stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا فرنسيس: إن ملكوت الله لا يحلُّ في العالم بواسطة العنف لأن أسلوبه في الانتشار هو الوداعة

732views

06 مارس 2019

“الله ليس مثلنا، الله صبور وملكوته لا يحلُّ بواسطة العنف” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في مقابلته العامة مع المؤمنين.

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهلَّ تعليمه الأسبوعي بالقول إن التضرّع الثاني الذي نتوجّه به إلى الله عندما نتلو “صلاة الأبانا” هو “ليأتِ ملكوتك” (متى ٦، ١٠). فبعد أن يكون قد صلّى لكي يتقدّس اسم الله، يعبِّر المؤمن عن رغبته في أن يُسرع ملكوته في المجيء. هذه الرغبة قد انبعثت، إذا صحّ القول، من قلب المسيح عينه، الذي بدأ بشارته في الجليل معلنًا: “تَمَّ الزَّمانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله. فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة” (مرقس ١، ١٥). هذه الكلمات ليست تهديدًا أبدًا، بل على العكس هي إعلان سار ورسالة فرح. إن يسوع لا يريد ان يدفع الناس إلى الإرتداد زارعًا خوف دينونة الله الوشيكة أو الشعور بالذنب بسبب الشر الذي تمَّ ارتكابه. إنَّ يسوع لا يقوم بالاقتناص وإنما هو يعلن ببساطة؛ وما يحمله هو بشرى الخلاص السارة وانطلاقًا منها يدعو إلى الارتداد. كل فرد مدعو للإيمان بالإنجيل: إنَّ سيادة الله قد أصبحت قريبة من أبنائه. هذا هو الإنجيل: إنَّ سيادة الله قد أصبحت قريبة من أبنائه. ويسوع يعلن هذا الأمر الرائع وهذه النعمة: الله الآب يحبّنا وهو قريب منا ويعلّمنا أن نسير على درب القداسة.

تابع الأب الأقدس يقول إنَّ علامات مجيء هذا الملكوت هي عديدة وجميعها إيجابية. بدأ يسوع خدمته معتنيًا بالمرضى، مرضى الجسد والروح والذين يعيشون تهميشًا اجتماعيًّا – كالبرص على سبيل المثال – والخطأة الذين ينظر إليهم الجميع باحتقار، حتى من الذين كانوا خطأة أكثر منهم ولكنّهم كانوا يتظاهرون بأنّهم أبرار. وماذا يسمّي يسوع هؤلاء الأشخاص؟ “مراؤون!”. إنَّ يسوع نفسه يشير إلى هذه العلامات، علامات ملكوت الله: “العُميانُ يُبصِرون والعُرْجُ يَمشونَ مَشْياً سَوِيّاً، البُرصُ يَبرَأُون والصُّمُّ يَسمَعون، المَوتى يَقومون والفُقراءُ يُبَشَّرون” (متى ١١، ٥).

أضاف الحبر الأعظم يقول “ليأتِ ملكوتك” يكرّر المسيحي بإصرار عندما يتلو “صلاة الأبانا”. يسوع قد أتى ولكنَّ العالم لا يزال مطبوعًا بالخطيئة، ومأهول بالعديد من الناس الذين يتألّمون، وأشخاص لا يتصالحون ولا يغفرون، وحروب وأشكال عديدة من الاستغلال، لنفكّر على سبيل المثال بالإتجار بالأطفال. جميع هذه الوقائع هي الدليل على أنَّ انتصار المسيح لم يتحقق بعد بالكامل: العديد من الرجال والنساء لا زالوا يعيشون وقلوبهم مغلقة. في هذه الحالات بالذات ينبعث من شفاه المسيحي التضرّع الثاني من “صلاة الأبانا”: “ليأتِ ملكوتك!”، والذي هو كمن يقول: “نحب بحاجة إليك أيها الآب! نحن بحاجة لك يا يسوع، نحن بحاجة لأن تكون ربًّا في وسطنا دائمًا وفي كلِّ مكان!”. “ليأتِ ملكوتك! كن أنت في وسطنا!”.

تابع البابا فرنسيس يقول نتساءل أحيانًا: لماذا يتحقق هذا الملكوت ببطئ؟ إن يسوع يحب التكلّم عن انتصاره من خلال لغة الأمثال. على سبيل المثال يقول إنَّ ملكوت الله يشبه حقلاً ينمو فيه القمح والزؤان معًا: والخطأ الأسوأ سيكون التدخّل الفوري باقتلاعنا من العالم ما يبدو لنا عشبًا موبوءًا. لكن الله ليس مثلنا، الله صبور. إن ملكوت الله لا يحلُّ في العالم بواسطة العنف: إن أسلوبه في الانتشار هو الوداعة (راجع متى ١٣، ٢٤-٣٠). ملكوت الله هو بالتأكيد قوّة كبيرة، أكبر قوّة موجودة، ولكن ليس بحسب معايير العالم؛ لذلك يبدو بأنّه لا ينال أبدًا الأكثرية الساحقة. إنّه كالخمير الذي يُعجن مع الدقيق: يختفي في الظاهر ومع ذلك فهو الذي يخمِّر العجين (راجع متى ١٣، ٣٣). أو كحبّة خردل، صغيرة لدرجة أنّها غير مرئيّة تقريبًا ولكنّها تحمل في ذاتها قوّة الطبيعة المتفجِّرة، وعندما تنمو تصبح أكبر شجرة في البستان (راجع متى ١٣، ٣١-٣٢).

أضاف الحبر الأعظم يقول في “مصير” ملكوت الله هذا يمكننا أن نفهم حبكة حياة يسوع: لقد كان هو أيضًا بالنسبة لمعاصريه علامة ضعيفة وحدثًا غير معروف بالنسبة للمؤرخين الرسميين لزمنه. لقد شبّه نفسه بـ “حبّة الحنطة” التي تموت في الأرض ولكنّها هكذا فقط يمكنها أن تحمل “ثمرًا كثيرًا” (راجع يوحنا ١٢، ٢٤). إنَّ علامة البذرة بليغة جدًّا: في أحد الأيام يلقيها المزارع في الأرض (علامة تبدو وكأنها دفن) ومن ثمَّ “سَواءٌ نامَ أو قامَ لَيلَ نَهار، فالبَذْرُ يَنبُتُ ويَنمي، وهو لا يَدري كيفَ يَكونُ ذلك” (مرقس ٤، ٢٧). إن البذرة التي تنبت هي عمل الله أكثر من عمل الرجل الذي زرعها (راجع مرقس ٤، ٢٧). إن الله يسبقنا على الدوام، الله يفاجئنا دائمًا. بفضله بعد ليلة جمعة الآلام يأتي فجر قيامة قادر على أن يضيء العالم بأسره بالرجاء. “ليأتِ ملكوتك!” لنزرع هذه الكلمة وسط خطايانا وإخفاقاتنا. ولنهدها للأشخاص الذين غلبتهم وأخضعتهم الحياة، وللذين ذاقوا الحقد أكثر من الحب والذين عاشوا أيامًا بدون فائدة دون أن يفهموا السبب. لنعطها للذين كافحوا في سبيل العدالة ولجميع شهداء التاريخ وللذين اكتشفوا أنّهم حاربوا بلا جدوى وأن الشرَّ هو الذي يسيطر في هذا العالم.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول سنشعر عندها أنَّ “صلاة الأبانا” تجيبنا. ستكرر للمرّة الألف كلمات الرجاء تلك، الكلمات عينها التي وضعها الروح القدس ختمًا لجميع الكتب المقدّسة: “أَجَل، إِنِّي آت ٍعلى عَجل!”. هذا هو جواب الرب: “إِنِّي آت ٍعلى عَجل! آمين!” وتجيب كنيسة الرب: “تَعالَ، أَيُّها الرَّبُّ يَسوع” (راجع سفر الرؤيا ٢٢، ٢٠). “ليأتِ ملكوتك” هي كمن يقول “تعال أيها الرب يسوع”. ويسوع يقول: “إِنِّي آت ٍعلى عَجل!” ويسوع يأتي يوميًّا وإنما على طريقته، لنثق بهذا الأمر. وعندما نتلو “صلاة الأبانا” لنقل على الدوام “ليأتِ ملكوتك” لكي نسمع في قلوبنا: “أَجَل، إِنِّي آت ٍعلى عَجل!”.

نقلا عن الفاتيكان نيوز