الانتصار على الشّيطان- عظة الأحد الثّالث من شهر بؤونه-الإكليريكي جوزيف منير
الانتصار على الشّيطان- عظة الأحد الثّالث من شهر بؤونه-الإكليريكي جوزيف منير
عظة الأحد الثّالث من شهر بؤونه-(مت12: 22-37)
مُقدّمة:
– عندما يُحارب ملكًا عليه أولاً أن يعرف مَنْ هو عدوه؟ ما هي إمكانياته؟ ما هي نقاط قوته؟ ما هي نقاط ضعفه؟ مثل مدرب الفريق الذّي يدرس جيدًا الفريق الذّي يُلاعبه: مَنْ أفضل لاعبيه ؟ ما هي نقاط قوتهم حتى يتفادها ؟ ما هي نقاط ضعفهم حتى يخترقها وينتصر عليهم… كذلك نحن نعيش في العالم في حربٍ… حربٍ روحيَّةٍ، كما يقول بولُس الرّسول:”فإنَّ مصارعتنا ليست مع دمٍ ولحمٍ بل مع الرّؤساء مع السّلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدّهر مع أجناد الشّرِّ الرّوحيَّة في السّماويّات” (أف6: 12).
– في حربنا مع الشّيطان علينا أن نعرف أكثر: ماهية الشّيطان، ماذا يفعل بنا؟ كيف ننتصر عليه؟
أولاً: ماهية الشّيطان
الشّيطان هو ملاكٌ ساقطٌ من السّماء
الشّيطان هو مخلوقٌ عصا خالقه
الشّيطان هو كائنٌ روحيٌّ تمرّد على تسبيح وتمجيد الله
الشّيطان هو ساتان بالعبري: المُقاوم لعمل الله
الشّيطان Diabolicباليوناني: المشتكي زورًا
– للشّيطان أسماءٌ كثيرةٌ جدًا منها:
§ بعل زبوب/بعل زبول: مُكوّنة من مقطعينِ (بعل = سيد بيت/مدينة)، (زبول = دمال: كلمةاستهزاء من اليهود للوثنيين لأنَّهم يعبدون الشّياطين، فالأصنام في نظر اليهود دمال.
§ لجئيون: جيش من الشّياطين (مر5: 9)، وهي علامةٌ على الاحتلال والسّيطرة الكاملة على الإنسان.
§ الرّوح النّج.
§ الوحش.
§ إبليس.
§ الشّرير.
§ العدو.
ثانيًّا: دور/عمل الشّيطان
1- العمى
– المقصود هنا بالعمى هو فقد البصيرة الرّوحيَّة.
– الشّيطان يزيل نور الله للإنسان، بحيثُ يجعله لا يرى الله ولا يرى نعمته ومحبته له،فيضع غمامةً على قلبه.
– الشّيطان يُطفىء نور الله بداخلنا، فيجعلنا نبحث عن نورٍ آخرٍ في رغباتنا البشريَّةوشهواتنا وغرائزنا.
– الشّيطان يجعلنا نتخبط في الظّلام، وذلك لأنَّنا فقدنا النّور الإلهيّ، فنكون مثل الورقة الّتي تنثرها الرّيح وتلعب بها.
– الشّيطان يجعلنا نتذلل ونُستعبد في حقارةٍ ومهانةٍ مثل شمشون الذّي أسلم ذاته إلى دليلة، ففقئت عينيه فهدم المعبد عليه وعلى مَنْ به.
– الشّيطان يجعلنا لا نرى الخير لا لأنفسنا ولا للآخرين كما يذكر ق يعقوب:” فمَنْ يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل فذلك خطيّةٌ له” (يع4: 17)
2- الخرس
– المقصود هنا بالخرس هو فقدان التسبيح والتمجيد لله.
– الشّيطان يجعل الإنسان ملهي ومشغول في كلِّ أمور الدّنيا، يفهم ويتكلم في كلِّ شيءٍولكنه نادرًا ما يتفوه باسم الله أو يفكر فيه ماذا يطلب منه أو كيف يرضيه.
– الشّيطان يجعل الإنسان صامتًا عن قول الحقِّ، يعرف أين الحقّ ولا يفعله ولا يصرخ به خوفًا من قطع مصالحه (رأسه) على مثال يوحنَّا المعمدان… السّاكت عن الحقِّ شيطانٌ أخرسٌ.
– الشّيطان يجعل الإنسان أخرس في علاقاته، بمعنى أنَّه لا يتعامل مع فلان ولا يتكلم معه، يجعله منقطعًا عن أهله/بيته/جيرانه/أقاربه بسبب أتفه الأمور.
– الشّيطان يجعل الإنسان أخرس عن تسبيح الله/الصلاة/الذّهاب للكنيسة/العمل بما يرضي الله.
3- الانقسام
كلُّ مملكةٍ تنقسم على ذاتها تخرب
كلُّ بيتٍ ينقسم على ذاته يخرب
كلُّ إنسان ينقسم على ذاته يخرب
– الشّيطان يُقسّم بيوتنا فيجعلنا: غير متفقين في الرّأي، كلّ منَّا يبحث عن مصلحته،بيننا خصومات ونزاعات مثل يعقوب وعيسو، لا نتحمل بعض، نكره ونغير من بعض.
– الشّيطان يُقسّم ذواتنا/أنفسنا فيجعل الإنسان:
مشتتًا؛ لا هدف ولا رؤية لحياته ضعيف وينهار أمام أي مشكلةٍ صغيرةٍيُظهر عكس ما يُبطن لا يستطيع أن يُواجه نفسه، لأنَّه لا يستطيع تحمّل عيوبه وضعفاته ولا يريد إصلاحها.
4- التجديف
– يعني الإهانة/الشّتيمة/النّكران/التخلّي/الهرطقة (إعلان إيمان مختلف عن إيمان الكنيسة).
– التجديف يعني هو أنَّ الإنسان يُفرّق بدلاً من أن يُجمّع.
– التجديف على الرّوح القدس: يُحذر منه ك.م كثيرًا قائلاً:
” وأمَّا مَنْ قال على الرّوح القدس فلنْ يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي” (32)فهو اليأس من رحمة الله، فقدان الرّجاء في الله، رفض عمل الله في حياة الإنسان، الإصرار على عدم التوبة والرّجوع لله.
5- الرّياء
” من فضلة القلب يتكلم الفم” (34)
– كلُّ كلمة نتفوه بها هي خارجةٌ من قلبنا، حتّى ولو كانت بصورة مرح وهزار، لكنَّها تحمل خلفية تفكيرنا ومشاعرنا. فإذا كان داخلنا مليء بالنّقاء والمحبَّة والطهارة سينعكس بلاشك على كلامنا والعكس.
” لأنَّ من الثّمر تُعرف الشّجرة” (33)
– كلامنا هو ثمار شخصيتنا، فإذا كانت شخصيتنا صالحةً سيكون كلامنا صالحًا، وإذا كانت شريرة فكذلك سيكون كلامنا. فعلينا أن نسأل أنفسنا:
كلُّ كلمةٍ نتكلم بها إلى أين تذهب ؟ ماذا تفعل ؟ هل هي للبنيان أم للهدم ؟
” لأنَّك بكلامك تتبرّر وبكلامك تُدان” (37)
ملحوظة هامة
– الشّيطان لا يضحك علينا ليغوينا للسّقوط في الخطيئة، ولكن الحقيقة أنَّه يسمح لنابذلك مثل الكلب الذّي تُلقي إليه قطع لحم حتّى يأكلها، فإذا لم تُلقي إليه لا يأكل لأنَّه لا يجد شيئًا ليأكله… هكذا حياتنا هي غاليةٌ علينا لا نتهاون فيها، لأنَّهاملك لله وليس لنا.
ثالثًا: كيف ننتصر على الشّيطان
1- اليقظة والسّهر
” اصحوا واسهروا لأنَّ إبليس خصمكم كأسدٍ زائرٍ يجول ملتمسًا مَنْ يبتعله هو. فقاوموه راسخين في الإيمان…” (1بط5: 8-9)
– ليكن نظرنا دائمًا على يسوع… هدفنا، وسيلتنا، مرجعيتنا.
2- الثّقة في يسوع
“… ثقوا. أنا قد غلبت العالم” (يو16: 33)
3- الصوم والصلاة
” وأمَّا هذا الجنس فلا يخرج إلاَّ بالصلاة والصوم” (مت17: 21)
4- عدم الجري وراء أعمال السّحر والشّعوذة.
خواطر روحيَّة
– قال الشّيطان في قلبه هلم نجعله أعمى أخرس
هلم نعزله عن خالقه (مصدر حياته)
هلم نُقسّم مملكته وبيته وذاته
هلم نسلسله بجميع أنواع الخطايا
هلم نخطف محبته لرّبه وإلهه
هلم ندعه يُجدّف على اسم الرّبِّ
هلم نجعل شجرته فاسدةً تُخرج ثمارًا فاسدةً
هلم نلوث فكره وقلبه وشفتيه.
– لكنَّ الرّبّ قال لي:
تعال أجعلك مُبصرًا مُبشّرًا
تعال امنحك الحياة لتصير نهرًا تحيي الآخرين
تعال املأ بيتك ونفسك بجميع الخيرات
تعال احرّرك من كلِّ ما يربطك
تعال سبح ومجد اسمي في حياتك وفي حياة الآخرين
تعال اجعل شجرتك صالحةً تُثمر الصلاح
تعال املأ فكرك وقلبك وشفتيك بمحبتي
تعال نتبادل الحبَّ سويًّا
صلاة
أُصلّي إليك ياربّ أن تنير بصيرتنا بنورك المحيي الفائق للطبيعة.
أن تكون أنت شفاهنا الّتي نسبح ونمجد اسمك لجميع الخلائق.
اطرد عنَّا كلَّ انقسامٍ وتحزبٍ وصراعٍ لكي نمتليء بالمحبَّة والثّبات.
دعنا نجمع معك ولا نفرّق ضدك.
اجعل أقوالنا متطابقةً مع أقوالك، أفكارنا ملائمةً لأفكارك، أعمالنا شاهدةً على محبتك لنا.
امنحنا نعمة الكلام الحسن، والسّلوك المستقيم لكي نرضيك في جميع أيام حياتنا.
ولإلهنا كلّ كرامةٍ ومجدٍ إلى الأبد. آمين.