الصلاة من أجل السلام في أسيزي، مسيرة متواصلة منذ دعوة البابا القديس يوحنا بولس الثاني
نقلا عن الفاتيكان نيوز
21 سبتمبر 2021
كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .
مرت في ٢٠ أيلول سبتمبر الذكرى الخامسة لمشاركة البابا فرنسيس في اليوم العالمي للصلاة من أجل السلام في أسيزي، مبادرة أطلقها البابا القديس يوحنا بولس الثاني وواصلها خلفاه بندكتس السادس عشر وفرنسيس انطلاقا من الوعي بأهميتها والحاجة إليها.
خمس سنوات مضت، في ٢٠ أيلول سبتمبر ٢٠١٦ جمع البابا فرنسيس في أسيزي، مدينة القديس فرنسيس، القادة الدينيين في اليوم العالمي للصلاة من أجل السلام، وذلك ٣٠ عاما بعد الحدث التاريخي الذي دعا إليه البابا القديس يوحنا بولس الثاني سنة ١٩٨٦. وعقب الصلاة سنة ٢٠١٦، وفي أوضاع تختلف كثيرا عما كانت عليه مع انطلاق دعوة البابا القديس، تحدث البابا فرنسيس مشيرا إلى تناقض العنف مع روح الدين، وأكد قداسته: ” لن نكل أبدا عن التكرار بأن اسم الله لا يمكنه أن يبرر العنف. وحده السلام هو مقدس. وحده السلام هو مقدس، لا الحرب”. وعاد في كلمته إلى مبادرة البابا يوحنا بولس الثاني والتي نشأ عنها “حج مطوّل، أشرك الكثير من المؤمنين -إذ لمس العديد من المدن في العالم- في الحوار وفي الصلاة من أجل السلام؛ لقد جمع دون أن يخلط، وولّد صداقات متينة بين أشخاص من أديان مختلفة وساهم في إخماد الكثير من الصراعات”. وأضاف قداسته: ” هذه هي الروح التي تحيينا: أن نحقق اللقاء عبر الحوار، وأن نعارض كل أشكال العنف والإساءة إلى الدين لتبرير الحرب والإرهاب. وبالرغم من ذلك، في السنوات الأخيرة قد عانى بشدة العديد من الشعوب من الحرب. ولم نفهم دوما أن الحرب تسيء إلى العالم، وتترك ميراثا من الألم والحقد. فالجميع يخسر في الحرب، حتى الذي ينتصر. لقد صلينا لله كي يمنح السلام للعالم. ونحن نعترف بأننا بحاجة مستمرة للصلاة من أجل السلام، لأن الصلاة تحمي العالم وتنيره. السلام هو اسم الله”.
البابا الفخري بندكتس السادس عشر شدد بدوره خلال مشاركته في يوم الصلاة من أجل السلام في أسيزي سنة ٢٠١١ على أهمية هذه المبادرة التي أطلقها سلفه يوحنا بولس الثاني. وذكر بندكتس السادس عشر حينها، في إشارة إلى سقوط جدار برلين وتغير الأوضاع العالمية في تلك الفترة، أن تطلع الشعوب إلى الحرية كان أقوى من الخوف أمام ترسانة العنف التي لم يكن لها أي غطاء روحي، وأعرب عن الامتنان على انتصار الحرية هذا والذي كان أيضا انتصارا للسلام حسب ما ذكر. تحدث البابا الفخري من جهة أخرى عن أن العالم لم يزل يعاني من الخلافات وحذر من فهم الحرية على أنها حرية العنف. وواصل متحدثا عن الإرهاب وعن عنف آخر متعدد الأشكال هو ثمرة إنكار الله وفقدان الإنسانية. وخلال استقباله في الفاتيكان في اليوم التالي المشاركين في يوم الصلاة من أجل السلام تحدث عن أهمية هذه المبادرة، وأعرب عن إيمانه بأن هذا اليوم قد منح معنى لما هو أصيل في رغبتنا في الإسهام في خير البشر جميعا، وللأمور الكثيرة التي يجب أن نتقاسمها أحدنا مع الآخر. ودعا إلى استنباط القوة من هذه الخبرة وإلى مواصلة المسيرة التي تقود إلى الحقيقة والحج الذي يقود إلى السلام.
هذا وكان البابا القديس يوحنا بولس الثاني قد وجه في يوم الصلاة الأول من أجل السلام سنة ١٩٨٦ كلمة قوية شدد فيها على الرباط الوثيق بين التصرفات الدينية الحقيقية وخير السلام. وأضاف في كلمته أن الصلاة في حد ذاتها هي دعوة إلى العالم كي يكون على وعي بوجود بُعد آخر للسلام وأسلوب آخر لتعزيزه، ليس ثمرة مباحثات أو حلول وسط سياسية أو مقايضات اقتصادية بل ثمرة الصلاة، والتي ورغم تعدد الأديان تعبِّر عن العلاقة مع قوة عليا تتجاوز قدراتنا البشرية بمفردها. وتحدث حينها البابا يوحنا بولس الثاني عن أن السلام ينتظر صانعيه مشددا على أنه ليس هناك سلام بدون محبة شغوفة للسلام وإرادة قوية لبلوغه. وختم البابا القديس كلمته سنة ١٩٨٦ بصلاة القديس فرنسيس الأسيزي “يا رب، اجعلني أداة لسلامك”.