stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصركنيسة الأقباط الكاثوليكمتنوعةموضوعات

الانبا بطرس فهيم مطران ايبارشية المنيا —– آن الأوان ——

1.2kviews

ندرك جميعا، اليوم أكثر من أي وقت آخر، مدي ما يحيط ببلادنا من مخاطر ومدي ما تواجهه من تحديات على كل الجبهات. ولذلك آن الأوان لنتحد، مهما كانت انتماءاتنا الفكرية أو السياسية أو الدينية. إنها ساعة الوحدة والتكاتف والتلاحم والصمود. ساعة تدعونا مصر بكل ما تمثل، بالنسبة لكل منا، من قيمة وقامة، ومعنى ورمز، من حضارة ومنارة، وأرض وعرض وحياة، من وادي وصحراء، وماء وهواء، كل ما فيها يخصنا ويمسنا ويعز علينا، وبالأكثر ناسها الطيبون، وقيمها الأصيلة. لذلك تعالوا ننسي اليوم كل ما يمكن أن نختلف عليه، لنتحد ونلتف حول قيادتنا السياسية وحول جيشنا الباسل، الجيش الأبي الذي يقدس الواجب، ويعلي القيم، ويضحي بالغالي والنفيس في سبيل الحق، وفي سبيل الحفاظ على الأرض والعرض، في سبيل الدفاع عن كل حبة رمل، وعن كل قطرة ماء من نيلها الخالد، شريان الحياة فيها ولها، هبة الله لها على مر العصور، الذي تغنى به المصري القديم قائلا: “تحية لك يا حعبي (يقصد حابي إله النيل عند المصريين القدماء)، أخرج من هذه الأرض واحضر لتهب مصر الحياة، إنك تخفي مجيئك في الظلمات، وتغطي مياهك البساتين، أنت واهب الحياة لكل ظمآن، عندئذ ترتفع أصوات الأرض مهللة، البطون فرحة وسعيدة، والزهور تهتز من الضحك والأسنان تمضغ”.

حين نفتح أعيننا لننظر، وآذاننا لنصغي لما يدور حولنا ندرك مدي الخطر الذي يهددنا من الجنوب حيث سد النهضة الذي يمثل التحدي الأكبر، والذي من ورائه تختبئ لمصر قوى معادية تفوق بكثير أثيوبيا، الدولة والشعب صاحبة السد، الذي غالبا ما كان شعبا صديقا ودودا معنا على مر التاريخ، ولكن الأعداء الخفيين الذين يلعبون دور الشيطان في الماء المبارك، ويحفزون ذلك الشعب الطيب على اللعب بالنار ليقودوه إلى التهلكة، إن هو تهور ولعب بماء النيل الذي هو حياة الملايين في مصر والسودان. فكم كان أسلوب القيادة المصرية حكيما؟ وكم كان صبرها طويلا؟ وكم مازالت تطرق كل الأبواب لتجنب الحرب والخراب. ولكن مصر وإن أجّلت فهي لا تنسى، وإن صبرت فهي لا تهمل، وإن سكتت فهي لا تضعف، وإن هادنت فهي لا تلين، وإن انحنت فهي لا تنكسر. أما إن نطقت وإن تكلمت وإن تحركت فالويل للمعتدين الظالمين العابثين. لم ولن نكون أبدا دعاة حرب وعدوان، لم ولن نكون أبدا أهل غزو وطغيان، ولكن في سبيل حقوقنا، وكرامتنا، وحياة شعبنا، فنحن أشد من الطوفان، وأقوى من النيران.

وعلى الجبهة الغربية لا يخفى على أحد ما يعده ويعبث به المدعون من العثمانيين. الطامعون في خيرات إخوتنا الليبيين، والحالمون بالهيمنة الغشيمة، التي تصورها لهم أوهامهم اللئيمة، ونفوسهم السقيمة. وإن هم لم يفطنوا لما يلعبون به من النيران فانهم بلا شك بها لمحترقون، وعلى كل تطاولهم وجسارتهم غير المحسوبة لنادمون. وكم كانت القيادة السياسية واعية وحاسمة، مدركة لأبعاد وأعماق الأمن القومي المصري والعربي، في احترام كامل للجيران، وتقدير تام لحقوق الغير واستقلالية قرارهم في بلادهم، إلى أن أعلنوا، بفم مجلس نوابهم، سلطة الشعب الأعلى في أي بلد، عن حاجتهم ورغبتهم في العون والسند، من الأخوة والأشقاء في مصر الأبية بقيادتها وجيشها المقدام الجسور. وهيهات أن يتخاذل المصريون عن أن يلبوا نداء الواجب، ويعلنوا شهامة الموقف، ونبل الأخلاق، من القائد الأعلى للقوات المسلحة وحتى أصغر مجند في جيشنا الوطني، الذي يعتبر سيف ودرع الوطن العربي كله، وليس فقط للمصريين.

وعلى كل المحاور وفي كل الاتجاهات تتعدد التحديات، وتدق نواقيس الخطر. في الجهة الشرقية حيث بعض الجماعات التي ترتدي ثياب الدين، وتتاجر بقضايا الوطن، ولا تنجز خيرا لشعبها ولا لبلادها ولا لقضيتها، التي صارت منذ أربعينيات القرن الماضي، قضية كل العرب وخضنا من أجلها الحروب، وبذلنا من أجلها دماء أعز شبابنا، وهم عنها لاهون، يبحثون عن مصالحهم في بلاد البترول التي تأويهم وتتحالف مع مغتصبي أرضهم. وكانت مصر دائما أما للعرب، كما هي أم الدنيا، وليس فقط شقيقتهم الكبرى، فهي رائدة حضارتهم ومعلمة أجيالهم، وحاضنة مهاجريهم، ورافعة رايتهم، والناطقة باسمهم. والآن، حين تتعرض للأخطار، فهي لا تلجأ لغريب بل لأبنائها أولا ثم لأشقائها. فان توانى الأبناء عن واجبهم، وما أظنهم متوانون، بل هم أول من يقدم التضامن والتكاتف والدعم والسند، بل الحياة نفسها إن تطلب الأمر. فالقضية قضيتنا، والأرض أرضنا، والتراب ترابنا، والماء ماؤنا، والحياة حياتنا، والكرامة كرامتنا، والمصير مصيرنا، والمستقبل لنا ولأولادنا. وإن كان فينا متراخ أو متكاسل أو معارض، فانا ادعوه أن يترك كل هذه المواقف جانبا، في هذا الوقت، وقت نداء الواجب، وقت نداء الوطن، لننسى كل خلاف شخصي أو فكري أو سياسي، أو أي خلاف من أي نوع، ولننسى المصالح الشخصية، أيا كان حجمها، ولنهب لنجدة وطننا، ولنسند ودعم قيادتنا وجيشنا، ونكون يدا واحدة، وفكرا واحدا، وقلبا واحدا، لكي إذا رأى أشقاؤنا وحدتنا، علموا حق العلم مقدار أصالتنا، وتعلم القاصي والداني، كيف تكون حضارة المصريين وأصالتهم، لنعطي القدوة والمثل للعالم.

يا مصريين ألا اتحدوا … يا أبناء الأبطال ألا أعلنوا وحدتكم في مجابهة كل أنواع وأطراف الظلم الغاشم. وأمام كل أدعياء الهيمنة والعنفوان الباطل … ألا اظهروا من تكونون … وعلام تقدرون … والله في عوننا ما دمنا في عون بعضنا البعض، وفي طرق الحق والخير والسلام … تحيـــــــــــا مصــــــــــــــــر.

++ جوزيف مكرم … المنسق الاعلأمى لأيبارشية المنيا ++