التأمل الخامس لزمن الصوم مع واعظ القصر الرسولي
نقلا عن الفاتيكان نيوز
22 مارس 2024
كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .
“إنَّ ما يريده الله، والذي يكون مختلفًا ومميزًا بالنسبة لكلِّ شخص، يمكننا أن نكتشفه من خلال أحداث الحياة، وكلمة الكتاب المقدّس، وإرشاد المرشد الروحي، ولكن الوسائل الرئيسية والعادية هي إلهامات النعمة. هذه هي طلبات الروح الداخلية في أعماق القلب، والتي من خلالها لا يُعلن لنا الله ما يريده منا فحسب، بل يمنحنا القوة اللازمة، وغالبًا أيضًا الفرح، لكي نحققها، بموافقتنا” هذا ما قاله واعظ القصر الرَّسوليّ في تأمّله الخامس لزمن الصوم
ألقى واعظ القصر الرَّسوليّ الكاردينال رانييرو كانتالاميسا صباح الجمعة تأمّله الخامس لزمن الصوم في قاعة بولس السادس بالفاتيكان، تحت عنوان “أنا الطريق والحق والحياة”، واستهل تأمله بالقول في مسيرتنا عبر الإنجيل الرابع لنكتشف من هو يسوع بالنسبة لنا، وصلنا إلى المرحلة الأخيرة. ندخل فيما يسمى بـ “خطب الوداع” التي ألقاها يسوع لرسله. لذلك لننتقل مباشرة إلى الكلمة التي ننوي أن نتوقّف عندها في هذا التأمل: “في بَيتِ أَبي مَنازِلُ كثيرة ولَو لم تَكُنْ، أَتُراني قُلتُ لَكم إِنِّي ذاهِبٌ لأُعِدَّ لَكُم مُقاماً؟ وإِذا ذَهَبتُ وأَعددتُ لَكُم مُقاماً أَرجعُ فآخُذُكم إِلَيَّ لِتَكونوا أَنتُم أَيضاً حَيثُ أَنا أَكون. أَنتُم تَعرِفونَ الطَّريقَ إِلى حَيثُ أَنا ذاهِب”. قالَ له توما: “يا ربّ، إِنَّنا لا نَعرِفُ إِلى أَينَ تَذهَب، فكَيفَ نَعرِفُ الطَّريق؟”، قالَ له يسوع: “أَنا الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة. لا يَمْضي أَحَدٌ إِلى الآبِ إِلاَّ بي”.
تابع واعظ القصر الرَّسوليّ يقول “أنا الطريق والحق والحياة”: كلمات شخص واحد في العالم كان بإمكانه أن يقولها، وقالها فعلاً. إنَّ المسيح هو الطريق وهدف الرحلة. وككلمة الآب الأزلي، هو الحق والحياة؛ ولكونه الكلمة التي صار جسدًا، فهو الطريق. لقد أتيحت لنا فرصة لكي نتأمل في المسيح كحياة، عندما تأمّلنا في كلمته “أنا خبز الحياة”، وكحقيقة عندما تأمّلنا في كلمته “أنا نور العالم”. لنركز إذن على المسيح الطريق. بعد أن تأملنا في المسيح كعطية، لدينا الفرصة لكي نتأمّل فيه كمثال. إنَّ يسوع لا يزال يقول للذين يلتقي بهم – أي لنا في هذه اللحظة – ما قاله للرسل وللذين التقى بهم خلال حياته الأرضية: “تعالوا إليَّ”، أو بصيغة المفرد “اتبعني!”
أضاف الكاردينال رانييرو كانتالاميسا يقول يحتل موضوع اتباع المسيح مكانًا مهمًا في الإنجيل الرابع. إن اتباع يسوع يكاد يكون مرادفًا للإيمان به. لكن الإيمان هو موقف العقل والإرادة؛ وصورة “الطريق” و”السّير” تسلط الضوء على جانب مهم من الإيمان، وهو “السير”، أي الديناميكية التي يجب أن تميز حياة المسيحي وتأثير الإيمان على سلوك الحياة. إن اتباع المسيح – على عكس الإيمان والمحبة – لا يشير فقط إلى موقف معين للعقل والقلب، بل يرسم للتلميذ برنامج حياة يتضمن المشاركة الكاملة: لأسلوب العيش، والمصير ورسالة المعلِّم. وبالتالي أود أن أتحدث عما يميز اتباع المسيح وما يميزه عن أي نوع آخر من الاتباع. ويتم التعبير عنه بشكل أفضل، بكلمات يوحنا، في نهاية مقدمة إنجيله: “إنَّ الشَّريعَةَ أُعطِيَت عن يَدِ موسى وأَمَّا النِّعمَةُ والحَقّ فقَد أَتَيا عن يَدِ يسوعَ المسيح”.
تابع واعظ القصر الرَّسوليّ يقول بالنسبة لنا نحن الرهبان، هذا يعني: أن القانون قد أُعطيَ لنا من خلال مؤسسنا، ولكن النعمة والقوة لوضعه موضع التنفيذ تأتي إلينا فقط من يسوع المسيح. بالنسبة لنا ولجميع المسيحيين على حد سواء، هذه الكلمة تعني أيضًا شيئًا آخر، أكثر جذرية: لقد أُعطي لنا الإنجيل من قبل يسوع الأرضي، لكن القدرة على عيشه ووضعه موضع التنفيذ لا تأتي إلينا إلا من المسيح القائم من بين الأموات، بواسطة روحه! لهذا السبب كان محور العديد من خطابات يسوع في العشاء الأخير الروح المعزي الذي سيرسله إلى الرسل. لنتذكر بعضاً من وعوده في هذا الصدد: “لا يَزالُ عِنْدي أَشْياءُ كثيرةٌ أَقولُها لَكم ولكِنَّكُم لا تُطيقونَ الآنَ حَملَها. فَمتى جاءَ هوَ، أَي رُوحُ الحَقّ، أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه لِأَنَّه لن يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث سيُمَجِّدُني لأَنَّه يَأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه”. وبالتالي إذا كان يسوع هو “الطريق”، فإن الروح القدس هو “المرشد”. هكذا وصفه القديس غريغوريوس النيصي، وهكذا تستدعيه الكنيسة اللاتينية في صلاة استدعاء الروح القدس: “معك أنت الذي ترشدنا نتجنب كل شر”.
أضاف الكاردينال رانييرو كانتالاميسا يقول من بين الوظائف المختلفة التي ينسبها يسوع إلى المعزي، في عمله من أجلنا، والتي نريد أن نركّز عليها هي وظيفة الموجه: “المُؤَيِّد، الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِاسمي هو يُعَلِّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم”. “يُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم”، أما في ترجمة النسخة اللاتينية للإنجيل فنقرأ: “سيُلقِّنكم”. إنَّ المُلقِّن، في المسرح، يختبئ داخل تجويف ويكون غير مرئي للجمهور: تمامًا مثل الروح القدس الذي ينير كل شيء فيما يبقى غير مرئي، وإذا جاز التعبير، خلف الكواليس. يلفظ المُلقِّنُ الكلمات بصوت منخفض لكي لا يسمعها الجمهور، كذلك يتحدث الروح أيضًا “بصوت منخفض” وبهدوء. ومع ذلك، على عكس المُلقِّنين البشريين، هو لا يتحدث إلى الأذنين، بل إلى القلب؛ هو لا يقترح كلمات الإنجيل بطريقة آلية، كما لو كانت من نص، بل يشرحها، ويكيِّفها، ويطبقها على المواقف.
تابع واعظ القصر الرَّسوليّ يقول نحن نتحدث بالطبع عن “إلهامات الروح القدس” أو ما يُعرف بـ “الإلهامات الصالحة”. إنَّ الأمانة للإلهامات هي الدرب الأقصر والأضمن للقداسة. نحن لا نعرف منذ البداية ما هي القداسة الملموسة التي يريدها الله من كل واحد منا؛ وحده الله يعرف ذلك ويكشفه لنا مع استمرار المسيرة. لذلك لا يكفي أن يكون لدينا برنامج واضح للكمال لكي نحققه بعد ذلك تدريجياً. لا يوجد نموذج كمال متطابق للجميع. إن الله لا يصنع القديسين بالتسلسل، ولا يحب الاستنساخ. كل قديس هو اختراع غير مسبوق ولا مثيل له للروح القدس. ويمكن لله أن يطلب من شخص ما عكس ما يطلبه من الآخر. وينتج عن ذلك أنه لكي يبلغ القداسة لا يمكن للشخص أن يكتفي باتباع القواعد العامة التي تنطبق على الجميع، بل يجب عليه أيضًا أن يفهم ما يطلبه الله منه، ومنه فقط.
أضاف الكاردينال رانييرو كانتالاميسا يقول إنَّ ما يريده الله، والذي يكون مختلفًا ومميزًا بالنسبة لكلِّ شخص، يمكننا أن نكتشفه من خلال أحداث الحياة، وكلمة الكتاب المقدّس، وإرشاد المرشد الروحي، ولكن الوسائل الرئيسية والعادية هي إلهامات النعمة. هذه هي طلبات الروح الداخلية في أعماق القلب، والتي من خلالها لا يُعلن لنا الله ما يريده منا فحسب، بل يمنحنا القوة اللازمة، وغالبًا أيضًا الفرح، لكي نحققها، بموافقتنا. لنفكر فيما كان سيحدث لو أصرت الأم تريزا دي كالكوتا على أن تحافظ على القواعد الكنسية القائمة في معاهد الحياة المكرّسة في ذلك الوقت. حتى سن السادسة والثلاثين، كانت راهبة في جماعة رهبانيّة، أمينة بالتأكيد لدعوتها ومكرسة لعملها، ولكن لم يكن هناك شيء يوحي بأن هناك شيء مميّزٌ فيها. كان ذلك خلال رحلة بالقطار من كالكوتا إلى دارجلنيغ للمشاركة في الرياضة الروحيّة السنوية، عندما وقع ذلك الحدث الذي غير حياتها. لقد “همس” الروح القدس في أذن قلبها دعوة واضحة: اتركي رهبانيّتكِ وحياتكِ السابقة، وضعي نفسك تحت تصرفي لعمل سوف أدلك عليه. وبين بنات الأم تريزا يُذكر هذا اليوم – ١٠ أيلول سبتمبر ١٩٤٦ – باسم “يوم الإلهام”. عندما يتعلق الأمر بقرارات مهمة لأنفسنا أو للآخرين، على الإلهام أن يخضع للسلطة، أو للمرشد الروحي وأن يوافق عليه. في الواقع، هذا ما فعلته الأم تريزا. نحن نعرّض أنفسنا للخطر إذا اعتمدنا فقط على إلهاماتنا الشخصيّة.
تابع واعظ القصر الرَّسوليّ يقول هناك شيء مشترك بين الإلهامات الصالحة والإلهام البيبلي، بصرف النظر عن السلطة والنطاق اللذين يختلفان بشكل أساسي. “قال الله لإبراهيم…”، “وكلم الرب موسى”: لم يكن كلام الرب هذا، من الناحية الظاهرية، مختلفًا عما يحدث في إلهامات النعمة. إن صوت الله، حتى على جبل سيناء، لم يتردد في الخارج، بل في داخل القلب على شكل وضوح، ونبضات، يولِّدها الروح القدس. كذلك لم تكن الوصايا العشر منقوشة بإصبع الله على ألواح حجرية (يصعب علينا حتى أن نتخيل ذلك!)، بل على قلب موسى الذي نقشها بعد ذلك على ألواح حجرية. “ولكِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ حَمَلَ بَعضَ النَّاسِ على أن يَتَكَلَّموا مِن قِبَلِ الله”؛ هم الذين كانوا يتكلمون يحرّكهم الروح القدس، وكانوا يردّدون بأفواههم ما سمعوه في قلوبهم. إنَّ الله، يقول إرميا النبي، يكتب شريعته في القلوب. إنَّ كلَّ أمانة للإلهام ما تُكافأ بإلهامات متكررة وأقوى. إنّه كما لو كانت النفس تتدرب لكي تبلغ إلى إدراك أوضح لإرادة الله وسهولة أكبر في تحقيقها.
أضاف الكاردينال رانييرو كانتالاميسا يقول إن المشكلة الأكثر حساسية فيما يتعلق بالإلهامات قد كانت على الدوام مشكلة تمييز تلك التي تأتي من روح الله من تلك التي تأتي من روح العالم، أو من الأهواء الشخصية، أو من الروح الشرير. لقد شهد موضوع تمييز الأرواح تطورًا ملحوظًا على مر القرون. في البدء كان يُنظر إليه كموهبة تساعد على التمييز بين الكلمات والصلوات والنبوءات التي تلفظ في الجماعة، لفهم أي منها تأتي من روح الله وأيها ليس كذلك. في ممارستها الجماعية، على موهبة النبوءة أن تترافق، بالنسبة للرسول، بموهبة تمييز الأرواح: “لآخر (تُعطى) النبوءة، ولسواه التمييز ما بين الأرواح”. يبدو أن المعنى الأصلي للموهبة، كما فهمه بولس، دقيق ومحدود جدًّا. يتعلق الأمر بقبول النبوءة، وتقييمها، من قبل واحد أو أكثر من أعضاء الجماعة، الذين وهبوا أيضًا روحًا نبوية. ولكن هذا أيضًا لا يقوم على أساس تحليل عقلاني، بل على وحي الروح عينه. ولذلك يتأرجح معنى التمييز (diakrisis) بين التمييز والتفسير: التمييز بين ما إذا كان روح الله هو الذي تكلم أم روح آخر، وتفسير ما أراد الروح أن يقوله في موقف ملموس. إلى موهبة التمييز هذه تشير توصية الرسول الشهيرة: ” لا تخمدوا الروح، لا تزدروا النبوات، بل اختبروا كل شيء وتمسكوا بالحسن. إجتنبوا كل نوع للشر”.
تابع واعظ القصر الرَّسوليّ يقول في الروحانية الشرقية كما في الروحانية الغربية، ساعدت موهبة تمييز الأرواح بشكل خاص في تمييز إلهامات التلميذ من قبل أحد المسنين (كما هو الحال في الحياة الرهبانيّة)، وبشكل عام، في تمييز الإلهامات الشخصيّة. هناك معايير تمييز يمكننا أن نسميها موضوعية. وفي المجال العقائدي يلخِّصها القديس بولس في الاعتراف بالمسيح ربًا: “ما من أحد، إذا تكلم بإلهام من روح الله، يقول: “ملعون يسوع”، ولا يستطيع أحد أن يقول: “يسوع رب” إلا بإلهام من الروح القدس”؛ أما بالنسبة ليوحنا فهي تتلخص في الإيمان بالمسيح وتجسده: ” أَيُّها الأحِبَّاء، لا تَركُنوا إِلى كُلِّ رُوح، بلِ اَختَبِروا الأَرواحَ لِتَرَوا هل هي مِن عِندِ الله. لأَنَّ كثيرًا مِنَ الأَنبِياءِ الكَذَّابينَ انتَشروا في العالَم. وما تَعرِفونَ به رُوحَ الله وهو أَنَّ كُلَّ رُوحٍ يَشهَدُ لِيَسوعَ المسيح الَّذي جاءَ في الجَسَد كانَ مِنَ الله، وكُلَّ رُوحٍ لا يَشهَدُ لِيَسوع لم يَكُنْ مِنَ الله”. لكن في بعض الأحيان قد لا تكون هذه المعايير الموضوعية كافية، لأن الاختيار ليس بين خير وشر، بل بين خير وخير آخر، والأمر يتعلق برؤية ما هو الشيء الذي يريده الله، في ظرف معين. ولتلبية هذه الحاجة، طوّر القديس إغناطيوس دي لويولا عقيدته حول التمييز.
أضاف الكاردينال رانييرو كانتالاميسا يقول إن الثمرة الملموسة لهذا التأمل يجب أن تكون قرارًا متجددًا بأن نوكل بأنفسنا بالكامل إلى التوجيه الداخلي للروح القدس، كما لو كان نوعًا من “الإرشاد الروحي”. علينا جميعًا أن نوكل أنفسنا للمعلم الداخلي الذي يتحدث إلينا بدون صخب الكلمات. وكممثلين جيدين، علينا أن نبقي آذاننا مفتوحة، في المناسبات الكبيرة والصغيرة، لصوت هذا “المُلقِّن” الخفي، لكي نقوم بدورنا بأمانة في مشهد الحياة. وهذا هو المقصود بعبارة “الطاعة للروح”. إنَّ الأمر أسهل مما قد نظن، لأنه يتحدث إلينا من الداخل ويعلمنا كل شيء. تكفي في بعض الأحيان تكون نظرة داخلية بسيطة، أو حركة قلب، أو وقفة تأمل وصلاة. كتب يوحنا في رسالته الأولى: “أَمَّا أَنتُم فإِنَّ المِسْحَةَ الَّتي قَبِلتُموها مِنه مُقيمَةٌ فيكُم، فلَيسَ بِكم حاجَةٌ إِلى مَن يُعَلِّمُكم، ولَمَّا كانَت مِسْحَتُه تَتناوَلُ في تَعليمِها كُلَّ شَيء وهي حَقٌّ لا باطِل”. حول هذه الكلمات يبدأ القديس أوغسطينوس حوارًا حيًا غير عادي مع الرسول، ويقول في تعليقه على رسالة يوحنا الأولى: “أسأل يوحنا: “هل الذين وجهت إليهم هذه الكلمات كانوا قد نالوا المسحة… فلماذا كتبت إليهم هذه الرسالة؟ ولماذا تعلّمهم؟ … هناك سر عظيم هنا علينا أن نتأمل فيه أيها الإخوة. إنَّ صوت كلماتنا يهُزُّ الأذنين، ولكن المعلم الحقيقي موجود في الداخل.. يمكننا أن نعظ بصوت الصوت، ولكن إذا لم يكن هناك في الداخل من يعلمنا، فسيبقى ضجيجًا لا فائدة منه”.
وختم واعظ القصر الرَّسوليّ الكاردينال رانييرو كانتالاميسا تأمّله الخامس لزمن الصوم بالقول إذا كان قبول الإلهامات أمرًا مهمًا لكل مسيحي، فهو أمر حيوي للذين لديهم أدوار إدارة في الكنيسة. بهذه الطريقة فقط يُسمح لروح المسيح أن يرشد كنيسته من خلال ممثليه البشريين. ليس من الضروري أن يكون جميع الركاب على متن السفينة ملتصقين بالراديو الموجود على متن السفينة، لتلقي الإشارات حول المسار، وحول احتمال وجود جبال جليدية وحول الظروف الجوية، ولكن من الضروري أن يكون كذلك المسؤولون عن السفينة. من “إلهام إلهي”، قبله البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون بشجاعة، ولد المجمع الفاتيكاني الثاني. وهكذا ولدت بعده بوادر نبوية أخرى سيلاحظها الذين سيأتون من بعدنا. ليجعل الرب القائم من الموت صدى بعض كلمات “أنا هو” التي تأملنا فيها في هذا الصوم الكبير يتردد قلوبنا في عيد الفصح هذا! ولاسيما تلك التي تعلن انتصاره الفصحي: “أَنا القِيامةُ والحَياة مَن آمَنَ بي، وَإن ماتَ، فسَيَحْيا وكُلُّ مَن يَحْيا ويُؤمِنُ بي لن يَموتَ أََبَداً.