله سوف يشفع لنا في الدينونة وإذا بالديان العادل والمُحب والحنون لا يلتفت إلا لسخائنا مع اخوتنا البشر والوقت الذى نكرسه لهم خاصًة هؤلاء المسجونين والمرضى والعرايا والعطاش.
إن كلام الله واضح لا لبس فيه. فعلى الذين يختصرون ملكوت الله في العبادات والصلوات دون هذه الأفعال الأساسية إلا يستغربوا حينما يقول لهم الله : “إليكم عني، أيها الملاعين، إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته” (متى 25 : 41)،ذلك أن الله ليس كما يظن الملحدون والفريسيون وأصحاب القلبين والساذجون ومدعى الإيمان “أنانيًا وقاسيًا ومحابيًا ومحتكرًا لنا إنه أسمى من ذلك” أيها المراؤون، أحسن أشعيا في نبؤءته عنكم إذ قال:((هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فبعيد مني” (متى 15 : 7-8).
إن الذى يصلي إلى الرب دون أن يفهم أن الصلاة إلى الرب هى نفسها التى تدفعنا إلى خدمة القريب والتضحية من أجله. لدرجة أن الله يقول: ” فإذا كنت تقرب قربانك إلى المذبح وذكرت هناك أن لأخيك عليك شيئا، فدع قربانك هناك عند المذبح، واذهب أولا فصالح أخاك، ثم عد فقرب قربانك” (متى 5 : 23 – 24).
هكذا لا انفصام ولا انفصال بين عبادة الله واحترام وإكرام البشر بعضهم لبعض. فمن يفعل ذلك ويترك تلك فهو في ضلال مبين، وكما أن للإنسان كليتين وعينان وأذنان هكذا فإن علاقة الأنسان لن تكون ذات معنى أو مكتملة إلا إذا ربطت بين حب الله وحب القريب.
يقول يسوع لمعلم الشريعة ردًا على: “( يا معلم، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ )) فقال له: (( ماذا كتب في الشريعة ؟ كيف تقرأ؟ )) فأجاب: (( أحبب الرب إلهك بكل قلبك، وكل نفسك، وكل قوتك، وكل ذهنك وأحبب قريبك حبك لنفسك )). (لوقا 25 – 27:10) ، هذا هو ملخص الوصايا العشر في الشريعة.
فعجبي على إنسان يدعي أنه بمواظبته على الصلاة إلى الله دون مداومة أفعال المحبة مع قريبه سعيد في حياته. إن مثل الدينونة الأخيرة ماثل أمامنا وهو الفيصل في مدى قربنا أو بعدنا عن قلب الله.
نحن اليوم في عالم مسكون بالشياطين والأصنام المدمرة وأحوج ما نكون لخدمة إخوتنا وأخواتنا الجياع والساجين والعرايا والمرضى. بعد أن سيطر تجار الرقيق والمخدرات والأسلحة والخزعبلات على هذا العالم الشرير، فعلينا أن نستعيد هذا العالم الذى خلقه الله من قبضة الأنانية وعشاق السلطة وعُبّاد الدولار.
فهل نحن مستعدون؟ إن الطريق معروف وإن كانت فيه صعاب وعقبات وإن كان الله معنا فمن علينا؟