البابا فرنسيس: ديكتاتورية الفكر الموحّد تقتل حرية الشعوب!
“إن ديكتاتورية الفكر الموحّد تقتل حرية الشعوب وحرية الضمائر ولذلك من الضروري أن نسهر ونصلّي” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
قال البابا فرنسيس: وعد الله إبراهيم قائلاً: “ها أَنا أَجعَلُ عَهدي معَكَ، وتكونُ أَبا جُمهورِ أُمم… فاَحفَظ عَهدي، أَنتَ ونَسْلُكَ مِن بَعدِكَ مَدى أَجْيالِهِم”. استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من سفر التكوين ليشرح من بعدها انغلاق الفريسيين على رسالة يسوع وقال إن خطأ الفريسيين يكمن في أنهم نزعوا الوصايا من قلب الله، لقد كانوا يعتقدون أن كلُّ شيء يجد حله في المحافظة على الوصايا، لكن هذه الوصايا ليست مجرد “شريعة باردة”، لأنها ولدت من علاقة حب وهي التوجيهات التي تساعدنا لكي لا نخطئ في مسيرتنا للقاء بيسوع. لقد أغلق الفريسيّون قلوبهم وأذهانهم على كل ما كان جديدًا ولم يفهموا طريق الرجاء. هذه هي مأساة القلب المُغلق والذهن المغلق، إذ عندما ينغلق القلب يغلق معه الذهن أيضًا فلا يتركان مكانًا لله ويبقى المرء منغلقًا على معتقداته. لقد حملت الوصايا وعدًا والأنبياء قد أيقظوا هذا الوعد أيضًا. لكن الذين أغلقوا قلوبهم وأذهانهم لم يفهموا ولم يتمكنوا من قبول “رسالة الحداثة” التي حملها يسوع والتي هي تحقيق ما وعد به الله الأمين وما وعد به الأنبياء!
تابع الأب الأقدس يقول: إنه فكر منغلق حتى على الحوار، فهو لا يقبل حتى فكرة أن الله بإمكانه أن يكلمنا ويقول لنا ما هي المسيرة التي يريدنا أن نتخذها تمامًا كما فعل مع الأنبياء. فهؤلاء الأشخاص لم يصغوا إلى أقوال الأنبياء ولم يصغوا إلى تعاليم يسوع. وهذا أكثر من مجرّد عناد وتصلّب! إنها عبادة الفكر الشخصي، كمن يقول: “هذا هو رأيي وعلى الأمور أن تسير بهذا الشكل! اختتم البيان!” إنهم أشخاص ذوي فكر موحد وأرادوا أن يفرضوه على شعب الله ولذلك وبّخهم يسوع قائلاً: “أنتم تحمّلون الناس أحمالا عسرة الحمل وأنتم لا تمسون الأحمال بإحدى أصابعكم”.
أضاف الحبر الأعظم يقول: لقد وبخهم يسوع لعدم صدق شهادتهم، حتى لاهوتهم قد أصبح عبدًا لهذا المخطط الفكري الموحد: دون إمكانية للحوار والانفتاح على الحداثة التي حملها الله والأنبياء. لقد قتلوا الأنبياء، وأغلقوا الأبواب أمام وعود الله! لقد شهد تاريخ البشريّة على ظاهرة الفكر الموحّد لاسيما خلال القرن الماضي فقد رأينا جميعًا كيف أدت بعض دكتاتوريات الفكر الموحد المسيطرة إلى قتل العديد من الأشخاص.
حتى في يومنا هذا، تابع البابا فرنسيس يقول، لا نزال نجد ظاهرة عبادة الفكر الشخصي هذه، إذ يسود هذا المنطق: “هذه هي طريقة التفكير اليوم، عن لم تكن ممن يفكرون بهذا الشكل فأنت متخلّف وغير منفتح” حتى في يومنا هذا نجد ديكتاتورية الفكر الموحّد، إنها ديكتاتورية الفريسيين عينها التي تأخذ الحجارة لترجم حرية الشعوب وحرية الضمائر وحرية العلاقة مع الله، وبالتالي يُصلب مرّة أخرى يسوع في زمننا الحاضر! وختم الأب الأقدس عظته بالقول: يدعونا الله اليوم أمام هذه الديكتاتورية للسهر والصلاة لكي يمنحنا الرب حرية القلب المنفتح لنقبل كلمته وعد الفرح والعهد! فنسير بهذا العهد قدًما إلى الأمام!
إذاعة الفاتيكان