ارفع صوتك كالبوق واخبر شعبي بمعصيتهم – الأب وليم سيدهم
في هذا المشهد يبين الحوار الذي تصوره النبي أشعياء بين الله وبين الشعب المختار، أو بين الله وبين كل واحد منا ونحن في زمن الصيام، يقول الله عن الشعب المختار “وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي كَأُمَّةٍ عَمِلَتْ بِرًّا، وَلَمْ تَتْرُكْ قَضَاءَ إِلهِهَا. يَسْأَلُونَنِي عَنْ أَحْكَامِ الْبِرِّ. يُسَرُّونَ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ.” (اشعياء 58 : 2) يرى الله في علاه شعبه وهو يحاول أن يتقرب منه بالصلاة الشفهية تارة وبتقديم الذبائح تارة أخرى، بالصيام تارة والصدقة التي تُلقى في صندوق النذور في الهيكل تارة أخرى ، لا بل يجتهد البعض منهم في معرفة مشيئتي ووصاياي التي بينتها لهم في التوارة، ولكن كل هذا يقول الله على لسان اشعياء “كأمة عملت برًا” نعم على مثال الفريسيين الذين عاصروا يسوع لم يكن بحثهم عن الله بتجاوز المظاهر الخادعة وليس جوهر الوصايا الذي يلمس القلب ويغيره، يفضح الله هذا الشعب الذي يتظاهر بالبر وهو أبعد ما يكون عنه، كيف ولماذا؟ يجيب الله على لسان اشعياء يقول: ” يَقُولُونَ: لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ، ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟ هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً، وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ.” (اشعياء 58: 3) إنهم يتهمون الله بأنه لا يرى ولا يسمع وهذا موقف غير صحي ولا صحيح حينما يناطح المؤمن خالقه ويتهمه زورًا بأنه لا يرى ولا يسمع، ولكن رد الله لم يتأخر “هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ” إن ما تسمونه صومًا هو الصوم كما تتخيلوه انتم، وليس الصوم المقصود من الله، لماذا؟ لأن تسخير البشر وجعلهم يعملون دون أجرة فعل ممقوت وفيه استغلال لأخوتكم البشر، وعليه فإن هذا الفعل الاستغلالي يُبطل مفعول الصوم التقليدي الذي هو الإمتناع عن الأكل كما تعودتم.
ثم ينقد الله على لسان النبي منهج الصوم التقليدي قائلًا: “أَمِثْلُ هذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ يَوْمًا يُذَلِّلُ الإِنْسَانُ فِيهِ نَفْسَهُ، يُحْنِي كَالأَسَلَةِ رَأْسَهُ، وَيْفْرُشُ تَحْتَهُ مِسْحًا وَرَمَادًا. هَلْ تُسَمِّي هذَا صَوْمًا وَيَوْمًا مَقْبُولًا لِلرَّبِّ؟” (اشعياء 58: 5) أما الصوم الحقيقي “أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ.7 أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ.” (اشعياء 58: 6- 7)
إن معصية الشعب الإسرائيلي واضحة وضوح الشمس في كلام اشعياء النبي، فهم يتعاملون مع الصيام كانه طقس ميت لا حياة فيه بينما يطلب الله من الصائمين لكي يكون صيامهم حقيقي الآتي: حل قيود النفاق- فك ربط الشر – كسر الخبز للجائع – كسوة العريان – استقبال المطرودين في بيتك.
ونحن ايضًا أي منهج نتتبع في الصوم؟ الصوم الحقيقي أم الصوم التقليدي الفارغ من المضمون