الإفخارستيّا، صلة وصل بين الخليقة الأولى والخليقة الجديدة – بِندِكتُس السادس عشر
بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013
الإرشاد الرّسولي سرّ المحبّة: Sacramentum caritatis، العدد 92
الإفخارستيّا، صلة وصل بين الخليقة الأولى والخليقة الجديدة
لكي نُنمي روحانيّة إفخارستيّة عميقة باستطاعتها أيضًا أن تؤثّر بطريقة معبّرة على النسيج الاجتماعيّ، من الضروريّ أن ينتبه الشعب المسيحيّ، الّذي يشكر بواسطة الإفخارستيّا، أن ينتبه إلى أن يشكر باسم الخليقة كلّها، متطلّعًا هكذا إلى تقديس العالم وعاملاً بجهد للوصول إلى هذا الهدف… الليتورجيّا ذاتها تعلّمنا كلّ ذلك عندما يرفع الكاهن إلى الله، أثناء تقدمة القرابين، صلاة تسبيح وطلب مرتبطة بالخبز والخمر، “ثمر الأرض”، “والكرمة” و”عمل البشر”. بهذه الكلمات، وإضافةً إلى إدخال كلّ نشاط وجهد بشريّ ضمن التقدمة لله، يدفعنا الطقس إلى اعتبار الأرض كخليقة الله، الّتي تعطينا ما نحن بحاجة إليه لاستمراريّتنا.
الأرض ليست حقيقة مجرّدة، أو مادّة بسيطة نستعملها بلا مبالاة حسب الغريزة البشريّة. إنّها في صميم قلب تصميم الله الصالح، الّذي من خلاله نحن كلّنا مدعوّون لنكون أبناء وبنات في ابن الله الوحيد، ربّنا يسوع المسيح (راجع أف1: 4-12). إنّ الانشغالات المشروعة الّتي تتعلّق بالشروط البيئيّة للخليقة في عدّة أنحاء من العالم ترتكز على بُعد الرجاء المسيحيّ، الّذي يُلزمنا بالعمل بطريقة مسؤولة للمحافظة على الخليقة.
في العلاقة بين الإفخارستيّا والكون، نكتشف، في الواقع، الوحدة في تصميم الله، فنُحمَل على أن نفهم العلاقة العميقة بين الخليقة و”الخليقة الجديدة”، التي بدأت بقيامة المسيح، آدم الجديد. ونحن نشترك بها منذ الآن بِحُكم سرّ المعموديّة (كول 2: 12 وما يليها)؛ هكذا، ينفتح أفق العالم الجديد في حياتنا المسيحيّة الّتي تتغذّى من الإفخارستيّا، أُفُق السماء الجديدة والأرض الجديدة، حيث أورشليم الجديدة تنزل من السماء، من عند الله، “مهيّأة مثل عروس مزيّنة لعريسها” (رؤ 21: 2).