الإفخارستيا في فكر مار افرام السريانيّ 1 – إعداد الأخ وديع الفرنسيسكانيّ
الإفخارستيا في فكر مار افرام السريانيّ 1 – إعداد الأخ وديع الفرنسيسكانيّ
نقسم دراستنا للإفخارستيا في فكر افرام إلى ثلاثة عناصر:
1) الطابع التضحويّ للإفخارستيا المرتبط بموت المسيح؛
2) حضور المسيح في الإفخارستيا بفعل الروح القدس؛
3) الشروط المطلوبة من المؤمن لقبول الإفخارستيا وآثارها فيه.
1) الطابع التضحوي للإفخارستيا المرتبط بموت المسيح
يربط افرام بين كسر المسيح للخبز، في العشاء الأخير، وبين ذبيحة الصليب. ولذا فإن كسر الخبز يوم الخميس المقدس، لا يُفهم إلا على ضوء ذبيحة الصليب، يوم الجمعة العظيمة. يكتب القديس في نشيد “في الفطير” 2/7 (“مجموعة”، 248، ص4؛ 249، ص4):
كسر الخبز بيديه الاثنتين
علامة على تقدمة جسده
مزج الكأس بيديه الاثنتين
علامة على تقدمة دمه
وهو نفسه قدّم ذاته ذبيحة
وكان كاهن ذبيحته الاستعطافية
ويشرح افرام ذلك في “الأناشيد النصيبينية” 49/2 (“مجموعة” 240، ص64؛ 241، ص65):
إن لم يكن قد لبس جسدنا،
كيف كان بإمكانه أن يذوق الموت؟
وإن لم يكن جسده قد قُتل،
لكان كذباً هو كسره لخبزه.
بهذين النصين، وبغيرهما، يريد افرام أن يظهر أن العشاء الأخير هو ذبيحة، بسبب إرادة مقدمها، الذي هو في نفس الوقت كاهن وضحية. ولذا يكرر افرام الحديث عن الحمل الوارد ذكره في إنجيل يوحنا (1/36) وفي سفر الرؤيا (فصل 5 وفصول أخرى). نقرأ في نشيد “في الفطير” 6/9-10 (“مجموعة” 248، ص13؛ 249، ص11):
كان حمل الله قد أكل الحمل (الفصحي)
من رأى أبداً حملاً يأكل حملاً.
الحمل الحقيقي أكل الحمل الفصحي
وأسرع الزمن للدخول في ملء الحقيقة
وإذا سألنا: كيف كان المسيح كاهناً، وكيف ورث الكهنوت القديم؟ يجيبنا افرام، في نشيد “في الفطير” 2/8 (“مجموعة” 248، ص4؛ 249، ص4) أن المسيح ورث كهنوت ملكي صادق:
لقد لبس الكهنوت
كهنوت ملكي صادق أنموذجه؛
فهو لم يقدم ذبيحة دموية،
بل قدّم الخبز والخمر
وهكذا ألغى الكهنوت (القديم)،
وكان قد استُنفذ في الذبائح الدموية.
وإذا تساءلنا أيضاً عن وقت انتقال هذا السلطان الكهنوتي إلى المسيح، يجيبنا افرام أن ذلك تم وقت العماد من يوحنا المعمدان، وأيضاً، قبل ذلك، وقت تقدمة يسوع، في الهيكل، على يد سمعان الشيخ.
ويرى افرام، في العهد القديم، كثيراً من الرموز للإفخارستيا. وأول هذه الرموز شخص هابيل الصديق. ولكن الرمز الأكبر يراه القديس في صورتي المن والصخرة التي أخرجت الماء.
ويعود افرام إلى العهد الجديد، فيوجه فكره إلى العلّية، التي تمّ فيها سر الافخارستيا، فيكتب في مقالة “في الصليب” 3/9، 10،12 (“مجموعة” 248، ص53؛ 249، ص41-42):
طوبى له هذا المكان الصغير،
الذي فيه كُسر خبز السنبلة المباركة،
والذي عُصر فيه العنقود المأخوذ من مريم،
كأس الخلاص.
مكان مبارك! لم ير أحد
ولن يرى ما رآه.
كان فيه الرب المذبح الحقيقي
هو كاهن، وخبز، وكأسُ الخلاص.
نفس الشخص تألم من أجل الجميع،
ولم يكن بإمكان أحدٍ آخر أن يتألم عنهم.
هو مذبح وحمل،
تضحية ومضحي،
كاهن وغذاء.
الطوبى لكِ، أيتها العلّية
لم تتهيأ لأحد الملوك مائدة كمائدتك،
ولا حتى خيمة قدس الأقداس،
حيث كا يوضع خبز الباكورة.
فيك كُسر، لأول مرة، هذا الخبز؛
لأنك كنيسته.
قدّم البكرُ بين المذابح تقدمته،
وفيك ظهر للمرة الأولى.