البابا يكرس مذبح كاتدرائية وبازيليك Santa Maria La Antigua
26 يناير 2019
تخللت الاحتفالَ عظة للبابا استهلها متحدثاً عن لقاء الرب يسوع بالمرأة السامرية، وقال إن الرب كان قد تعب من المشي وجلس عند البئر ليرتاح ويروي عطشه. وقد اختبر التلاميذُ بأنفسهم جهوزية الرب وتفانيه من أجل حمل البشرى السارة إلى الفقراء وتضميد جراح القلب وإعلان الحرية للأسرى. وأكد البابا أن هذه الأوضاع تتطلب جهداً كبيراً ولفت إلى أن العديد من الأشخاص اليوم يشاركون الرب تعبَه ومشقاته، وهذا الأمر ينطبق بشكل رئيسي على الأشخاص المكرسين والكهنة والحركات الكنسية، الذين يعملون لساعات طويلة ولا يجدون الوقت لتناول الطعام والاستراحة، وهذا الأمر يُنهك القلب. بعدها أشار البابا إلى أنه من المستحيل أن نعانق كل الأوضاع التي تفتّت حياة المكرسين، لكننا نشعر بالحاجة الملحة لإيجاد بئر نروي منها عطشنا وحيث نرتاح من مشقة السفر. إننا بحاجة إلى بئر ننطلق منها من جديد.
ولم تخلُ كلمات البابا من الإشارة إلى التعب الذي قد تشعر به جماعتنا، ولا يمتّ بصلة إلى تعب الرب. لأنه يمكن أن نُطلق على هذا التعب اسم “تعب الرجاء”، التعب الذي نواجه فيه المستقبل عندما يحبطنا الواقع، ويجعلنا نشك بقوانا، وبالموارد وبعمل الرسالة في عالم يتغيّر بسرعة. إنه تعب يشلّ الإنسان، يولد من النظر قدّامنا دون أن نعرف كيف نتفاعل إزاء التغيّرات التي تعيشها مجتمعاتنا. وهذه التغيّرات قد تجعلنا نشك في جدوى الحياة الدينية في عالم اليوم. وبهذه الطريقة يعتاد البعض على العيش مع رجاء منهَكٍ إزاء مستقبل مجهول وغير أكيد، وهكذا يضمحلّ الإيمان ويتآكل. وقد يصل بنا الأمر إلى اعتبار أن الرب وجماعتنا ليس لديهم ما يُقال أو ما يُعطى في هذا العالم.
بعدها مضى البابا إلى القول إن مشقات السفر قد تدفع بالبعض إلى البحث عن الارتواء من مياه هذا العالم، لا من الينبوع الذي تتدفق منه الحياة الأبدية. من الأهمية بمكان أن نفتح بابَ رجائنا التعِب كي نعود بلا مخافة إلى البئر التي تأسس عليها حبُنا الأول، عندما مر يسوع على دربنا، ونظر إلينا برحمة، وطلب منا أن نتبعه. ينبغي أن نستعيد ذكرى اللحظة التي تقاطعت فيها نظراتنا معه، وعندما جعلنا نشعر بحبه لنا، كأفراد وكجماعة. هذا ثم شدد فرنسيس على ضرورة أن نتسلح بالشجاعة اللازمة كي نترك أنفسنا نطهَّر ونستعيد مواهبنا الأصلية، ونرى كيف يمكن أن نعبّر عنها اليوم. لا بد أن يجعل منا الروحُ القدس رجالاً ونساءً يتذكرون مشروع الله الخلاصي. وهكذا يُداوى الرجاءُ التعب ولا يخشى من الرجوع إلى الحب الأول.
هذا ثم ذكّر البابا فرنسيس في ختام عظته بأن هذه الكاتدرائية تعيد فتح أبوابها بعد فترة طويلة من إعادة الترميم. وقد استمرت عبر العصور كشاهدٍ أمين لتاريخ هذا الشعب، وشاءت أن تهدينا اليوم مجددا رونقها بفضل مساعدة وعمل الكثيرين. هذه الكاتدرائية كانت قد فتحت أبوابها للأجيال الغابرة، وهي تفتحها لأجيال اليوم، إنها تنتمي إلى الماضي وتعكس جمال الحاضر. وهي تحفّزنا اليوم على تجديد رجائنا وتغذيته، لندرك كيف يمكن لجمال الأمس أن يصبح أساساً لجمال الغد.
نقلا عن الفاتيكان نيوز