البابا فرنسيس: الله هو لنا الصديق الكبير والحليف والأب
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود من المؤمنين احتشدوا في ساحة القديس بطرس، ووجه كلمة استهلها بالقول يشكّل إنجيل اليوم دعوة قويّة للثقة بالله الذي يعتني بالكائنات الحيّة في الخليقة. هو يؤمِّن الغذاء لجميع الحيوانات ويعتني بزنابق وعشب الحقل، ونظرته المحبّة تسهر يوميًّا على حياتنا التي تسير تحت ثقل اهتمامات كثيرة قد تسلبنا السكينة والاتِّزان؛ لكن هذا القلق غالبًا ما يكون بدون فائدة لأنّه لا يمكنه أن يغيِّر مجرى الأحداث. ويسوع يحثُّنا دائمًا كي لا نهتمَّ ونقلق للغد ويذكّرنا أن فوق كل شيء هناك أب محب لا ينسى أبدًا أبناءه: إن الثقة به لا تحل المشاكل بشكل سحريّ ولكنها تسمح لنا بمواجهتها بالروح المناسب.
تابع الأب الأقدس يقول إن الله ليس كائنًا بعيدًا ومجهولاً: هو ملجأنا ومصدر سكينتنا وسلامنا. إنه صخرة خلاصنا التي يمكننا أن نتمسّك بها مدركين أننا لن نسقط؛ إنه حمايتنا من الشر المتربِّص بنا. الله هو لنا الصديق الكبير والحليف والأب ولكننا غالبًا ما لا نتيقن لهذا الأمر، ونفضّل الاعتماد على الخيور الفوريّة وننسى أو نرفض أحيانًا الخير الأسمى أي محبّة الله الوالديّة. نحن نبتعد عن محبّة الله عندما نذهب بحثًا عن الخيور الأرضيّة والغنى مُظهرين محبّة مُفرطة لهذه الأمور.
أضاف الحبر الأعظم يقول لنا يسوع أن هذا البحث المرهق هو وهمي ويدفع للتعاسة، لذلك يعطي تلاميذه قاعدة أساسيّة للحياة: “اطلُبوا أَوَّلاً مَلَكوتَ الله وَبِرَّهُ”، أي أن يحققوا المشروع الذي أعلنه يسوع في عظة الجبل وهو الثقة بالله الذي لا يخيِّب والاجتهاد كوكلاء أمناء على الخيور التي منحنا إياها بدون مبالغة كما لو كان كل شيء حتى خلاصنا متعلّق بنا فقط. إن هذا الموقف الإنجيلي يتطلّب خياراً واضحًا يشير إليه إنجيل اليوم بدقّة “لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا للهِ وَلِلمال”. فإما الله أو الأصنام الجذابة والخدّاعة. وهذا الخيار الذي دُعينا للقيام به ينعكس من ثمَّ في جميع أعمالنا وبرامجنا والتزاماتنا. إنّه خيار ينبغي علينا القيام به بشكل واضح وأن نجدّده دائمًا لأن تجارب تحويل كل شيء إلى مال ولذّة وسلطة هي متواصلة باستمرار.
تابع الأب الأقدس يقول بينما يحمل إكرام هذه الأصنام نتائج ملموسة بالرغم من زوالها، لكنّ اختيار الله وملكوته لا يُظهر دائمًا ثماره بشكل فوري، لأنه قرار نتّخذه بالرجاء ويترك تحقيقه الكامل لله. فالرجاء المسيحي يتوق إلى التحقيق المستقبلي لوعد الله ولا يتوقّف أمام أي صعوبة لأنه يقوم على أمانة الله التي لا تخذلنا. وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء مريم كي نستسلم لمحبّة الآب السماوي وصلاحه ونعيش به ومعه. هذا هو الشرط لتخطّي عذابات الحياة وضيقاتها والاضطهادات أيضًا كما تُظهر لنا شهادة العديد من إخوتنا وأخواتنا.
الفاتيكان