البابا فرنسيس: بالمغفرة يتجدد القلب ويستعيد شبابه!
ترأس قداسة البابا فرنسيس عصر أمس الجمعة رتبة توبة في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان في إطار المبادرة التي ينظمها المجلس البابوي لتعزيز البشارة الجديدة بالإنجيل تحت عنوان “أربع وعشرون ساعة من أجل الرب” بالتزامن مع العديد من أبرشيات العالم، وقد تخللت الرتبة عظة للأب الأقدس استهلها بالقول: تجدد الكنيسة في زمن الصوم باسم الله الدعوة للتوبة. إنها دعوة لتغيير الحياة. فالتوبة ليست مسألة زمن أو فترة من السنة وإنما هي التزام يدوم طول الحياة. من منا يمكنه ألا يعتبر نفسه خاطئًا؟ لا أحد! يكتب القديس يوحنا الرسول: “إذا قلنا: “إننا بلا خطيئة” ضللنا أنفسنا ولم يكن الحق فينا. وإذا اعترفنا بخطايانا فإنه أمين بار يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم” (١ يوحنا ١، ٨- ٩) وهذا ما يحصل أيضًا هذا الاحتفال ويوم التوبة هذا. وكلمة الله التي سمعناها تدخلنا في عنصرين أساسيين للحياة المسيحية.
العنصر الأول، تابع البابا يقول، هو أن نلبس الإنسان الجديد. الإنسان الجديد “المخلوق بحسب الله” (أفسس ٤، ٢٤)، يولد في المعمودية حيث ننال حياة الله الذي يجعلنا أبناءه ويدخلنا في المسيح وكنيسته. وهذه الحياة الجديدة تسمح لنا بالنظر إلى الواقع بأعين مختلفة دون أن نتلهى بالأمور غير المهمة والتي لا يمكنها أن تدوم إلى الأبد. لذلك نحن مدعوون للابتعاد عن تصرفات الخطيئة وتثبيت أنظارنا على الجوهري. “فقيمةُ الإنسان هي في ذاته أكثر مما هي في مقتناه” (دستور رعائي في الكنيسة في عالم اليوم عدد ٣٥) وهذا هو الفرق بين الحياة المشوهة بالخطيئة وتلك التي تنيرها النعمة. من قلب الإنسان المتجدد بحسب الله تأتي التصرفات الصالحة: أن نقول الحقيقة دائمًا ونبتعد عن الكذب، أن نمتنع عن السرقة ونشارك الآخرين ما نملك لاسيما من يعيش في العوز، ألا نستسلم للغضب والانتقام بل أن نكون ودعاء ومتواضعين مستعدين للمغفرة، أن نبتعد عن كلام السوء الذي يدمر سمعة الأشخاص وننظر إلى الناحية الايجابية لكل شخص.
أما العنصر الثاني، أضاف الأب الأقدس يقول، فهو الثبات في المحبة. إن محبة يسوع تدوم إلى الأبد لأنها حياة الله. وهذه المحبة تنتصر على الخطيئة وتعطي القوة للنهوض والبدء من جديد لأنه بالمغفرة يتجدد القلب ويستعيد شبابه. إن أبانا لا يتعب أبدًا من محبتنا وعيناه لا تثقلان من النظر إلى الدرب المؤدي إلى البيت ليرى إن كان الابن الذي ذهب وضاع سيعود إلى البيت. وهذا الأب أيضا لا يتعب أبدًا من محبة الابن الآخر الذي بالرغم من بقائه في البيت لم يشاركه رحمته وشفقته. فالله ليس مصدر الحب فقط وإنما هو يدعونا بيسوع المسيح للتشبه بطريقة حبه: “كما أحببتكم أحبوا أنتم أيضا بعضكم بعضا” (يوحنا ١٣، ٣٤). وبقدر ما يعيش المسيحيون هذا الحب يصبحون تلاميذًا حقيقيين للمسيح في العالم، لأن الحب لا يحتمل أن يبقى منغلقًا على نفسه لأنه بطبيعته منفتح، ينتشر وهو خصب ويولد دائمًا حبًا جديدًا.
وختم الأب الأقدس عظته بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، في ختام هذا الاحتفال سيصبح العديد منكم رسلاً يحملون للآخرين خبرة المصالحة مع الله. ولجميع الذين ستلتقونهم يمكنكم أن تنقلوا فرح نوال المغفرة من الآب واستعادة الصداقة الكاملة معه. فالذي اختبر الرحمة الإلهية مدعو ليصبح بدوره صانع رحمة بين الصغار والفقراء. فيسوع ينتظرنا في هؤلاء “الإخوة الصغار” (راجع متى ٢٥، ٤٠) لنذهب إلى لقائه فنحتفل بعيد الفصح بفرح الرب!
إذاعة الفاتيكان