البابا فرنسيس : إنَّ الرحمة تجد جذورها في العلاقة الحميمة مع الآخرين
9 فبراير2021
الفاتيكان نيوز
كتبت رحيل فوكيه من المكتب الإعلامي الكاثوليكي بمصر
“لتساعدنا العذراء القديسة لكي نسمح ليسوع بأن يشفينا لكي نكون بدورنا شهودًا لحنان الله الشافي” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يقدم لنا إنجيل اليوم شفاء يسوع لحماةِ بطرس ومن ثم شفاء العديد من المرضى والمتألّمين الذين حملوهم إليه. إن شفاء حماة بطرس هو الشفاء الجسدي الأول الذي يرويه الإنجيلي مرقس: إنَّ موقف يسوع وتصرفه إزاء المرأة التي كانت في الفِراشِ مَحمومَةً يشكلان علامة مميّزة، يخبر الإنجيلي أنّه “دَنا مِنها فَأَخَذَ بِيَدِها وَأَنهَضَها”. نجد الكثير من الحنان في هذا التصرّف البسيط الذي يبدو طبيعيًّا: “فَفارَقَتها الحُمّى، وَأَخَذَت تَخدُمُهُم”. إنَّ قوة يسوع الشافية لا تواجه أيّة مقاومة؛ ويستعيد الشخص الذي شُفي حياته الطبيعية، ويفكر فورًا في الآخرين وليس بنفسه – وهذا أمر مهم، فهو علامة على “الصحة” الحقيقية!
تابع الحبر الأعظم يقول كان ذلك اليوم يوم السبت. لقد انتظر أهل القرية غروب الشمس ومن ثمَّ، بعد أن انتهى واجب الراحة، خرجوا وحملوا إِلى يَسوعَ جَميعَ المَرضى وَالمَمسوسين. فكان يشفيهم ولكنه منع الشياطين من أن تكشف أنه هو المسيح. وبالتالي، ومنذ البداية، يُظهر يسوع تفضيله للأشخاص الذين يعانون في الجسد والروح: إنه تفضيل الآب الذي يجسده ويظهره بالأفعال والكلمات. وكان تلاميذه شهود عيان على ذلك. لكن يسوع لم يكن يريدهم فقط كمتفرجين على رسالته، ولكنّه أشركهم وأرسلهم وأعطاهم أيضًا السلطان لكي يشفوا المرضى ويطردوا الشياطين. وهذا الأمر قد استمر دون انقطاع في حياة الكنيسة حتى اليوم. إن الاهتمام بالمرضى من جميع الأنواع ليس بالنسبة للكنيسة مجرّد “نشاط اختياري”، أو أمر ثانوي، لا، وإنما هو جزء لا يتجزأ من رسالتها، كما كانت رسالة يسوع: أن يحمل حنان الله إلى البشرية المتألمة. وهذا ما سيذّكرنا به بعد أيام قليلة، الحادي عشر من شباط فبراير، اليوم العالمي للمريض.
أضاف الأب الأقدس يقول إن الواقع الذي نعيشه في جميع أنحاء العالم نتيجة لهذا الوباء يجعل هذه الرسالة آنيّة. يصبح صوت أيوب، الذي يتردد صداه في الليتورجيا اليوم، مرة أخرى مترجمًا لحالتنا البشرية، السامية في الكرامة والهشة في الوقت عينه. إزاء هذا الواقع، يولد على الدوام في القلب هذا السؤال: “لماذا؟” على هذا السؤال لا يجيب يسوع، الكلمة المتجسد، بشرح، وإنما بحضور محبة تنحني، وتمسكنا بيدنا وتُنهضنا، تمامًا كما فعل مع حماة بطرس. يُظهر ابن الله سيادته ليس “من فوق”، ولا عن بُعد، وإنما بانحنائه علينا لكي يمسكنا بيدنا، هو يُظهر سيادته في القرب والحنان والرحمة. ويذكرنا إنجيل اليوم أيضًا أن هذه الرحمة تجد جذورها في العلاقة الحميمة مع الآب؛ لماذا؟ لأنّه وقبل الفجر وبعد غروب الشمس، كان يسوع يخرج ويذهب إِلى مَكانٍ قَفر ليصلّي. من هناك كان يستمدُّ القوة ليقوم بخدمته، ويعظ ويشفي.
وختم قداسة البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء القديسة لكي نسمح ليسوع بأن يشفينا – نحن بحاجة لهذا الشفاء جميعًا – لكي نكون بدورنا شهودًا لحنان الله الشافي.