الراعي الصالح يفعل ما فعله الله الآب
“إنَّ الراعي الصالح يقترب من المهمّشين، هو قادر على التأثُّر ولا يستحي من لمس الجسد المجروح؛ أما الذي يتبع درب الإكليروسيّة فيقترب على الدوام من السلطة والمال” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلّها من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجيّة اليوم من القديس لوقا والذي يخبرنا عن شفاء المرأة المُنحنية الظهر.
قال الأب الأقدس كانَ يَسوعُ يُعَلِّمُ في المجمع يَومَ السَّبت والتقى بامرأة مُنحَنِيَةَ الظَّهرِ لا تَستَطيعُ أَن تَنتَصِبَ عَلى الإِطلاق، مرض في العمود الفقري كان قد استولى عليها مُنذُ ثَمانِيَ عَشرَةَ سَنَة، ويستعمل القديس لوقا خمسة أفعال ليصف ما يقوم به يسوع: رَآها فدَعاها، وَقالَ لَها، ثُمَّ وَضَعَ يَدَيهِ عَلَيها وشفاها. خمسة أفعال قرب لأنّ الراعي الصالح قريب على الدوام؛ كما في مثل الراعي الصالح الذي كان قريبًا من الخروف الضال، إذ ترك الخراف الأخرى ليبحث عن الضائع؛ هو لا يمكنه أن يبتعد عن شعبه.
أضاف الحبر الأعظم يقول أما علماء الشريعة والفريسيون والصدوقيّون فكانوا يعيشون منفصلين عن الشعب وكانوا يوبّخونه على الدوام؛ هؤلاء لم يكونوا رعاة صالحين بل كانوا منغلقين في مجموعتهم غير مبالين بالشعب؛ كانوا يهتمّون فقط بالكشف عن صناديق التقادم بعد نهاية الرتب الدينيّة، ليروا المبالغ التي جمعوها؛ لكنّهم كانوا بعيدين عن الناس. أما يسوع فكان قريبًا وقربه كان ينبع من ما يشعر به في قلبه.
لذلك تابع البابا فرنسيس يقول كان يسوع هناك على الدوام مع الأشخاص الذين كان رجال الدين هؤلاء يهمّشونهم. كان هناك الفقراء والمرضى والخطأة والبرص، كانوا جميعًا هناك لأنَّ يسوع كان قادرًا على التأثُّر أمام المرض، لقد كان راع صالحًا. إنَّ الراعي الصالح يقترب على الدوام وقادر على التأثُّر؛ وأضيف أن الميزة الثالثة للراعي الصالح هي أنّه لا يستحي من أن يلمس الجسد المجروح كما فعل يسوع مع هذه المرأة المنحنيّة الظهر ومع البرص والخطأة.
تابع الحبر الأعظم يقول إن الراعي الصالح لا يقول: “أنا قريب منك بالروح” هذا بُعد؛ ولكنّ الراعي الصالح يفعل ما فعله الله الآب، يقترب رحمة منا من خلال جسد ابنه. إن الراعي الكبير، أي الآب، قد علّمنا كيف يجب على الراعي الصالح أن يتصرّف: تنازل وأفرغ ذاته وواضع نفسه آخذًا صورة العبد. أضاف البابا متسائلاً: “لكن الآخرين الذين يتبعون درب الإكليروسيّة ممن يقتربون؟” يقتربون على الدوام من السلطة والمال، وهم رعاة سيّئين؛ يفكّرون فقط كيف يتمسّكون بالسلطة ويفاوضون على كلِّ شيء ويفكّرون في جيوبهم. هؤلاء هم المراؤون القادرين على كلِّ شيء والذين لا يهمّهم أحد من الشعب.
لكنَّ الراعي الصالح هو يسوع الذي يرى ويدعو ويلمس ويشفي، إنّه الآب الذي يتجسّد بابنه محبّة بنا؛ إنَّها لنعمة كبيرة لشعب الله أن يكون لديهم رعاة صالحين، رعاة على مثال يسوع لا يستحون من لمس الجسد المجروح ويعرفون – كما نعرف جميعًا – أننا في النهاية سنُحاسب على قول يسوع لنا: “لأَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيتُموني، وكُنتُ غَريباً فآويتُموني، وعُرياناً فَكسَوتُموني، ومَريضاً فعُدتُموني، وسَجيناً فجِئتُم إِلَيَّ”… إنَّ معايير الدينونة الأخيرة هي معايير قرب، معايير قرب شامل للمس ومقاسمة وضع شعب الله؛ لا ننسينَّ هذا الأمر أبدًا: الراعي الصالح يقترب على الدوام من الأشخاص، على مثال الله أبينا الذي صار قريبًا منا في يسوع المسيح الذي صار جسدًا وحلَّ بيننا.
الفاتيكان