stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

الدين بين الايمان والتدين: 1. الصراع ‏- للاب هاني باخوم ‏

780views

الدين بين الايمان والتدين: 1. الصراع

للاب هاني باخوم – وكيل بطريركية الاقباط الكاثوليك
‏ والمتحدث الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية بمصر
القاهرة 2 سبتمبر 2018‏

الدين بين الايمان والتدين سلسلة مقالات تهدف الى محاولة تحليل فعل الايمان عند الانسان، بغض ‏النظر عن ديانته، معتقداته وافكاره. الانسان هو كائن يبحث ويسعى الى السمو. في قلبه لا يقتنع ان كل ‏شيء سينتهي بقبر. في طبيعته ما يدفعه الى ان يرفع راسه يوميا وينظر الى السماء وينتظر فيرجو. في ‏افعاله يبحث عماوراء الحدث. هو كائن يذهب الى ما بعد. ماساة الانسان تبدأ عندما يفقد الغد، ولا يعد ‏ينتظر شيء، فلا يرجو ولا يحلم، فيفقد الحب لذاته ولغيره.‏
من ناحية اخرى يرى نفسه يكبر، يشيخ، يمرض، يعجز، ومن حوله اشخاص تموت، يرى فشل في ‏العلاقات، خيبة امل، خيانة، فيبدا صراع بداخله: رغبة في الابدية وواقع ملئه النهاية والموت وفشل في ‏اوقات كثيرة. ‏
امام هذا الصراع الانسان مجبر ان يعطي لذاته رد، اجابة حتى ولو بطريقة غير واعية. ما تربى عليه، ‏ما عاشه من خبرات انسانية، اجتماعية او ايمانية، تكون هي معطيات اجاباته ورده على هذا الصراع. ‏الكل يحيا هذا باختلاف الثقافة او الفكر او الدين او اللون او الجنس، باختلاف المعرفة او التعليم، الكل ‏يحيا هذا الصراع (رغبة ابدية ورؤية موت قريب) بطريقة واعية ام لا فهو يحياها، ويعطي اجابة لها. هذه ‏الاجابة تنبع منها افعال الانسان وتصرفاته اليومية. معتقدات الانسان الدفينة في قلبه تجعله يقرر في هذا ‏الصراع ، وهذا القرار يظهر لنا معتقداته وافكاره. هذا القرار هو موضوع دراساتنا.‏
امام هذا الصراع يجد الانسان نفسه غير قار على ايجاد حل. فهو كائن محدود، ضعيف مهما اغتنى ‏من مال او علم او قدرات محدود امام ظروف الحياة اليومية امام التحديات المستمرة من امراض، ‏عواصف، براكين، شر اخيه الانسان في اوقات كثيرة. محدود فما العمل؟ يقرر ….‏
البعض يقرر ان كل هذا ليس له معنى، انه كلام فلسفي لا يمت للواقع بشيء. يهرب من الصراع ‏يحيا اليوم بيومه، يهرب في مأكل، مشرب، متع وراء متع، يهرب في واقع الحياة اليومي المحشود ‏بانشغالاته واهتماماته. يتخلص من الازمة لانه في العمق لا يجد لها حل. فيقرر انها ليست موجودة ‏اصلا. هذا القرار لا يصمد كثيرا، تأتى الرياح بما لاتشتهيه السفن. يأتي الواقع ويرى الانسان نفسه امام ‏محدوديته من جديد. كثيرا ما تسالت عن انتحار كبار الشخصيات ممثلين، فنانين، سياسيين….. لماذا ‏ينتحر انسان يملك كل شيء، ماذا ينقصه؟ ماذا يفتقد؟
البعض يخفي الصراع بداخله ويضع هدف اخر لوجوده، الانا وكياني، سلطة او مال، شهرة او شيء ‏اخر، رومانسية مفرطة لا تلامس الواقع، او واقعية حتمية ومنطق لا يرى الانسان، يضع ويخلق له شيء ‏كبير يجذبه يوميا اكثر فاكثر. هذا الشيء يغيب الانسان عن واقع الصراع هذا لوقت طويل كان ام قصير. ‏هذا الهدف يجعله يغمض عينيه ويبدا في مسيرته: طاحونة الحياة، يلف ويلف على امل ان يصل لشيء. ‏ويأتي وقت فتقع عصابة العين، وها هو يرى من جديد ما انطلق منه: الصراع.‏
ولكن هناك من يقرر شيء اخر. للمقالة القادمة. ‏