البابا فرنسيس: نحن شعب يخدم الله ويعيش في الحرية التي يمنحنا إيّاها!
ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت القداس الإلهي في إستاد كامبوباسو بحضور حشد كبير من المؤمنين وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول: لقد ذكرتنا القراءة الأولى بمميّزات الحكمة الإلهية التي تحرّر من الشرّ والظلم جميع الذين يخدمون الرب. فهو في الواقع لا يقف على الحياد ولكنه بحكمته يقف إلى جانب الأشخاص الضعفاء والمظلومين الذين يستسلمون بثقة له. وخبرة يعقوب ويوسف هذه التي يخبرنا عنها العهد القديم تظهر لنا جانبين أساسيين من حياة الكنيسة: أنها شعب يخدم الله وبأنها شعب يعيش في الحرية التي منحها الله إيّاها.
تابع البابا فرنسيس يقول: أولاً، نحن شعب يخدم الله. وخدمة الله تتحقق من خلال أشكال مختلفة ولاسيما بالصلاة وإعلان الإنجيل وشهادة المحبة. وأيقونة الكنيسة على الدوام هي العذراء مريم، “أمة الرب” (لوقا 1، 38؛ راجع 1، 48). فبعد أن نالت إعلان البشرى من الملاك وحملت بيسوع، انطلقت مريم مسرعة لمساعدة نسيبتها المسنة أليصابات. وتظهر بهذا الشكل أن السبيل المفضل لخدمة الله هو خدمة الإخوة المحتاجين.
أضاف الحبر الأعظم يقول: في مدرسة الأم، تتعلّم الكنيسة أن تصبح يوميًا “أمةً للرب”، وأن تكون مستعدّة للانطلاق للقاء حالات العوز الشديد وأن تعتني بالصغار والمهمشين. فجميعنا قد دُعينا لعيش خدمة المحبة في واقعنا الاعتيادي: في العائلة والرعية، في العمل ومع الجيران… فشهادة المحبة هي الطريق الأول للبشارة. وفي هذا الإطار كانت الكنيسة على الدوام “في الصفوف الأولى” حضورًا والديًّا وأخويًّا يتقاسم صعوبات الشعب وضعفه. بهذا الشكل تحاول الجماعة المسيحية أن تبث في المجتمع ذلك الروح الذي يسمح بالنظر إلى أبعد وبالرجاء. وهذا ما تفعلونه أيضًا بسخاء أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في هذه الأبرشية، يدعمكم حماس أسقفكم الراعوي. أشجعكم جميعًا كهنة وأشخاصًا مكرّسين وعلمانيين مؤمنين على المثابرة في هذه الدرب في خدمة الرب من خلال خدمة الإخوة، ناشرين في كل مكان ثقافة التضامن. هناك حاجة ماسة لهذا الالتزام أمام حالات التداعي المادي والروحي، وخصوصًا أمام البطالة، آفة تتطلب جهودًا وشجاعة من قبل الجميع. فتحدّي العمل هو تحدٍّ يُسائل بشكل خاص مسؤولية المؤسسات وعالم المقاولة والاقتصاد. لذلك من الأهمية بمكان أن توضع كرامة الشخص البشري في محور كل منظار وعمل، أما المصالح الأخرى فتبقى ثانوية بالرغم من شرعيّتها.
تابع الأب الأقدس يقول: فالكنيسة إذًا هي الشعب الذي يخدم الله. ولذلك يختبر الشعب التحرر ويعيش هذه الحرية التي يمنحه الله إياها. أولا الحرية من الخطيئة، ومن الأنانيّة بجميع أشكالها: الحرية في بذل الذات وبفرح على مثال عذراء الناصرة التي لم تفكر بنفسها بل بمن هي بأكثر حاجة منها. فهي تتمتع بحرية الله تلك الحرية التي تتحقق بواسطة الحب! هذه هي الحرية التي، وبنعمة الله، نختبرها في الجماعة المسيحية عندما نضع أنفسنا في خدمة بعضنا البعض. عندها يحررنا الرب من المطامع والمنافسات التي تهدد الوحدة والشركة. يحررنا من عدم الثقة والحزن، من الخوف والفراغ الداخلي، من العزلة والندم والتأفف. في الواقع حتى في جماعاتنا لا تنقص التصرفات السلبية التي تجعل الأشخاص مرجعًا لذواتهم يهتمون بالدفاع عن أنفسهم أكثر من بذل ذواتهم في سبيل الآخرين. لكن المسيح يحررنا من هذه العزلة الوجوديّة، كما أعلنّا في المزمور: “أنت نصرتي ومخلّصي”. لذلك فتلاميذ الرب، وبالرغم من أنهم ضعفاء وخطأة، هم مدعوون ليعيشوا بفرح وشجاعة إيمانهم والشركة مع الله والإخوة ويواجهوا بقوة تعب الحياة ومحنها.
وختم البابا فرنسيس عظته في إستاد كامبوباسو بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لتنال لكم العذراء التي تكرمونها بشكل خاص باسم سيّدة الحرية فرح خدمة الرب والسير بالحرية التي منحنا إياها: حرية العبادة والصلاة وخدمة الآخرين. لتساعدكم مريم لتكونوا كنيسة والدية، كنيسة تستقبل وتهتّم بالجميع. ولتكن على الدوام بقربكم وبقرب مرضاكم ومُسنّيكُم وشبابكم. ولتكن لشعبكم بأسره علامة عزاء ورجاء أكيد. لترافقنا العذراء سيدة الحرية وتساعدنا وتعزينا وتمنحنا السلام والفرح!
الفاتيكان