البابا يتلو التبشير الملائكي ويتذكر المسيحيين المضطهدين في الشرق الأوسط
تلا البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان. تمحورت كلمة البابا حول إنجيل الأحد الذي يحدثنا عن خلاف جرى بين يسوع وبعض الكتبة والفريسيين بشأن قيمة “سنة الشيوخ” والتي سماها يسوع بـ”سنة البشر” مقتبسا كلمات النبي أشعياء. ولفت البابا إلى أن تلك الممارسات لم تقتصر على وصايا الله لموسى، إذ كان محاورو يسوع يقدمونها على أنها تعبير عن التديّن الحق والأصيل فقال لهم الرب إنهم “يهملون وصية الله ويتمسكون بسنة البشر”. هذا وأكد البابا فرنسيس أن يسوع يوجه لنا اليوم أيضا هذا التحذير كي لا نعتبر أن التقيّد خارجيا بالشريعة يكفي لكي نصبح مسيحيين جيدين. ونحن اليوم أيضا نواجه خطر أن نعتبر أنفسنا أفضل من الآخرين، تماما كما فعل الفريسيون آنذاك، وذلك لمجرّد التزامنا بالعادات والتقاليد، حتى إن لم نحب القريب وإذا كانت قلوبنا قاسية ومتصلبة ومليئة بالغرور.
أشار البابا فرنسيس إلى أن التقيّد حرفيا بالوصايا هو أمر عقيم لا يبدّل القلب، ولا يُترجم إلى مواقف ملموسة داعيا إلى الانفتاح على اللقاء مع الله وكلمته، والبحث عن العدالة والسلام ونجدة الفقراء والمستضعفين والمضطهدين. ولفت إلى الضرر الذي يلحقه بالكنيسة الأشخاص الذين يدّعون أنهم كاثوليك ويتصرفون بشكل سيء خارج الكنيسة، مؤكدا أن هذا التصرف يدينه يسوع لأنه يتعارض مع الشهادة المسيحية.
ومضى البابا إلى القول إن يسوع صب اهتمامه على بعد أكثر عمقا وقال “ما من شيء خارج عن الإنسان إذا دخل الإنسان ينجّسه ولكن ما يخرج من الإنسان هو ما ينجّس الإنسان” (مرقس 7، 15). وبهذه الطريقة سلط الضوء على أهمية ما هو داخل الإنسان، أي القلب الذي يجعلنا قديسين والذي يعبّر عن نوايانا وخياراتنا ورغبتنا في فعل كل شيء محبة بالله. وذكّر البابا بأن الرب قال لنا حيث يوجد كنزنا يوجد قلبنا وأكد أن التصرفات الخارجية هي نتيجة ما نقرره في قلبنا، بالتالي لا بد أن يُنقّى القلبُ ويرتد لأنه بدون قلب طاهر لا يمكن لأيدينا أن تكون طاهرة فعلا ولشفاهنا أن تنطق بكلمات صادقة؛ كلمات المحبة والرحمة والغفران. وهذا يتطلب قلبا صادقا ونقيا!
وبعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي ذكّر البابا المؤمنين باحتفال تطويب أسقف السريان الكاثوليك المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي والذي جرى يوم أمس السبت في حريصا بلبنان. وقال البابا إنه إزاء الاضطهاد الرهيب بحق المسيحيين كان هذا الرجل مدافعا عن حقوق شعبه ولم يعرف التعب، وحث الجميع على الرسوخ في الإيمان. واليوم أيضا يُضطهد المسيحيون في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم. وتمنى البابا أن يبعث تطويب هذا الأسقف الشهيد في قلب المسيحيين العزاء والشجاعة والرجاء، مع العلم أن عدد الشهداء اليوم يتخطى عدد القرون الأولى، وليكن التطويب حافزا للمشرعين والحكّام بغية ضمان الحرية الدينية في كل مكان، وللجماعة الدولية كي يوضع حد للعنف والانتهاكات.
ولم تخل كلمة البابا من الحديث عن المهاجرين العديدين الذين ماتوا خلال رحلاتهم، وسأل الجميع أن يصلوا على نية هؤلاء الأشخاص، معربا عن تضامنه مع الكاردينال النمساوي شونبورن وكنيسة النمسا في الصلاة من أجل الضحايا ومن بينهم أربعة أطفال الذين عثر عليهم على متن شاحنة على الطريق السريع بين بودابست وفينا. وسأل البابا الله أن يساعدنا على التعاون بشكل فاعل من أجل التصدي لتلك الجرائم المسيئة إلى العائلة البشرية برمتها. في الختام توقف البابا مع المؤمنين للصلاة بصمت على نية جميع المهاجرين الذين ماتوا، ثم حيا وفود الحجاج والمؤمنين القادمين من إيطاليا وأنحاء العالم كافة.
الفاتيكان