البابا فرنسيس : يسوع هو يد الآب الذي لا يتركنا أبدًا
نقلا عن الفاتيكان نيوز
9 أغسطس 2020
“يسوع هو القائم من بين الأموات والرب الذي عبر الموت لكي يحملنا إلى برِّ الأمان، وقبل أن نبدأ بالبحث عنه يكون هو بقربنا، وإذ ينهضنا من سقطتنا يجعلنا ننمو في الإيمان” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يتحدّث إنجيل هذا الأحد عن يسوع الذي يسير على مياه البحيرة في العاصفة. بعد أن أشبع الجموع بخمسة أرغفة وسمكتين – كما رأينا الأحد الماضي – أَجبَرَ يسوع التَّلاميذَ لِوَقتِه أَن يَركَبوا السَّفينَةَ وَيَتَقَدَّموهُ إِلى الشَّاطِئِ المُقابِل حتى يَصرِفَ الجُموع. ولمَّا صرَفَهم صَعِدَ الجَبَلَ لِيُصَلِّيَ في العُزلَة. وغاص في الشركة مع الآب.
تابع البابا فرنسيس يقول أثناء عبور البحيرة ليلاً، تعرَّضت سفينة التلاميذ لعاصفة رياح مفاجئة، ورأوا شخصًا يمشي على الماء قادمًا نحوهم. فاضطَرَبوا وقالوا: “هذا خَيَال!” ومِن خَوفِهم صَرَخوا. فبادَرهم يسوعُ بِقَولِه: “ثِقوا. أَنا هو، لا تَخافوا!”؛ فأَجابَه بُطرس: “يا رَبِّ، إِن كُنتَ إِيَّاه، فمُرني أَن آتِيَ إِلَيكَ على الماء”. فقالَ لَه: “تَعالَ!” فنَزَلَ بُطرُسُ مِنَ السَّفينَةِ وقام ببضع خطوات، ولكِنَّه خافَ عندَما رأَى شِدَّةَ الرِّيح، فَأَخَذَ يَغرَق، فصَرَخ: “يا رَبّ، نَجِّني!” فمَدَّ يسوعُ يَدَه لِوَقْتِه وأَمسكَه وهُو يقولُ له: “يا قَليلَ الإِيمان، لِماذا شَكَكْتَ؟”.
أضاف الأب الاقدس يقول هذه الرواية هي دعوة للاستسلام بثقة إلى الله في كلِّ مرحلة من حياتنا ولاسيما عند ساعة التجربة والاضطراب. عندما نشعر بقوّة بالشك والخوف وبدا لنا أننا نغرق، لا يجب أن نخجل من أن نصرخ على مثال بطرس: “يا رَبّ، نَجِّني!”. إنها صلاة جميلة ويمكننا أن نتأمّل مطولاً بتصرّف يسوع الذي مدّ يده فورًا وأمسك يد صديقه: هذا هو يسوع، إنه يد الآب الذي لا يتركنا أبدًا، اليد القوية والأمينة للآب الذي يريد فقط خيرنا على الدوام.
تابع الحبر الأعظم يقول ألله ليس الإعصار ولا النار ولا الزلزال – كما تذكرنا اليوم أيضًا الرواية حول النبي إيليا –؛ الله هو صوت النسيم اللطيف الذي لا يفرض نفسه بل يطلب بان يتمَّ الإصغاء إليه. أن نؤمن يعني أن نوجّه، وسط العاصفة، قلوبنا إلى الله وإلى محبّته وإلى حنان الآب؛ وهذا ما أراد يسوع أن يعلّمه لبطرس وللتلاميذ ولنا نحن اليوم أيضًا. هو يعرف جيّدًا أن إيماننا ضعيف وأنّه يمكن لمسيرتنا أن تكون محفوفة بالمصاعب أو أن تُعيقها قوى معادية، ولكنّه هو القائم من بين الأموات والرب الذي عبر الموت لكي يحملنا إلى برِّ الأمان، وقبل أن نبدأ بالبحث عنه يكون هو بقربنا، وإذ ينهضنا من سقطتنا يجعلنا ننمو في الإيمان.
أضاف الأب الأقدس يقول إن السفينة في مهب العاصفة هي صورة للكنيسة، التي تواجه في كل عصر رياحًا معاكسة، وأحيانًا محنًا صعبة للغاية: دعونا نفكر في بعض الاضطهادات الطويلة والمريرة التي حدثت في القرن الماضي. في هذه المواقف، قد نميل إلى الاعتقاد بأن الله قد تخلى عنا. ولكن في الواقع، وفي هذه اللحظات بالذات تسطع شهادة الإيمان والمحبة والرجاء بشكل أكبر. إن حضور المسيح القائم من الموت في كنيسته هو الذي يعطي نعمة الشهادة حتى الاستشهاد، والتي منها ينبت مسيحيون جدد وثمار مصالحة وسلام للعالم بأسره.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا شفاعة العذراء مريم على المثابرة في الإيمان والمحبة الأخوية عندما تضع الظلمة وعواصف الحياة ثقتنا بالله في أزمة.