البابا فرنسيس: الموت ليس نهاية كل شيء إنما هو بداية جديدة

نقلا عن الفاتيكان نيوز
22 أبريل2025
كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .
في أعقاب وفاة البابا فرنسيس ننشر مقدمة كتاب للكاردينال أنجيلو سكولا بعنوان “بانتظار بداية جديدة. تأملات حول الشيخوخة” كتبها البابا فرنسيس في السابع من شباط فبراير الماضي، مع العلم أن هذا المجلد سيُباع في المكتبات الإيطالية بدءاً من يوم الخميس الرابع والعشرين من الجاري.
كتب الحبر الأعظم أنه قرأ بتأثر شديد صفحات هذا الكتاب، معبراً عن امتنانه للكاردينال سكولا على تأملاته هذه التي تجمع بين خبرته الشخصية والأبعاد الثقافية للشيخوخة، مشيرا إلى أن الخبرة تُنير الثقافة، فيما الثقافة تعضد الخبرة، وبفضل هذا التشابك السعيد بين الحياة والثقافة يولد الجمال.
بعدها لفت البابا إلى أن الكاردينال سكولا يتحدث عن الشيخوخة، التي جاءته بشكل لم يكن متوقعاً، وأتت بسرعة لم تكن مرتقبة. وأضاف فرنسيس أنه يتعين على الإنسان ألا يخاف من الشيخوخة، ويجب ألا يخشى من كونه شيخاً، أو عجوزاً، كما يمكن أن يقال له، إذ لا بد من مواجهة واقع الحياة كي لا نخون الحقائق. وأوضح أن المؤلف حاول من خلال هذا الكتاب أن يعيد بعض الفخر والاعتزاز إلى الأشخاص المتقدمين في السن، خصوصا وأن المجتمع ينظر غالباً بسلبية إلى الأشخاص المسنين. لكن في الواقع إن الشيخوخة تعني الخبرة والحكمة والعلم والتمييز والإصغاء، وهي قيم نحن بأمس الحاجة إليها.
ورأى البابا الراحل أن المشكلة لا تكمن في أن يصبح المرء شيخاً، بل في كيف يصبح شيخاً: إذا ما عاش الإنسان هذه المرحلة من حياته على أنها نعمة، وإذا ما تقبل وضعه إزاء تراجع قواه البدنية، وازدياد التعب، هكذا تصبح الشيخوخة مرحلة من الحياة تتميز بالخصوبة ويمكنها أن تشع خيراً.
هذا ثم أشار فرنسيس إلى أن الكاردينال سكولا يسلط الضوء على القيمة الإنسانية والاجتماعية للأجداد. وهو موضوع تطرق إليه البابا الراحل في أكثر من مناسبة خصوصا وأن الأجداد يلعبون دوراً بالغ الأهمية في الحفاظ على توزان الشبيبة، وفي إرساء أسس مجتمع مسالم. وذلك لأن مَثلهم وكلمتهم وحكمتهم قادرة على أن تغرس لدى الشبان ذكرى الماضي وأن تساعدهم على الرسوخ في القيم التي تدوم. وهنا تصبح حكمة الأجداد منارة تضيء الآخرين وتبدد المخاوف والشكوك وتدل الأحفاد على الدرب الواجب اتباعها.
وأضاف أن الحبر الأعظم أن كلمات المؤلف بشأن الألم، الذي غالباً ما يرافق الشيخوخة وصولا إلى الموت، هي جواهر ثمينة مفعمة بالإيمان والرجاء. وذكّر بهذا السياق في ما قاله اللاهوتي هانس أورس فون بالتاسار والبابا بندكتس السادس عشر عندما تحدثا عن لاهوت يمارسه المسن وهو جاثٍ على ركبتيه، إنه لاهوت مفعم بالصلاة وبالحوار مع الرب. وذكّر فرنسيس بأن الإيمان المسيحي يذكرنا بأن المسيحية ليست نشاطاً فكرياً، أو خياراً خلقياً، بل وُلدت من عطف شخص الرب يسوع المسيح الذي جاء لملاقاة الإنسان، وقرر أن يجعلنا أصدقاءه.
بعدها ذكّر فرنسيس بأن الكتاب الجديد يطالع القارئ بالطريقة التي يستعد فيها الكاردينال سكولا لملاقاة الرب يسوع، لافتا إلى أن الموت ليس نهاية كل شيء، بل هو في الواقع بداية شيء ما. إنه بداية جديدة، كما يؤكد عنوان الكتاب، لأن الحياة الأبدية، التي يختبرها من يعيشون المحبة يومياً على هذه الأرض، هي بداية شيء لا ولن يعرف نهاية. لهذا السبب إن الموت هو بداية جديدة، لأن الإنسان يعيش شيئا لم يختبره في حياته، ألا وهو الأبدية.
في ختام مقدمة الكتاب لفت البابا الراحل إلى أنه يود أن يكرر ما فعله في اليوم الذي لبس فيه للمرة الأولى اللباس البابوي، عندما عانق الكاردينال سكولا، في آذار مارس ٢٠١٣. وأضاف فرنسيس أن الرجلين تقدما في السن منذ ذلك اليوم لكن يجمعهما امتنانهما لله الذي يهب الحياة والرجاء في جميع مراحل الحياة.