الرجل العاقل يبنى بيته على الصخر – الأب وليم سيدهم
هناك نوعان من البشر – نوع حدد لنفسه أن يقهر الظروف ويتخذ كل الإجراءات المناسبة والخيرة طبعًا للبلوغ إلى هدفه، ونوع آخر حدد مع نفسه أو دون وعي منه أن تقهره الظروف ويتخذها هو أيضًا مطيّة لتدبير فشله وكل أخطائه بمنطق مزيف ومفضوح.
فإذا قلنا مثلًا أنَّ المطر والوحل والأتربة والزوابع هى موانع وصعوبات يمكنها أن تقف حائلًا أمام تنفيذ خططنا في العمل والتزاماتنا نحو الآخرين فإننا نجد الفرق واضح بين من يقهرون الظروف و يتفننون في تحييد مفاعيلها السلبية وبالتالي فإنه لا مطر ولا زوابع تمنعهم مثلًا من الوصول إلى أعمالهم في الساعات المحددة أو الوصول إلى محطة القطار في الساعة المحددة حتى لا يضيعوا على أنفسهم فرصة إنجاز أعمالهم إن كانوا اساتذة في الجامعات أو أطباء في مستشفيات أو قضاة في محاكم …إلخ.
وبين من يتخذون هذه الظروف سببًا لتبرير تقاعسهم وكسلهم وعدم همتهم وبالتالي سببًا في فشل سيطرتهم وقهرهم لهذه الظروف ويدعونا الكتاب المقدس على لسان يسوع أن نميز من أى نوع من المؤمنين نحن؟ هل مثل الرجل العاقل الذى يبني بيته على الصخر وبالتالي فإنه يضع كل إمكاناته وكل ما يجده مناسبًا لتأسيس بيته على الصخر حتى يضمن عدم قدرة الأمطار والسيول والزوابع على هدم بيته. وفي هذا المثل أن يجعل من كلام الله أساسًا لأعماله حتى يضمن قدرتها على الصمود ، أم نحن مثل الرجل الذي بنى بيته على الرمل و طبعًا لا يمكن أن نتخيل إنسانًا عاقلًا فعلًا يبنى بيته على الرمل إلا إذا كان عقله لجأ إلى الحلول السهلة المريحة التى في ظاهرها جميل وأنيق مثل جمال البيت وأناقته من الخارج ولكن لأن الحل مبنى على الكسل العقلي و الفعلي فهو في الباطن – لا أساس له – وبالتالي لن يصمد طويلًا أمام الرياح والزوابع.
وهذا يذكرنا بالشاب الغنى الذي حفظ كل شيء منذ الصغر إلا أنه لم يستطع أن يضيف بالعمل ما طلبه منه يسوع : “فحدق إليه يسوع فأحبه فقال له: واحدة تنقصك .. اذهب فبع ما تملك وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال فاتبعنى” (مر 10 : 21).
إن حفظ الكتاب المقدس لا يعدو أن يكون فعل ببغاني أو جهاز تسجيل لا أكثر ولا أقل لأن هذا النوع من كلمات الحياة تفقد قيمتها إن حفظناها ووضعناها في ذاكرتنا أو في ذاكرة الكترونية فتموت الحياة في هذه الكلمات الحيّة إن لم تترجم إلى أفعال حيّة.
إن الله يخاطبنا بكل الطرق السهلة والمريحة المأخوذة من واقع الحياة حتى لا نتحجج أننا لم نفهم. فالذي لا يستوعب لا تفسير لعدم إستيعابه إلا الكسل و التسويف.
ومثل باني البيت على الرمل أو على الصخر نجد معناه في المزمور : “إن لم يبن الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون” (مز 127 :1)، فمن بنى على الرمل خصم كلام الله وبالتالي يصبح بناء باطلًا وقابلًا للسقوط. أعنا يارب أن نبني على كلمتك كل حياتنا.