اذكرنى يارب متى جئت في ملكوتك – الأب وليم سيدهم
اذكرنى يارب متى جئت في ملكوتك
كم من المرات سرقت محفظتنا ونحن في طريقنا إلى العمل؟ كم من المنازل سرقت عن آخرها؟ وكم من المسروقات رجعت إلينا؟ .. إن السرقة فعل مُعتاد هناك من يسرقون لكي يستردوا أنفسهم من الُري أو غياب السكن وغياب المأكل وهناك من يسرقون لأنهم فشلوا في الحصول على مكان لائق بهم وبالتالي لم يعد لهم إلا فعل السرقة لكي يحصلوا على قوت يومهم وعلى نصيب كبير من متع الحياة. وهناك نوع من الناس الذين يسرقون لأنهم مرضى فقد يكونوا أغنياء ولكن رغبة منهم في الإعتماد على أنفسهم يلجأون لأسهل السبل للحصول على المال. هناك من يسرقون أقرب الناس إليهم لأنهم يستكثرون عليهم النجاح في حياتهم المهنية، وهناك من يسرقون إنتقامًا من أصحاب المال، وهناك من يسرقون حسدًا وغيرة من الناجحين في حياتهم وعملهم.
إن اللص اليمين في الغالب من اللصوص اللذين يطالبون بالستر وبالتالي فهو يتحمل عقوبة بحثه عن الستر. لذا فهو أقرب ما يكون من يسوع البار. لأنه ليس سارقًا من يبحث عن الستر طالما كان ضحية لطمع ولقهر كبار القوم وأصحاب السلطة النافذة.
إن اللص اليمين كان قريبًا من يسوع لأنه إستطاع أن يميز بين الضحية والجلاد، ألم يقل لزميله اللص اليسارى الذى تهكم على المسيح “أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ” (لوقا 23 : 41)، لذلك من أعلى الصليب تجاوز اللص اليمين أحزانه وعذاباته وأيقن أن يسوع المصلوب هو البار المخلص، إنه سمع كلمات يسوع التى تخلو من روح الانتقام ووجد عذرًا لجلاديه “فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».(لوقا 23 : 34)”، لذا توجه ليسوع وقال: «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ».(لوقا 23: 42) .
إن مملكة يسوع مملكة الغفران والرحمة لمست قلب اللص اليمين فحولت آلامه وصلبه من عقوبة للسرقة إلى كفارة قدمها ليسوع ليكتسب حب هذا المصلوب البار المخلص “إذا جئت في ملكوتك” إن ملكوت المسيح وصلت مداها إلى قمة الصليب. هذا المجد الالهى الذى حول العذابات والألم إلى هدية لكل خاطئ ولكل تائب مثل اللص اليمين.
إن قيمة العذابات والآلامات في حد ذاتها لا معنى لها ولكنها البرزخ الذى من خلاله يتحول الصبر على الالم وقوة إحتمال الألم إلى تحدى للجلاد الذى يريد أن يصل بالمعذب وبالمتألم إلى الكُفر بكل شيء والسقوط في اليأس والقنوط والموت.
هذا البرزخ، هو الخيط الرفيع بين الالم والموت وفعل القيامة وتجاوز الموت هو الذى إكتسبه لنا يسوع المخلص ليخبرنا أن ” فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً،وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رومية 8 : 38 -39).
“اذكرنى يارب متى جئت في ملكوتك” نعم يارب، أذكرنا وانت جالس عن يمين الآب تغمرنا بالثقة والحب والرحمة وتؤكد لنا قدرتك وقدرتنا على الانتصار على العذاب والألم والموت، فتفوق روحنا وعقلنا على وطأة الألم والعذاب لتصل بنا إلى بر الأمان والقيامة حتى نساهم في خلاص أخوتنا واخواتنا.
توبوا إلى الرب فإن الملكوت قريب، عودوا الى الحب فالخارج عنه غريب.