النفاق حسب الاب كانتالامسا
• مدينة الفاتيكان:
هذا العام، كانت دورة عظة أيام الصوم المقدمة لأعضاء كوريا الرومانية، موضوعها “تعال بنفسك”، عبارة من القديس أغسطينوس من أطروحته عن الدين الحقيقى. موضوع مختار للبقاء متواصلا من تأملات المجئ، التي تدور حول آية المزمور “عطشت نفسى الى الله، الى الإله الحى. متى أجئ و أتراءى قدام الله؟”
هذه الجمعة، قدم الأب رانييرو كانتالاميسا إنعكاسا على نقاء القلب، شرط لرؤية “الله”. بعد ذكر النقاوة بإيجاز بمعنى “سلوك معين في مجال الجنس، يتميز بضرورة إحترام إرادة الخالق و الغرض الجوهرى من الحياة الجنسية “نفسها” و معارضة “خطيئة النجاسة”، كرس الأب كانتالاميسا تحليله للمعنى الآخر لتعبير “القلوب النقية” “بر النوايا، عمليا على الفضيلة خلافا للنفاق.” إعتمادا على الأناجيل و العديد من الفلاسفة، اقترح الواعظ أن ” نعترف بجزء النفاق في أفعالنا بوعى أو بدون وعى.”
• ما هو النفاق؟
تأتى كلمة النفاق من مصطلح مسرحى، و يمكن تعريفها بحقيقة “وضع قناع، التوقف عن كونك شخصا لتصبح شخصية.”
”ان الشخصية ليست سوى فساد الشخص. الشخص هو وجه، الشخصية قناع. الشخص هو عرى جذرى، الشخصية هي كل الملابس. يحب الشخص الأصالة و ما هو أساسى، تعيش الشخصية على الخيال و الخدعة. يطيع الشخص قناعاته الخاصة، و تطيع الشخصية نص مكتوب.” و أوضح الأب كانتالاميسا أن الشخص متواضع و خفيف، الشخصية ثقيلة و مرهقة.”
حذر الواعظ من أن “النزعة الفطرية للإنسان تزداد بشكل كبير من خلال الثقافة الحالية التي تهيمن عليها الصورة.” خطر آخر يكمن في “كثرة الطقوس التي اعتاد المتدينون على أدائها و الوصفات الطبية التي يلتزمون بها. اذا لم تكن مصحوبة بجهد مستمر لإدخال الروح، بمحبة الله و الآخر، تصبح هذه الطقوس صدفات فارغة.” و حينما يكون النفاق متجذرا ماكرا في الروح، “إنه يخلق، مثلما هو الحال في الزواج، كما هو الحال في الحياة المكرسة، مثل “حياة مزدوجة”: “واحدة واضحة و أخرى مخفية، في كثير من الأحيان ، تكون الحياة نهارية، و الأخرى ليلية. إنها أخطر حالة روحية للروح، حيث يصبح من الصعب جدا الخروج منها، ما لم يتدخل شيء من الخارج لكسر الجدار الذى أغلقنا أنفسنا بداخله.”
النفاق هو سلوك رفضه يسوع مرارا و تكرارا في الإنجيل، على سبيل المثال في إنجيل القديس متى (متى 2:6) “فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق، كما يفعل المراؤون في المجامع و في الأزقة، اكى يمجدوا من الناس. الحق أقول لكم: إنهم قد إستوفوا أجرهم!” يحذر يسوع من الدينونة التي تشبه “تشبه سيفا مشتعلا”، بحسب الأب كابوسين.
ان مواجهة ميل المرء الى النفاق هو أمر ممكن، على الرغم من “أنه لن يكون أبدا إنتصارا من أول مرة.” أثار الأب كانتالاميسا وسيلتان. أولا، “تصحيح النية. نصل الى بر النية بالتصحيح المستمر و اليومى لنياتنا. نية الإرادة – و ليس الشعور الطبيعى – هو ما يصنع الفرق في نظر الله”، و أيضا “إخفاء الخير الذى نقوم به. تفضيل هذه الإيماءات الخفية التي لن تفسدها أي نظرة أرضية و التي ستحافظ على كل عطائها لله.”
كما كتب القديس يوحنا الصليب، “يسعد الله أكثر بكثير بالأعمال الصغيرة، التي تتم في السر و العزلة، دون الرغبة في أن ترى، أكثر من العديد من الأعمال العظيمة التي تتم برغبة إظهارها للناس.” صدى من الإنجيل، حيث يوصى يسوع “لكى تكون صدقتك في الخفاء، صلاتك في الخفاء، صيامك في الخفاء، فأبوك الذى يرى في الخفاء هو يجازيك علانية.” (راجع متى 6: 4 – 18).
علق الأب كانتالاميسا، موصيا ب “التمييز بين ما هو أفضل، أن يرانا الآخرين، أو لا يرونا”.
• البساطة، طريق صعب لنقاء القلب:
كرس الأب كابوسين جزءا كبيرا من عظته عن الفضيلة المناهضة للنفاق، تحثنا كلمة الله على “زرع”: البساطة.
كلمة “البساطة” لها دوما المعنى السلبى للسذاجة و السطحية و التهور. يهتم يسوع بإستبعاد هذا المعنى، و التوصية: “كن وديعا مثل الحمام” فهو يتبع الدعوة ل”تكن حكيما كالحيات”. اعتمد القديس بولس على تشجيع “تفتيش المنزل الداخلى، القلب” و “نزع ك ما هو قديم و فاسد ليصبح “عجينة جديدة” (راجع 1 كو 5، 7-8). و قال: “النية النقية و البسيطة تجمع قوى الروح المشتتة، و تهيئ العقل و توحده مع الله.”
”انها البداية و النهاية و تجميل جميع الفضائل. رعاية الله وحده و الحكم على الأشياء التي تتعلق به فقط، البساطة ترفض التوبيخ و النفاق و كل إزدواجية.
النية الطاهرة و المستقيمة هي تلك العين البسيطة التي ذكرها يسوع في الإنجيل، و التي تضئ الجسد كله، أي كل حياة و أفعال الإنسان، التي تحافظ عليه من الخطيئة.”
لكن لتبسيط كيان الشخص كله “هو واحد من أكثر الأشياء الشاقة و الجميلة في المسار الروحى.
البساطة هي سمة الشخص التي طهرته التوبة الحقيقية، لأنها نتيجة للإنفصال الكامل عن النفس و محبة المسيح. يتم تحقيق ذلك تدريجيا دون أن يحبطنا السقوط، و لكن بتصميم على طلب الله لنفسه و ليس لأنفسنا.
في ختام تأمله، إستشهد الأب كانتالاميسا بمزمور (138 – 139)، موصيا “قراءته ببطء و بشكل متكرر، كما لو كنا نقرأه لأول مرة، أو بالأحرى، كما لو كنا نؤلفه بأنفسنا أو كما لو كنا أول من ننطقه. و أؤكد أنه اذا كان النفاق و الإزدواجية يتمثلان في التطلع الى نظرة الناس أكثر من نظرة الله، سوف نجد هناك العلاج الأكثر فعالية.”