للأب هاني باخوم
مازلنا نبحث عن تلك الحبيبة، عن تلك السامرية، وجدناها بين الجبلين، وجدناها في السامرة، عند بئر يعقوب.
كثيرا ما تاثرت بهذه الصورة، صورة البئر. هذا الجرح العميق في باطن الارض والذي تخرج منه حياة، هذا الشق في عمق الحجر ينبع منه رطوبة وعذوبة ومياه. هذا هو البئر، شق وجرح قادر ان يكون مصدر حياة لكثيرين. صورة للصليب؟ صورة لجروحاتنا اليومية وصعوباتها؟ لا اعلم. اعلم ان من هذا البئر تخرج مياه. اعلم ان المسيح يمثل نفسه ومن يؤمن به كالبئر، تنبع منه مياه للحياة الابدية (يو 7).
البئر ايضا في الكتاب هو المكان الذي يحتمي عنده من يهرب من موقف، من صعوبة. نجد هاجر بعد هروبها من سارة تحتمي عند نبع المياه وتسمع صوت ملاك الرب. نجد موسى بعد ان قتل المصري يهرب ويحتمي عند البئر. وغيرهم … فالبئر هو المكان الذي يحتمي عنده من يهرب، كي يشرب فيرتوي ويستمر بعد ذلك في هروبه، ولكن كان ملاك الرب ينتظر هاجر هناك، وغير اتجاهها.
وهنا الحبيب ينتظر تلك السامرية، فهل ستغير اتجاهها؟ تأتي تلك الحبيبة، في الظهيرة، اصعب وقت كي تستقي من البئر، كانت خائفة من نظرات السيدات لها، من تلميحاتهم عليها، فهي لها سمعة خاصة، عاشت مع خمسة ازواج ومن معها الان ليس بزوجها. الكل يعرفها، يعرف ماضيها يعرف تصرفاتها، ولكن لا احد يعرف مستقبلها، لا احد يتوقع الذي من الممكن ان تكون عليه بعد لقاء الحبيب. الكل يحكم علينا بما فعلناه، ولا يوجد شخص قادر ان يرى فينا ما ممكن ان نكون عليه، الا الحبيب. ها هي تأتي هاربة كهاجر، كموسى، تأتي وتتمنى ان لا يراها احد، ان تختفي من عيون وعقول الناس وافكارهم. تأتي محملة بماضي ثقيل، تأتي مهمومة من واقع وحاضر يحاسرها، ومن مستقبل خفي لا تنتظر او تتوقع منه شيء جديد. تأتي ولا تدري ان هناك من ينتظرها، له عيون مختلفة، له رؤية جديدة، غريب.
تأتي وتجد رجل منفرد، من اليهودية، من اعداء السامرة. المنظر غير مريح، رجل عند الظهيرة، عند البئر وامراءة ذو سمعة خاصة تأتي وتجده هناك ويبدأ هو الحديث معها، وبالاحرى يطلب منها. ماذا يطلب؟ عادة عند البئر تتم الخطبة والتعرف على الزوجة، وجد اسحق زوجته هناك ويعقوب ايضا…. فالبئر هو مكان للتعرف على زوجة المستقبل. وهنا يوجد رجل وتأتي تلك السامرية، فماذا سيطلب منها؟
للمرة القادمة…. ايام مباركة