stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا فرنسيس يصلّي لكي نتّحد في الصعوبات ونتخطّى الانقسامات

522views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

14 أبريل 2020

في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء البابا فرنسيس يطلب من الله نعمة أن يجعلنا نتخطّى الانقسامات في هذا الزمن الصعب، ويسلّط الضوء على واقع أن الارتداد والعودة إلى الأمانة هو موقف غير اعتيادي في حياتنا ولكننا مدعوون لعيش الأمانة في السراء والضراء تجاه الله والإخوة

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الثلاثاء القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان رفع خلاله الصلاة من أجل الوحدة وقال نصلّي لكي يمنحنا الرب نعمة الوحدة فيما بيننا، ولكي تجعلنا صعوبات هذه المرحلة نكتشف الشركة بيننا وبأن الوحدة هي على الدوام فوق كل انقسام.

توقف الأب الأقدس في عظته عند القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم من سفر أعمال الرسل والتي يعلن فيها بطرس لليهود قائلاً: “فَلْيَعْلَمْ يَقينًا آلُ إِسرائيلَ أَجمَع، أَنَّ يَسوعَ هذا الَّذي صَلَبتُموه أَنتُم، قد جَعَلَه اللهُ رَبًّا ومَسيحًا”، فلَمَّا سَمِعوا ذلكَ الكَلام، تَفَطَّرَت قُلوبُهم، فقالوا لِبُطرُسَ ولِسائِرِ الرُّسُل: “ماذا نَعمَل أَيُّها الأخَوة؟”، فقالَ لَهم بُطرُس: “توبوا، وَلْيَعتَمِدْ كُلٌّ مِنكُم بِاسمِ يسوعَ المَسيح” فقبلوا كلامه واعتمدوا. وفي هذا السياق أكّد البابا فرنسيس أن الارتداد هو عودة إلى الأمانة، موقف بشريّ غير اعتيادي في حياتنا، ولكننا مدعوون لنكون أمناء في السراء والضراء وفي حالات الشك أيضًا. لكن ضماناتنا وللأسف ليست الضمانات التي يعطينا الرب إياها ولكنها الأصنام التي تجعلنا غير أمناء. وحياتنا وتاريخ الكنيسة مفعمَينِ بعدم الأمانة. بعدها توقف الحبر الأعظم عند الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم والذي يقدّم لنا ظهور يسوع لمريم المجدليّة التي كانت تبكي عند القبر. امرأة ضعيفة ولكنّها أمينة، أمينة حتى أمام القبر وإزاء سقوط جميع الأوهام وبالتالي أصبحت “رسولة” الرسل.

قال البابا فرنسيس لقد فطرت عظة بطرس في يوم العنصرة قلوب الذين سمعوه: “هذا الَّذي صَلَبتُموه أَنتُم، قد جَعَلَه اللهُ رَبًّا ومَسيحًا”، فلَمَّا سَمِعوا ذلكَ الكَلام، تَفَطَّرَت قُلوبُهم، فقالوا لِبُطرُسَ ولِسائِرِ الرُّسُل: “ماذا نَعمَل أَيُّها الأخَوة؟”، لقد كان بطرس واضحًا معهم وقال لهم: “توبوا وغيّروا حياتكم. أنتم الذين نلتم وعد الله وقد ابتعدتم عن شريعة الله وتبعتم أمورًا أخرى وأصنامًا عديدة… توبوا وعودوا إلى الأمانة”. هذا هو الارتداد: العودة إلى الأمانة، ذلك الموقف الغير اعتيادي في حياة الناس وفي حياتنا. إذ هناك أوهام على الدوام تلفت انتباهنا وغالبًا ما نريد ان نذهب خلف هذه الأوهام فيما نحن مدعوون لكي نعيش الأمانة في السراء والضراء.

تابع الأب الاقدس يقول هناك آية من سفر الأخبار الثاني تؤثّر فيَّ كثيرًا وهي في بداية الفصل الثاني عشر: “وَلَمَّا تَثَبَّتَت مَملَكَةُ رَحُبعَامَ وَتَشَدَّدَت، تَرَكَ شَرِيعَةَ الرَّبِّ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ”، هكذا يقول الكتاب المقدّس، إنه واقع تاريخي ولكنه أيضًا حقيقة شاملة. غالبًا عندما نشعر بالثقة نبدأ بالقيام بمشاريعنا ونبتعد رويدًا رويدًا عن الرب، ولا نبقى أمناء، لأن هذه الثقة التي أتحلّى بها والضمانات التي أعتمد عليها ليست من الرب بل هي صنمًا. وهذا ما حصل مع رحُبعام ومع شعب إسرائيل. وَلَمَّا تَثَبَّتَت مَمْلَكَته وَتَشَدَّدَتْ، تَرَكَ رَحُبْعَامَ شَرِيعَةَ الرَّبِّ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ وبدؤوا بعبادة الأصنام. قد يقول لي أحدكم: “لكن يا أبتي أنا لا أعبد الاصنام ولا أسجد لها”، لا ربما لا تفعل ذلك ولكنّك غالبًا ما تبحث عنها في قلبك وتعبدك، إن ثقتنا المفرطة بذاتنا تفتح الأبواب للأصنام.

أضاف الحبر الأعظم متسائلاً: “لكن هل الثقة بالذات هي أمر سيّء؟”، لا بل هي نعمة، من الجيّد أن يتحلّى المرء بالثقة ولكن ينبغي أن تكون الثقة بأن الرب معي، ولكن عندما أكون أنا محور ثقتي، وأبتعد عن الرب على مثال الملك رحُبعام أفقد أمانتي، من الصعب جدًّا علينا أن نحافظ على أمانتنا، وتاريخ شعب إسرائيل وكذلك تاريخ الكنيسة مليئان بقصص عدم الأمانة، وبالأنانية وبالضمانات التي يضعها شعب الله لذاته والتي تبعده عن الرب، فيفقد نعمة الأمانة. حتى فيما بيننا نحن الأشخاص تشكّل الأمانة فضيلة، ولكننا لسنا أمناء لبعضنا البعض دائمًا، ولذلك تأتي دعوة بطرس لنا: “توبوا، وعودوا إلى الأمانة مع الرب!”

تابع الأب الأقدس يقول في الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم نجد أيقونة الأمانة: تلك المرأة الأمينة التي لم تنسى أبدًا كلَّ ما فعله الرب معها. لقد كانت هناك أمينة إزاء المستحيل وإزاء المأساة، لقد تحلّت بأمانة لدرجة جعلتها تفكّر أنّه بإمكانها أن تعيد جسد الرب إن كان البستاني قد أخذه… امرأة ضعيفة ولكنّها أمينة. إن مريم المجدليّة، “رسولة” الرسل هي أيقونة الأمانة.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنطلب اليوم من الرب نعمة الأمانة، ولنشكره عندما يمنحنا ضمانات وألا نفكّر أبدًا بأنّها هي ضماناتنا الشخصيّة وننظر إلى أبعد من ضماناتنا؛ ولنطلب أيضًا نعمة أن نكون أمناء أمام القبور وأمام سقوط العديد من الأوهام، لأنّه ليس من السهل أبدًا أن نحافظ على الأمانة وبالتالي لمطلب منه هو أن يحفظنا فيها.

وفي ختام الذبيحة الإلهية وبعد أن منح البركة بالقربان المقدّس دعا البابا فرنسيس المؤمنين ليقوموا بالمناولة الروحية رافعًا هذه الصلاة: أسجد عند قدميك يا يسوعي وأقدم لك توبة قلبي النادم الذي يغرق في ضعفه وفي حضورك المقدّس. أعبدك في سرِّ محبّتك وأرغب في قبولك في المسكن الفقير الذي يقدّمه لك قلبي. وفيما أنتظر سعادة المناولة الأسرارية، أريد أن أمتلكك بالروح. تعال إلي يا يسوعي واجعلني آتي إليك، وليشعل حبّك كياني. أنا أؤمن بك وأرجو بك وأحبّك.