stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

الصبى يعلم الشيوخ..باخوميوس الكبير

859views

استدعى الأب باخوميوس أبّا تاردس في يوم أحد وقال له:”عند خروج الإخوة في ‏المساء من المائدة سلّم خدمتك لآخر وتعال حيث نجتمع للتعليم كل يوم أحد”.‏

فلما جاء تادرس إلى موضع التعليم قال له الأب باخوميوس: “قف هنا في وسط ‏الأخوة وتحدث إلينا بكلمة الرب مثلما كنتُ أفعل أنا”. فأطاعه أبّا تادرس على غير ‏رغبة منه وبدأ يتكلم بما أعطاه الرب في أمور نافعة للإخوة، بينما أنصت الجميع ‏وبينهم الأب باخوميوس كواحد منهم. فغصب بعضهم من القدامى بسبب الكبرياء ‏وعادوا إلى مساكنهم حتى لا يسمعوا لأبّا تادرس الذي كان شاباً بحسب فكرهم ‏البشري.‏

وبعد العظة والصلاة، جلس الأب باخوميوس كعادته وقال لهم: ‏

‏”ها قد سمعتم العظة، فلمن تكون؟‏
هل هي من عند المتكلم أم من عند الرب؟
فبأي فكر غضب هؤلاء من هذا الأمر؟ هل لكونه أصغر منهم؟
هوذا عندنا ولد، وبخصوصه قال الرب: “مَنْ قَبلَ ولداً واحداً مثل هذا باسمي فقد ‏قبلني” (مت 18: 5).‏
ألم أكن منصتاً كواحد منكم؟ بل وأؤكد لكم أنني لم أكن أتظاهر بالاستماع، بل إنني ‏كمن أُنصتُ بالفعل بكل قلبي كمن هو عطشان إلى الماء. لأن كلمة الرب هي بكل ‏نوع “مستحقة كل قبول” (1 تي 9:4) حسب المكتوب.‏
يا لشقاء الذين رجعوا إلى مساكنهم إذ إنهم حرموا أنفسهم من رحمة الله! وسيكون ‏من الصعب عليهم أن يحيوا إن لم يتوبوا عن كبريائهم، لأنه “قريبٌ هو الرب من ‏المنكسري القلوب ويخلّص المنسحقي الروح” (مز 34).‏

ثم دعا الأب باخوميوس أولئك الذين انسحبوا وسألهم:‏
‏”لماذا انسحبتم إلى قلاليكم؟”‏
فقالوا: “لأنك جعلتَ صبياً معلّماً لنا ولشيوخ كثيرين وبقية الأخوة؟.‏
فتنهد الأب الكبير وقال لهم:‏
‏”أتعلمون من أين دخل الشر إلى العالم منذ البدء”؟‏
فسألوه: “من أين”؟ فأجاب:‏
‏”من الكبرياء التي بسببها سقطت وتحطمت على الأرض نجمة الصبح المضيئة ‏في النهار (إش 14)، والتي بسببها أيضاً سكن نبوخذ نصر ملك بابل بين ‏الوحوش المفترسة (دا 5). ألم تسمعوا ما كُتب: “مكرهة الرب كل متشامخ ‏القلب” (أم 16:5)؟ لأن “كل من يرفع نفسه يتضع” (لو 14).‏

‏”والآن قد سلب الشرير كل فضيلتكم، غير عالمين أن الكبرياء هي أُمّ كل الشرور، ‏لأنه ليس تادرس هو الذي تركتموه بل إنكم هربتم من كلمة الله وسقطتم من الروح ‏القدس. حقاً ما أبأسكم وما أحوجكم إلى كل شفقة. كيف لم تفهموا أن الشيطان هو ‏الذي أثار فيكم هذا الفكر وأنكم بذلك قد انفصلتم عن الله؟

آه، يا للعجب! إن الله يضع نفسه ويُطيع حتى الموت من أجلنا، أما نحن الذين ‏بالطبيعة منخفضين فننتفخ في أنفسنا! لقد انقلب الوضع بواسطتنا: فإن الذي هو ‏فوق الجميع والأعظم بما لا يُقاس، جذب العالم إليه بتواضعه، بينما كان في ‏استطاعته أن يحرقه بمجرد ومضة! أما نحن الذين لسنا شيئاً فنرفع أنفسنا غير ‏عالمين أننا بذلك ندفع أنفسنا دفعاً إلى أعماق الأرض.‏

ألم تروني واقفاً أنصت إلى تعاليمه؟ وأقول لك الحق، لقد انتفعتُ كثيراً جداً من ‏الاستماع إليه، لأنني لم أقصد أن أختبره لما ألزمته أن يتكلم، ولكنني كنتُ أتوقع ‏أن أجني منفعة لنفسي. فكم كان يليق بكم أنتم بالأكثر أن تنصتوا لكلامه بلهفة ‏عظيمة واتضاع؟ أنا أباكم في الرب كنت أنصتُ له بكل كياني مثل إنسان لا يعرف ‏يمينه من شماله. لذلك فإنني أقول لكم أمام الله: إن لم تُظهروا توبة عظيمة عن ‏هذه الخطية، وإن لك تبكوا وتنوحوا على أنفسكم لكي يُغفر لكم ما حدث منكم ‏فستمضون إلى الهلاك”.‏

المرجع: فردوس الآباء الجزء الثاني إعداد رهبان ببرية شيهيت: سيرة باخوميوس ‏باليونانية ‏G 1‎‏ + سيرة باخوميوس بالقبطية البحيرية‏