stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

العظة الثالثة للآب كانتالاميسا عن الصوم الكبير – ترجمة المكتب الإعلامي الكاثوليكي بمصر ‏

906views

العظة الثالثة للآب كانتالاميسا عن الصوم الكبير
ترجمة المكتب الإعلامي الكاثوليكي بمصر ‏

إن كلمة الله التي سترافقنا في هذا الفصل هي من إنجيل يوحنا:‏
وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه، أخت أمه، مريم زوجة كلوبا و مريم المجدلية.‏
فلما رأى يسوع أمه و التلميذ الذى كان يحبه واقفاً قال لأمه : ” يا إمرأه، ها هو ذا إبنك” ثم قال للتلميذ: ‏‏” ها هي ذي أُمَكْ “، و من تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته. (يو19 : 25-27) ‏

من هذا النص اكثيف جداً، دعونا نأخذ في الوقت الحالي فقط الجزء الأول، الجزء المَرْوِىنترك للمرة ‏القادمة التعليق على الكلمات التي وجهها يسوع إلى تلميذة و أمة.‏
إذا كانت مريم والدته وقفت على الجلجثة بجانب صليب يسوع، فهذا يعنى أنها في تلك الأيام كانت ‏في أورشليم وبالتالي رآت كل شيء و شهدت كل الأحداث و العواطف.‏
لقد سمعت الصراخ : ” ليس هو، بل باراباس ” . رأت رأت اللحم من جلده منبثق، و الدم مسفوك، ‏متوجاً بالأشواك، نصف عارى أمام الحشد، رأته محبطاً، مهتزاً من قشعريرة الموت على الصليب. ‏
سمعت صوت ضربات المطارق و الشتائم : ” إذا كنت إبن الله……..” . رأت الجنود يتقاسمون ‏ملابسه و السترة التي ربما نسجتها بنفسها. ‏
إذن فإن التقاليد المسيحية ليست خاطئة عندما تنطبق على مريم تحت الصليب، الكلمات التي نطقت ‏بها إبنة صهيون من أسفها و إحباطها : ” جميعكم من يمرون على الطريق، أنظروا، أنظروا إذا كان ‏هناك ألم مثل ألمى الذى يؤلمنى كثيراً ( لم 12،1 ) إذا كان بإستطاعة القديس بولس أن يقول ” إنى ‏حامل في جسدى علامات الرب يسوع ( غلاطية 6 : 17 ) فماذا يمكن أن تقول مريم أول من ‏وصمت ( بالعار) في المسيحية، فلقد حملت الوصمات غير المرئية المطبوعة في قلبها ، كما حدث ‏لاحقا للقديسين و القديسات. ‏

‏” و كانت واقفات عند صليب يسوع ، أمه، أخت أمه، مريم زوجة كلوبا و مريم المجدلية “. ‏مجموعة من أربعة نساء لم تكن مريم وحدها، كانت واحدة من هؤلاء النساء. نعم لكن ظهرت مريم ‏من وسطهم كأم : تماماً كما في جنازة شاب ذو ال18 عام، حيث إجتمع المودعون خلف النعش ‏جميعهن يرتدن ثياب سوداء و يبكن بينما ظهرت في وسطهن إمرأه بدت و كأنها مختلفة عن الجميع، ‏كانت الام.‏
‏ ‏
كانت أرملة و لم يكن لديها سوى هذا الإبن، كانت عيناها شاخصتان إلى النعش و شفتاها تردد إسم ‏الإبن، و حيث بدأ الجميع في الصلاة بصوت واحد :” قدوس، قدوس، قدوس رب الصباؤوت ” بدأت ‏الأم معهم بترديد الصلاة على شفتيها دون أن تدرك : ” قدوس، قدوس………رب الصباؤوت ” في ‏هذه اللحظة تذكرت مريم تحت الصليب.‏

مطلوب من مريم موقف بالغ الصعوبة ؛ المغفرة. عندما سمعت إبنها يصلى : ” يا أبتاه، إعفر لهم، ‏لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون ” ( لو 23 : 24 ) . فهمت ما إنتظره منها الأب السماوى أنها ستعمل ‏في قلبها هذه الكلمات نفسها : ” يا أبتاه، إغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون ” تقول لهم: ” لقد ‏غفرت “.‏

إذا كان من الممكن تجربة مريم كما حدث مع يسوع في الصحراء، فقد كانت تجربتها تحت الصليب ‏تجربة أكثر ألماً، لأن يسوع نفسه كان سببها . أمنت بالوعود بأن يسوع هو المسيح إبن الله. كانت ‏تعرف أنه لو صلى يسوع لكان الأب أرسل له أكثر من إثنتى عشرة جيشاً من الملائكة ( متى 26 : ‏‏53 ) إذا كان يسوع لم يحرر نفسه من على الصليب، فإنه لن يحررها من ألمها الرهيب.‏
ومع ذلك لم تصرخ مريم : ” إنزل من على الصليب، إنقذ نفسك و أنقذنى معك . لقد أنقذت العديد ‏من الأخرين . لماذا الأن لا يمكنك إنقاذ نفسك يا بنى؟ ” . حتى و إن كان سهل فهم هذه الفكرة و هذه ‏الرغبة في قلب أم و لكن مريم كانت صامتة.‏

من الناحية الإنسانية كان عند مريم الكثير من الأسباب لتصرخ و تقول للرب : ” لقد خدعتنى ” ( أو ‏مثلما قال النبى أرميا ذات يوم : ” أنت أغويتنى، و أنا سمحت لنفسى أن تغوى ” ) و الفرار من ‏الجلجثة . بل على العكس لم تهرب بل بقيت واقفة في صمت . و بذلك أصبحت بطريقة خاصة جداً ‏شهيرة الإيمان و شهادة عليا على الثقة بالله، تابعة لإبنها .‏

وجدت رؤية مريم التي اتحدت مع تضحية إبنها، تعبيراً مهيباً في نص الفاتيكان الثانى : وهكذا ‏تقدمت العذراء المقدسة في إيمانها محافظة بإخلاص على الإتحاد مع إبنها حتى الصليب، حيث كانت ‏بدون خطة إلهية تقف و تعانى بقسوة مع إبنها الوحيد مرتبطة بقلب الأم مع تضحيته ، تعطى تضحية ‏الضحية المولودة من جسده المتوافقة بحبه.‏

لم تقف مريم إذن بجانب صليب يسوع بالقرب منه فقط بالمعنى المادى و الجغرافى ، و لكن أيضاً ‏بالمعنى الروحى.‏

كانت متحدة مع صليب يسوع تقاسمت نفس المعاناة عانت معه، عانت في قلبها ما عاناه ابنها في ‏جسده. و من يستطيع التفكير بطريقة أخرى اذا عرفنا و لو قليل معنى أن تكون أما؟

كان يسوع رجلا، كونه رجل، لم يكن في هذه اللحظة و في نظر الجميع، سوى ابن أعدم في حضور ‏والدته. لم يعد يسوع يقول كما في قانا ” مالى و لك يا امرأة؟ لم تأتى ساعتى بعد” (يو 4:2). الآن و ‏قد حانت “ساعته”، هناك حقيقة كبيرة مشتركة بينه و بين أمه: نفس المعاناة. في هذه اللحظات ‏القاسية، عندما طرح الآب نفسه نظره عن الرجل، لم يبقى ليسوع سوى نظرة أمه، حيث يمكنه أن ‏يلجأ الى الراحة و يجدها. هل سيزدرى هذا الوجود و هذه الراحة الأمومية، الذى قاله لتلاميذه الثلاثة ‏في جثسيمانى “امكثوا ههنا و اسهروا معى”؟ (متى 38:26)‏

• الوقوف بجانب صليب يسوع:‏
متبعين دائما إرشادنا الروحى، الذى يعتبر مريم رمز و مرآة للكنيسة، بداياتها و نموذجها، يجب ‏أن تطرح السؤال: ماذا كان يعنى الروح القدس للكنيسة، من خلال عرض ذلك، في نصوص ‏الكتاب المقدس، هذا التواجد لمريم تحت الصليب؟

انها كلمة الله نفسها هي التي تظهر لنا كيف ننتقل من مريم الى الكنيسة، و التي تخبرنا بما يجب ‏على كل مؤمن فعله لتقليده. “بجانب صليب يسوع، كانت تقف مريم أمه و بجانبها التلميذ الذى ‏كان يحبه”. تحتوى هذه القصة بالفعل على الحث. ما حدث في ذلك اليوم يشير الى ما كان يجب ‏أن يحدث كل يوم: الوقوف بجانب مريم بالقرب من صليب يسوع، كما وقف التلميذ الذى كان ‏يسوع يحبه هناك.‏

تطرح هذه الجملة درسا مزدوجا: أولا، يجب الوقوف بجانب الصليب، و ثانيا، يجب الوقوف ‏بجانب صليب “يسوع”. هذان شيئان مختلفان و لكن لا ينفصلان.‏

الوقوف بجانب صليب “يسوع”. تخبرنا هذه الكلمات أن أول شيء يجب فعله، و الأهم، ليس ‏الوقوف بجانب الصليب بشكل عام و لكن الوقوف بجانب صليب “يسوع”. لا يكفى الوقوف ‏بجانب الصليب، في وقت المعاناة، أو حتى الوقوف في صمت. لا! قد يبدو هذا بطوليا، و لكنه ‏ليس الأهم. قد يكون أيضا لا شيء. ما هو حاسم هو الوقوف بجانب صليب “يسوع”. ما يهم ليس ‏صليبنا بل صليب المسيح. انها ليست حقيقة المعاناة، بل حقيقة الايمان و بالتالى جعل معاناة ‏السيد المسيح معاناة الشخص ذاته. الايمان أولا. كان أعظم شيء في مريم تحت الصليب هو ‏ايمانها، أكثر من معاناتها. يقول بولس الرسول “ان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، و أما ‏عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله” (كو 24:18) و يقول أن الإنجيل هو “قوة الله للخلاص لكل ‏من يؤمن” (روم 16:1) بالنسبة لجميع الذين يؤمنون و ليس لجميع الذين يعانون، حتى لو كان ‏الواقعان يسيران معا، كما سنرى.‏

نكتشف هنا مصدر كل قوة الكنيسة. تأتى قوة الكنيسة من حقيقة التبشير بصليب يسوع، موضوع ‏يعتبر في نظر العالم رمز الجنون و الضعف. من هنا تتخلى عن أي احتمال أو إرادة لمواجهة ‏العالم الغير مصدق و الغير مهتم بأساليبها الخاصة التي هي حكمة الأقوال و الكلمات، قوة ‏المنطق و السخرية و كل شيء “قوى في العالم” (راجع 1 كور 27:1). يجب أن نتخلى عن ‏التفوق الإنسانى حتى تظهر و تتصرف القوة الإلهية الموجودة في صليب المسيح. الإصرار على ‏هذه النقطة الأولى ضرورى للغاية. لم تتم مساعدة غالبية المؤمنين على الإطلاق في دخول هذا ‏السر الذى يقع في قلب العهد الجديد و الذى يغير حياتنا.‏
‏”الوقوف بجانب الصليب”. أي إشارة، أي دليل سيكون لدينا أننا نؤمن حقا بصليب المسيح، أي ‏إشارة، أي دليل على أن “كلمة الصليب” ليست مجرد كلمة، مبدأ تجريدى، لاهوت جميل، ‏أيدلولوجية، و لكن ما هو الصليب حقا؟ الإشارة و الدليل، حمل الصليب و اتباع يسوع (مر ‏‏34،8).‏
الإشارة هي المشاركة في معاناته (فيل 10:3) (روم 17:8)، ليتم صلبه معه (غل 20:2)، ‏لإستكمال، من خلال معاناتنا الخاصة، نقائص شدائد المسيح (كول 24:1). يجب أن تصبح حياة ‏المسيحى ذبيحة حية، مثل حياة المسيح (راجع روم 12:1). لا يمكن فقط أن تكون معاناة مقبولة، ‏و لكن معاناة نشطة، عاشت في إتحاد مع المسيح: “أقمع جسدى و أستعبده” ( 1 كو 27:9) كانت ‏حياة المسيح كلها صليب و استشهاد و أنت تبحث فقط عن الفرح و الراحة لنفسك؟

في الكنيسة، نجد في الواقع طريقتان للوقوف أمام الصليب و محبة المسيح: الأولى، على أساس ‏الايمان الذى يرتكز على صليب المسيح، الذى لا يريد مجدا غير مجد صليب المسيح.‏
الآخر المتطور، على الأقل في الماضى، خاصة من الناحية الروحانية الكاثوليكية و الذى يصر ‏على المعاناة مع المسيح، المشاركة في آلامه و أحاسيسه، كما كان الحال مع بعض القديسين، ‏إحياء النفس مع آلام المسيح بما في ذلك الوصمات و الندبات.‏
من الواضح أنها ليست مسألة وضع عمل المسيح و عملنا على نفس المستوى، و لكن إستقبال ‏كلمة الكتاب المقدس التي تعلم أن الشخص سواء الايمان أو سواء الأعمال. واحد بدون الآخر ‏فأنت ميت. (راجع يعقوب 14:2 و مايليها). يمكن أن نقول أن المشكلة تتعلق بالايمان. انه ‏الايمان نفسه بصليب المسيح و الذى يجب أن يمر بالمعاناة ليكون أصيلا.‏
تذكرنا رسالة بطرس الأولى أن المعاناة هي “بوتقة” الايمان، ان اليمان يحتاج الى المعاناة ليكون ‏نقيا، مثل الذهب في النار.‏

بمعنى آخر، صليبنا ليس في حد ذاته خلاصا، انه ليس مقدرة و لا حكمة. في حد ذاته هو عمل ‏بشرى بحت، بل هو عقاب.‏
يصبح مقدرة، قوة و حكمة الله بالمقياس و الحد الذى يرافقنا بالايمان و بتصرف الله نفسه.‏
يوحدنا بصليب المسيح “المعاناة”.‏
كتب القديس يوحنا بولس الثانى بعد إقامته الطويلة في المستشفى – بعد الهجوم، أن تكون منفتحا ‏بشكل خاص على عمل قوى الله الخلاصية، المقدمة للبشرية في المسيح.‏
المعاناة توحد صليب المسيح ليس فكريا فقط، بل وجوديا و ملموسا.‏
انها نوع من القناة، الطريق المؤدى، الى صليب المسيح، ليس موازيا للايمان، بل طريق به و ‏اليه.‏

• سترجو بعكس كل أمل:‏
و لكن حان الوقت لتوسيع آفاقنا. بالنسبة للقديس يوحنا الذى يخبرنا عن الفقرة، فإن الصليب ليس ‏وقت موت يسوع فقط، لكن أيضا “بمجده” و إنتصاره.‏
إن القيامة حدثت بالفعل و تعمل في رمز الروح الذى ينتشر (راجع يو 37،33،19:7).‏

على الجلجثة، لم تشارك مريم وفاة إبنها فقط، و لكن أيضا بدايات القيامة.‏
صورة مريم تحت الصليب، مثل تلك المستوحاة من ‏‎“Stabat Mater” ‎، حيث أن مريم لم تكن ‏سوى “حزينة و مبتلاة”، حيث أنها في الواقع سيدة الأحزان، ستكون غير كاملة تماما لأنه لا ‏يوجد لديها سبب حقيقة أن يوحنا هو الذى قدمها هناك، و أن الصليب بالنسبة له، قيمة المجد و ‏الإنتصار. على الجلجثة، لم تكن مريم فقط “سيدة الأحزان”، بل أيضا أم الرجاء، ‏Mater Spei، ‏كما تدعى ترنيمة الكنيسة.‏

حسب إبراهيم، يؤكد القديس بولس “آمن على كل رجاء، آمن” (روم 18:4). نفس التوضيح، و ‏لأكثر من سبب أيضا، ينطبق على مريم تحت الصليب: آملا في كل رجاء، آمنت. اذن ما هو ‏الأمل في كل رجاء بإستثناء أنه في حالة إنسانية تماما محرومة من أي أمل، لا يوجد أقل من ‏الرجاء. بطريقة لا يمكن تفسيرها لنا، ربما لم تكن هي نفسها قادرة على شرح ما بها، تعتقد ‏مريم، و كذلك إبراهيم “أن الله قادر على إقامة (إبنها) من الأموات أيضا”. (راجع عبرانيين ‏‏19:11).‏

يذكر نص الفاتيكان الثانى هذا الرجاء لمريم تحت الصليب كعنصر محدد في دعوتها الأمومية: ‏تحت الصليب “جلبت الى عمل المخلص تعاونا لا مثيل له تماما من خلال طاعتها، ايمانها، ‏رجائها و محبتها.‏

عندما نأتى الى الكنيسة، يعنى الى أنفسنا. من بين الأحداث الثلاثة التي تحييها الكنيسة في ذكرى ‏القيامة – صلب، دفن، و قيامة الرب – في هذه الحياة الحالية – يكتب القديس أغسطينوس، نحن ‏ندرك ما يرمز اليه الصليب، بينما نتمسك بالايمان و الرجاء الذى يعنى الدفن و القيامة. ‏
الكنيسة، مثل مريم، تعيش اقيامة “في الرجاء” كما بالنسبة لها، اذا كان الصليب موضع اختبار، ‏فإن القيامة موضع رجاء.‏

كما كانت بجانب إبنها المصلوب، فإن الكنيسة مدعوة للوقوف بجانب المصلوبين اليوم: الفقراء، ‏الذين يعانون، المذلولين و المظلومين. و كيف ستكمل الكنيسة هذه الرسالة؟
بالرجاء، مثل مريم. لا يكفى التعاطف مع أوجاعهم و أحزانهم أو حتى السعي للتخفيف عنهم. هذا ‏قليل جدا. يمكن لأى شخص فعل ذلك، حتى من ينكر القيامة. يجب على الكنيسة أن تجلب الرجاء ‏و الأمل بإعلان أن المعاناة ليست عبثية، بل لها معنى. لأنه ستكون هناك قيامة للموتى. يجب ‏عليها أن “تعطى سبب للرجاء الذى يسكنها” (راجع 1 ص 15:3).‏
يحتاج الناس الى الأمل لكى يحيوا، مثل الأكسجين للتنفس. تحتاج الكنيسة أيضا الى الرجاء ‏لمواصلة طريقها عبر التاريخ و عدم الخضوع أمام العديد من المحن. منذ فترة طويلة و حتى ‏وقتنا هذا، يظل الرجاء الأخت الأصغر، النسب الفقير للفضائل اللاهوتية.‏
الشاعر شارل بيجوى لديه صورة جميلة بهذا الصدد. يقول أن الفضائل اللاهوتية الثلاثة – ‏الايمان، الرجاء و المحبة – مثل ثلاث شقيقات: اثنتان بالغتان و واحدة لا تزال طفلة. انهم ‏يمشون سويا في الشارع ممسكين بأيديهم، الطويلتان على الجانبين، و الفتاة الصغيرة في الوسط. ‏التي تسمى بالطبع الرجاء.‏
كل من يراهم يقول: بالتأكيد البالغتان يسحبان الفتاة التي في الوسط. انهم مخطئون! ان الفتاة ‏الصغيرة، الرجاء، هي التي تسحب الأختين، لأنها ان توقفت، توقفوا جميعا.‏

يجب علينا، كما يقترح نفس الشاعر، أن نصبح “شركاء في الرجاء الصغير”. هل تمنيت بشدة ‏في شيء ما، تدخل الله، و لم يحدث شيء؟ ‏
هل بدأت تتمنى من جديد مرة أحرى و أيضا لا شيء؟ هل استمر كل شيء، كما كان من قبل، ‏بالرغم من الكثير من الدعاء، و الكثير من الدموع، و ربما أيضا الكثير من الأسئلة التي ستتم ‏الإجابة عنها؟
استمر في الأمل، الرجاء مرة أخرى، لا يزال الأمل حتى النهاية. كن شريكا في الرجاء.‏
أن تصبح شريكا في الرجاء هو السماح لله أن يخيب ظنك، و أن يختبرك هنا بقدر ما يريج. ‏أقضل من ذلك: أنه في الأساس أن تكون سعيدا، في انسحاب نهائي لقلبك، أن الله لم يستمع اليك! ‏أما في المرة الأولى أو الثانية و أنه يستمر في عدم السماع اليك، لأنه هكذا سمح بإعطاء دليل ‏آخر، لعمل فعل رجاء أكثر، في كل مرة أكثر صعوبة. لقد أعطاك نعمة أكبر بكثير مما طلبته ‏منه: نعمة الرجاء فيه. لديه القدرة على المغفرة لجميع مخلوقاته.‏
لكن يجب أن تحذر: الرجاء ليس مجرد تصميم داخلى جميل و شعلاى، صعب اذا كنا نريد ذلك، ‏و لكنه في الواقع، يتركك غير نشط، دون أي ارتباط ملموس، و بالتالى، في النهاية، يبقى عقيما. ‏على العكس، فإن الرجاء يعنى اكتشاف أن هناك المزيد مما يجب القيام به، و واجب يجب ‏إكماله، اذن، لا يتم التخلي عنه في قبضة الفراغ أو الخمول المشلول.‏
حتى لو فعلنا كل ما في وسعنا لتغيير موقف صعب، فستظل هناك دائما مهمة كبيرة للقيام بذلك، ‏من شأنها أن تبقينا مترابطين بما فيه الكفاية، و تقينا من اليأس: التحمل بصبر حتى النهاية. كان ‏هذا هو “الواجب” العظيم الذى استطاعت مريم أن تفعله عن طريق التمسك بالرجاء تحت ‏الصليب. حول هذه النقطة، تظل مستعدة لمساعدتنا.‏

يقدم الكتاب المقدس نبضات حقيقية للرجاء. يعطى مثال في الرثاء الثالث و هو أغنية الروح في ‏المحنة الأكثر ألما و إحباطا. يمكننا تطبيقه تقريبا حرفيا على مريم تحت الصليب:‏
‏”أنا الشخص الذى عرف البؤس و الألم. جعلنى الله أمشى في الظلام و ليس في النور. لقد قام ‏بحجزى حتى لا أستطيع الخروج. مهما صرخت و طلبت المساعدة، فإنه يكبت صلاتى. قلت: ‏‏”انتهى وجودى، انتهى رجائى الذى أتى الي من عند الرب……”‏
ثم يبطل الرجاء كل شيء. يصرخ المصلى لنفسه: رحمة الرب، لا تنتهى”! أيضا، أريد رجائى ‏فيه!‏
الرب لا يرفض الى الأبد، اذا غضب، فهو مائ بالحنان. و لا يزال هناك رجاء.‏
بمجرد أن يتنبأ بإستئناف الرجاء، تتغير النبرة: يصبح الرثاء توقعا للثقة في تدخل الله.‏

دعونا ننتقل الى الإنسانة التي عرفت كيف تقف بجانب الصليب مليئة بالرجاء. دعونا نستدعى ‏مريم كأم الرجاء بكلمات ترنيمة قديمة للكنيسة:‏
يا ماريا!‏

سلاما يا أم الرحمة ،

أم الله وأم المغفرة

أم الرجاء وأم النعمة ،

أم مليئة بالبهجة المقدسة ،

يا مريم!‏

‏ ‏
الاب كانتلامسا ( عظة  عن مريم والصليب )‏