صدر البيان الختامي لأعمال سينودس أساقفة الكنيسة المارونية الذي عُقد من الحادي عشر وحتى السادس عشر من يونيو 2018 ، برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وقد تدارس الآباء شؤونًا كنسيّة، راعوية، اجتماعية ووطنيّة. وفيما يتعلق بالشأن الوطني، جاء في البيان “يساند الآباء مسيرة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بناء الوحدة الوطنية، والسهر على حسن سير المؤسسات الدستورية، والعمل الدؤوب من أجل النهوض بلبنان، كيانًا وشعبًا ومؤسسات. وإنّهم يطالبون، وتأكيدًا لمواقف غبطة أبيهم البطريرك الأخيرة والمتكرّرة، بتأليف الحكومة الجديدة في أسرع ما يمكن بروح المسؤوليّة الوطنيّة، بعيدًا عن حسابات المحاصصة الخاصة، حكومةٍ قادرة على إجراء الإصلاحات التي يحتاجها الشعب وتطلبها الدول المانحة على مستوى الهيكليات والقطاعات، كشرط لنيل المساعدات الماليّة التي تقرّرت في مؤتمرَي روما وباريس من أجل النهوض الاقتصادي وتأمين فرص عمل للأجيال الطالعة. كما يطالبون المسؤولين السياسيين توحيد الكلمة في العمل على عودة النازحين السوريِّين إلى وطنهم وأرضهم وبيوتهم وممتلكاتهم، وهذا حقّ لهم، ويطالبون المجتمع الدولي بمساعدتهم على ترميم بيوتهم. ومن الواجب تشجيعهم على العودة الكريمة الآمنة لا تخويفهم لأغراض سياسيّة. ويطالبون كذلك بتصحيح مرسوم التجنيس الأخير الذي صدم اللّبنانيين ومنح الجنسيّة اللبنانيّة لمجموعة من الأجانب من أصل غير لبناني فيما المراجعة دائمة لتطبيق ما أبطل مجلس شورى الدولة من مرسوم التجنيس الصادر سنة 1994 الذي أوقع خللاً ديمغرافيًّا كبيرًا في البلاد لم يُصحَّح بعد، وفيما تتكدّس لدى وزارتَي الخارجيّة والداخليّة الآلاف من الملفّات الخاصّة بمنتشرين من أصل لبناني يطالبون باستعادة جنسيّتهم اللبنانيّة، وهذا حقّهم. ويناشدون فخامة رئيس الجمهورية الذي طلب التحقيق في المرسوم الأخير مطالبة المسؤولين المعنيّين بتطبيق قرار مجلس شورى الدولة. ويدعو الآباء جميع رجال السياسة والمسؤولين عن الشَّأن الوطني العام إلى بناء الثقة فيما بينهم بروح الميثاق الوطني وإلى العمل معًا على القضاء على الفساد المستشري في الإدارات العامة، وإيقاف السرقات والرشوات، والحدّ من تقاسم المغانم في المشاريع العامة وفي التوزير والتوظيف وحشر المستشارين؛ وكلّ ذلك على حساب الشعب الذي بات يفتقر يومًا بعد يوم وقد أصبح أكثر من 30 ٪ منه تحت خط الفقر”.
ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، وفيما يتعلق بالشأن الكنسي، ” اطّلع آباء المجمع على أعمال اللّجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة التي قدّم رئيسها، في حصيلة دراساتها، استمارات صوّتوا عليها”، وأشاروا إلى أن “الليتورجيا بكل مكوّناتها، من هيكليات وصلوات ورموز، إنما هي مدرسة إيمان.” كما و”شكر الآباء الله على نعمة الدعوات الكهنوتيّة والرهبانيّة في كنيستهم، وأوصوا بمتابعة تطبيق “شرعة التنشئة الكهنوتيّة في الكنيسة المارونيّة” وسائر الوثائق الكنسيّة بهذا الشأن، من أجل تعزيز تنشئة روحيّة وثقافيّة وإنسانيّة وراعويّة ورسوليّة ومسكونيّة ومنفتحة على حوار الأديان، بهدف إعداد كهنة يكونون رجال صلاة في علاقة مميّزة مع الربّ يسوع، ورسل محبّة وانفتاح على كنيستهم المنتشرة في العالم وعلى الكنيسة الجامعة منطلقين من تراث كنيستنا وروحانيّتها”. هذا وتبادل الآباء الآراء والخبرات حول الوثيقة اللاهوتية التي أصدرها البطريرك الراعي في 25 آذار 2018 بعنوان «الحقيقة المحرِّرة والجامعة» وهي رسالته العامة السابعة. كما و”استمع الآباء إلى تقارير خدمة العدالة في المحاكم الكنسيّة، وقدّروا الجهود التي يقوم بها القيّمون عليها من أجل متابعة تطوير سير العمل فيها، وذلك عبر تنظيم لقاءات أسبوعيّة لكلّ فئات العاملين في المحكمة ودورات تدريبيّة للمحامين، وحثّ القضاة على التسريع في الدعاوى وتخفيض الرسوم، وفقًا لِما ترسمه القوانين الكنسيّة ونظام محاكمنا. ولاحظ الآباء تدنّي عدد الدعاوى في المحكمة الإبتدائيّة لهذه السنة، وذلك بفضل ما تبذله الأبرشيّات والمحكمة ومكتب راعوية الزواج والعائلة في البطريركيّة من جهود مضاعفة في شأن المصالحات الزوجيّة ومراكز الإصغاء والمرافقة والإعداد للزواج”. وأثنى الآباء أيضًا على عمل المركز الماروني للتوثيق والأبحاث والقيّمين عليه “وشدّدوا على أهميّته في رسم رؤية شاملة للكنيسة المارونيّة في وجودها ودورها ورسالتها في لبنان وفي بلدان المشرق العربي الإسلامي وبلدان الانتشار. وأكّدوا دعمهم لاستمراره”.
هذا وقد “استعرض الآباء أوضاع أبرشيّات لبنان والنطاق البطريركي، وتوقّفوا عند مسيرتها في تطبيق تعليم المجمع البطريركي الماروني وتوصياته، وعند الحاجات المتزايدة التي يواجهها أبناؤهم وبناتهم، وطرق معالجتها”، كما “واستعرض الآباء أوضاع أبرشيّات سوريا الثلاث، دمشق وحلب واللّاذقية. واستمعوا بتأثّر إلى إخوتهم مطارنة هذه الأبرشيّات يعرضون معاناة أبنائهم وسائر المواطنين المستمرّة منذ سبع سنوات، والناجمة عن تفاقم الحرب وتشابك المصالح السياسيّة والاقتصاديّة وتردّي الوضع الإجتماعي وتدهور الاقتصاد. ثم استعرضوا أوضاع أبرشيات حيفا والأراضي المقدّسة ومصر وقبرص. وآلمهم ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني في الأرض المقدسة من ظلم واعتداء. ويطالبون الأسرة الدوليّة تطبيق قراراتها بإنشاء الدولتين وعودة جميع اللاجئين إلى أرضهم. و”أثنى الآباء على ما يقوم به مطارنة هذه الأبرشيات من سعي إلى تقديم المساعدات الإجتماعيّة والإنسانيّة لتثبيت أبنائهم في أرضهم بالرغم من كلّ التحديات، والمحافظة على الرسالة التي أوكلها إليهم السيّد المسيح. وتقدّموا بالشكر إلى كلّ المؤسّسات العالميّة الكنسيّة والمدنيّة التي ساندتهم في هذه الرسالة. وهم لا يزالون يتطلّعون إلى لبنان حيث يحمل أبناؤهم الموارنة وسائر المواطنين مسؤوليّة الحفاظ عليه، في بيئته المشرقيّة، وطنًا رسالة في المحبة والانفتاح والعيش الواحد الكريم بين المسيحيِّين والمسلمين في جوٍّ من الحريّة والديمقراطيّة واحترام التعدّدية، ولا سيّما في وقت يواجه فيه تحدّيات من الخارج كبيرة.” وتدارس الآباء كذلك أوضاع أبرشيّات الانتشار وتقدّمها ونموّها وحاجات بعضها. كما وتوقفوا عند عمل مكتب راعوية الشبيبة ومكتب راعوية الزواج والعائلة.
كما وأشار البيان إلى أنه “أمام الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور، يلتزم الآباء الوقوف إلى جانب أبنائهم وبناتهم، ولاسيّما المحتاجين منهم، والسعي إلى تقديم المساعدات الممكنة عبر أبرشيّاتهم والمؤسّسات الكنسيّة المختصّة، قناعة منهم بواجب الأبوّة الساهرة والمشاركة في تحمّل وزر الأزمات المتراكمة”، وتوقفوا عند المدارس والمستشفيات والمؤسّسة البطريركيّة للإنماء الشّامل والمؤسّسة المارونيّة للانتشار. وفيما يتعلق بالمدارس” تداول الآباء موضوع المدارس الخاصة عامّةً والكاثوليكيّة بنوع خاصّ، والواقع التربوي في لبنان ولاسيّما تداعيات القانون 46/2017 على الأسرة التّربويّة في ما يتعلّق بموجبات سلسلة الرّتب والرّواتب والدّرجات السّت الاستئنائية. وهم يطالبون المسؤولين في الدّولة، وبنوع خاصّ المجلس النّيابي الجديد والحكومة العتيدة، القيام بواجبهم للعمل على إيجاد الحلول بما يمليه الدّستور وما يُلزم به مبدأ وحدة التّشريع ووحدة التّمويل وعدم وضع مكوّنات الأسرة التّربويّة في مواجهات مستمرّة. كما يطالبون بحلّ هذه المشكلة الاجتماعية والثقافية، آخذين في الاعتبار هواجس المؤسّسات التّربويّة، وإمكانيّات الأهل، وإنصاف المعلّمين، فتأتي الحلول لصالح مستقبل التربية وجودتها بحيث تساهم الدّولة في تغطية أكلاف التّعليم الخاص كما التّعليم الرّسمي، لكون الاثنين من المنفعة العامة على السواء”.
“وفي الختام يتقدّم الآباء من إخوانهم المسلمين بأحرّ التهاني بعيد الفطر السعيد وبأصدق التمنيات للعيش الواحد في المحبة والسلام وفي بناء لبنان الرسالة.
ويتوجّه الآباء إلى أبنائهم أينما وجدوا بالدعوة إلى عيش إيمانهم ورجائهم بالمسيح القائم من الموت والشهادة له بفرح بحياتهم اليومية حاملين رجاءً جديدًا للأجيال الطالعة. كما يحثّونهم على التمسّك بتراث كنيستهم وآبائهم وأجدادهم ويشاركونهم الصلاة والابتهال إلى الله بشفاعة والدة الإله مريم العذراء والقديسين شفعائنا من أجل إيقاف الحروب في الشرق الأوسط وإحلال السلام العادل والشامل والدائم وعودة جميع النازحين والمهجّرين والمخطوفين إلى أرضهم وأوطانهم.”