البابا فرنسيس يحيّي أسقف ريميني ومنظمي لقاء الصداقة في هذه المدينة والمشاركين فيه
17 أغسطس 2019
تثبيت الأنظار على يسوع كان محور رسالة تحمل توقيع الكاردينال بارولين، حيا فيها قداسة البابا فرنسيس لقاء ريميني للصداقة بين الشعوب والذي تبدأ غدا دورته الأربعون.
يبدأ في 18 ويستمر حتى 24 أغسطس – أب الجاري لقاء الصداقة بين الشعوب في مدينة ريميني الإيطالية والذي يبلغ هذا العام دورته الأربعين. ولهذه المناسبة وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة تحمل توقيع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين إلى أسقف ريميني المطران فرنشيسكو لامبيازي. أكدت الرسالة في البداية تحيات الأب الأقدس الحارة إلى الأسقف ومنظمي اللقاء والمتطوعين والمشاركين فيه. ثم توقفت الرسالة عند الموضوع الذي اختير محور لقاء هذا العام والمستوحى من قصيدة للقديس يوحنا بولس الثاني تتحدث عن فيرونيكا التي مسحت وجه يسوع وعنوان القصيدة “مما ثبتِّ عليه نظرك وُلد اسمك”. وذكّرت الرسالة بعد ذلك بحديث خادم الله الأب لويجي جوزاني عن هذه الصورة الشعرية متخيلا الجموع بينما يمر المسيح حاملا الصليب، ينظر إليه الجميع بينما تثبِّت هي نظرها عليه فينفتح شق في الجموع، ثم ينظر إليها الجميع، كانت امرأة كالنساء الأخريات بلا اسم لكنها نالت اسما ووجها وشخصية في التاريخ ونتذكرها اليوم لما ثبتت عليه نظرها: المحبة التي تؤكد الآخر. تابعت رسالة الأب الأقدس مذكرة بحديث القديس أغسطينوس الذي يتوقف فيه عند زكا العشار، والذي لم يكن ليرى إن لم ينظر إليه يسوع. وواصلت الرسالة أن هذه هي الحقيقة التي تعلنها الكنيسة، أن المسيح أحبنا وبذل حياته من أجلنا، من أجل كل واحد منا، لتأكيد وجهنا الفريد وغير المتكرر. وتساءلت الرسالة من أين تأتي أهمية أن يتردد صدى هذا الإعلان مجددا اليوم؟ وتأتي الإجابة: من كون كثيرين من معاصرينا يسقطون جراء تجارب الحياة ويجدون أنفسهم وحيدين ومتروكين، وغالبا ما يعامَلون وكأنهم أرقام في إحصائية، فلنفكر في الآلاف الذين يفرون كل يوم من الحروب والفقر، إن هؤلاء وقبل أن يكونوا أرقاما هم وجوه وأشخاص، أسماء وقصص. ودعا البابا فرنسيس إلى عدم نسيان هذ ابدا، وخاصة عندما تمارس ثقافة الإقصاء التهميش والتمييز والاستغلال مهددة كرامة كل شخص.
وتابعت رسالة البابا فرنسيس إلى أسقف ريميني لمناسبة لقاء الصداقة بين الشعوب في هذه المدينة الإيطالية مؤكدة أن الكثيرين من المنسيين هم في حاجة عاجلة إلى أن يروا وجه الرب كي يجدوا أنفسهم مجددا. وأضافت ان إنسان اليوم يعيش غالبا في عدم يقين ويبدو أنه بلا قوة حتى ويسيطر عليه الخوف بسهولة. أي رجاء يمكن أن يكون في هذا العالم إذاً؟ وكيف يمكن للإنسان أن يعثر مجددا على نفسه وعلى الرجاء؟ وتجيب الرسالة أن هذا لا يمكن أن يحدث من خلال المنطق أو الاستراتيجية، بل أن سر الحياة هو أن نثبِّت النظر على وجه يسوع، فالنظر إلى يسوع ينقي الرؤية ويُعدِّنا للنظر إلى كل شيء بأعين جديدة. بلقاء يسوع، وجد الفقراء والبسطاء أنفسهم مجددا وشعورا بأنهم محبوبون بشكل كبير، محبة لا حدود لها.
وواصلت رسالة البابا فرنسيس أنه في زمن غالبا ما يكون فيه الأشخاص بلا وجه، مجهولين، لأنه ليس هناك مَن يثبِّتون عليه أنظارهم، فإن شعر القديس يوحنا يولس الثاني يذكِّرنا بأننا نوجد حين نكون في علاقة. وذكّر الكاردينال بارولين في هذا السياق بأن البابا فرنسيس يحب التذكير بهذا الأمر انطلاقا من دعوة متى: “ومَضى يسوعُ فَرأَى في طَريقِه رَجُلاً جالِساً في بَيتِ الجِبايَةِ يُقالُ لَه مَتَّى، فقالَ لَه: ((اتِبَعْني! )) فقامَ فَتَبِعَه”، وكان قداسة البابا قد تحدث عن فعل يسوع هذا في عظته مترئسا القداس في أولغوين في كوبا في 21 سبتمبر – أيلول 2015 خلال زيارته الرسولية إلى هذا البلد، حين قال قداسته: “كم كانت كبيرة قوّة المحبّة في نظرة يسوع كي تؤثر في متّى كما فعلت! كم من القوة كانت تملك تلك العينان كي تجعله يقوم! .. يسوع توقّف ولم يمرّ بعجل، نظر إليه على مهل، نظر إليه بهدوء. نظر إليه بعيون ملؤها الرحمة؛ نظر إليه كما لم ينظر إليه أحد من قَبْل. وهذه النظرة فتحت قلبه، جعلته حرّا، وشَفَتْه، وأعطته الرجاء وحياة جديدة”. وتابعت الرسالة أن هذ هو ما يجعل للمسيحي حضورا مختلفا في العالم، وذلك لأنه يحمل إعلانا يتعطش إليه بشكل كبير رجال ونساء زمننا، وهو أن بيننا هناك مَن هو رجاء الحياة. وأكدت الرسالة أننا سنتميز بالأصالة إن أصبح وجهنا مرآة لوجه المسيح القائم، وهو أمر يكون ممكنا حين نكبر في الوعي الذي دعا إليه يسوع تلاميذه عندما “رَجَعَ التَّلامِذَةُ الاثنانِ والسَّبعونَ وقالوا فَرِحين: ((يا ربّ، حتَّى الشَّياطينُ تَخضَعُ لَنا بِاسمِكَ)). فقالَ لَهم: … بلِ افرَحوا بِأَنَّ أَسماءَكُم مَكْتوبَةٌ في السَّموات” (لو 10، 20-21). هذه هي أعجوبة الأعاجيب ومصدر الفرح العميق الذي لا يمكن لشيء أو لأحد أن يسلبنا إياه، أسماؤنا المكتوبة في السموات، لا بفضل استحقاق لنا بل كعطية تلَقاها كل واحد منا بالمعمودية، عطية نحن مدعوون لتقاسمها مع الجميع بدون استثناء، وهذا هو معنى أن نكون تلاميذ مرسلين.
ثم ختمت الرسالة التي تحمل توقيع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين الموجهة إلى أسقف ريميني المطران فرنشيسكو لامبيازي، لمناسبة لقاء الصداقة بين الشعوب الذي يُعقد في هذه المدينة الإيطالية، مؤكدة رجاء قداسة البابا فرنسيس أن يكون هذا اللقاء دائما مكانا مضيافا يمكن فيه للأشخاص أن يثبِّتوا أنظارهم مختبرين هويتهم، فهذا هو الأسلوب الأجمل للاحتفال بالدورة الأربعين للقاء، ناظرين إلى الامام بدون حنين إلى الماضي أو خوف يدعمنا حضور يسوع ومنغمسين في جسده الذي هو الكنيسة. أعرب قداسة البابا أيضا عن الرجاء في أن تكون هذه العقود الأربعة من التزام متواظب وعمل رسولي تحفيزا لطاقات جديدة للشهادة للإيمان المنفتح على الآفاق الكبيرة للاحتياجات المعاصرة. أكدت الرسالة في الختام طلب البابا فرنسيس حماية العذراء مريم ومنحه البركة الرسولية للأسقف ولجماعة اللقاء بأسرها
نقلا عن الفاتيكان نيوز