stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

الفاتيكان: ما عُرفت بعقيدة الاكتشاف ليست جزءً من تعليم الكنيسة الكاثوليكية

281views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

31 مارس 2023

كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .

أكدت دائرتا التربية والثقافة وتعزيز التربية البشرية المتكاملة الفاتيكانيتان في بيان مشترك صدر ٣٠ آذار مارس أن ما أُطلق عليها اسم عقيدة الاكتشاف ليست بأي شكل جزءً من تعليم الكنيسة الكاثوليكية. كما وشدد البيان على احترام الكنيسة ودعمها لحقوق السكان الأصليين وكرامتهم ونبذها القاطع للثقافة الاستعمارية.

كانت ما عُرفت باسم عقيدة الاكتشاف محور بيان مشترك لدائرتَي الثقافة والتربية والتنمية البشرية المتكاملة الفاتيكانيتَين. وجاء في الوثيقة التي نُشرت الخميس ٣٠ آذار مارس أن الكنيسة وبفضل مساعدة الشعوب الأصلية قد اكتسبت وعيا أكبر بمعاناة هذه الشعوب في الماضي وفي الحاضر الناتجة عن سلبها أراضيها وعن سياسات استيعاب قسري قامت بها السلطات الحكومية في الماضي من أجل القضاء على ثقافات هذه الشعوب. وتابع البيان المشترك أن عقيدة الاكتشاف هي نظرية استُخدمت لتبرير ما تَعرَّض له السكان الأصليون من قِبل ملوك الدول المستعمِرة، وأن ما أُطلق عليها اسم عقيدة الاكتشاف ليست جزءً من تعليم الكنيسة الكاثوليكية. وأضافت الدائرتان أن المراسيم البابوية التي منحت صلاحيات لملوك الدول المستعمِرة لم تكن أبدا تعليما.

هذا ومن بين ما يُذكِّر به البيان المشترك أن مفهوم الاكتشاف من وجهة النظر القانونية كان محط اهتمام ومناقشة القوى الاستعمارية منذ القرن السادس عشر، وقد تم التوصل إلى تطبيقات عملية في محاكم بعض الدول في القرن السابع عشر تقضي بأن اكتشاف أراضٍ من قِبل المستعمِرين يمنحهم حق إلغاء ملكية السكان الأصليين لهذه الأراضي من خلال شرائها أو الاستحواذ عليها. وسلط بيان دائرتَي الثقافة والتربية والتنمية البشرية المتكاملة الضوء هنا على أن هناك بعض الدارسين الذين يعتبرون أن ما عُرفت بعقيدة الاكتشاف قد وجدت أساسا لها في ثلاثة مراسيم بابوية من السنوات ١٤٥٢، ١٤٥٥ و١٤٩٣ تُخوِّل ملوك البرتغال وإسبانيا الاستيلاء على الأراضي التي يتم استعمارها نازعين هكذا ملكيتها عن السكان الأصليين. وشدد البيان على أن الدراسة التاريخية تكشف بوضوح أن تلك الوثائق البابوية، والتي كُتبت في فترة تاريخية خاصة وارتبطت بقضايا سياسية، لم تُعتبر أبدا تعبيرا عن الإيمان الكاثوليكي. وتابعت الدائرتان أن الكنيسة تعترف من جهة أخرى بأن هذه المراسيم لم تعكس بشكل مناسب الكرامة والحقوق المتساوية للشعوب الأصلية. وذكر البيان في هذا السياق أن محتويات تلك الوثائق البابوية قد تم استغلالها لأغراض سياسية من قِبل القوى الاستعمارية المتنافسة فيما بينها وذلك من أجل تبرير أفعال غير أخلاقية ضد السكان الأصليين تم ارتكابها في بعض الأحيان بدون معارضة من قِبل السلطات الكنسية. شدد البيان المشترك بالتالي على ضرورة الاعتراف بهذه الأخطاء والتبعات الرهيبة لسياسات الاستيعاب الاستعمارية وبآلام السكان الأصليين، وبالتالي ضرورة طلب المغفرة على هذه الأفعال.

يتوقف بيان الدائرتين الفاتيكانيتين بعد ذلك عند رفض الكنيسة الكاثوليكية القاطع للعقلية الاستعمارية. وتُذكِّر الوثيقة في هذا السياق بإدانة الباباوات عبر التاريخ لأفعال العنف والقمع والظلم الاجتماعي والاستعباد، بما في ذلك تلك التي ارتُكبت ضد الشعوب الأصلية. كما وتشير الدائرتان إلى الأمثلة الكثيرة لأساقفة وكهنة ورهبان وعلمانيين بذلوا حياتهم دفاعا عن كرامة هذه الشعوب. إلا أن البيان يشير من جهة أخرى، وبأمانة، إلى أن مسيحيين كثيرين قد ارتكبوا أفعالا وحشية ضد السكان الأصليين، أفعال طلب الباباوات المغفرة عليها. وعاد البيان في هذا السياق الى زيارة البابا فرنسيس الرسولية إلى كندا في تموز يوليو ٢٢ ولقائه السكان الأصليين، وأيضا إلى تأكيد قداسته على أن الجماعة الكاثوليكية لن تتأثر بعد أبدا بفكرة تفوق ثقافة على أخرى أو بشرعية القيام باستيعاب قسري للآخرين. أكدت الوثيقة من جهة أخرى تضَمُّن تعليم الكنيسة ضرورة احترام كل كائن بشري وإدانة الكنيسة للمفاهيم التي لا تعترف بالحقوق الإنسانية للسكان الأصليين بما في ذلك المفهوم الذي أُطلق عليه اسم عقيدة الاكتشاف.

هذا وفي ختام البيان المشترك ذكَّرت دائرتا الثقافة والتربية والتنمية البشرية المتكاملة بتصريحات الكنيسة والبابوات العديدة والمتكررة لصالح السكان الأصليين. وعادت الوثيقة هنا إلى مرسوم البابا بولس الثالث من سنة ١٥٣٧ والذي قال فيه بوضوح أنه لا يمكن بأي شكل أن يُحرَم السكان الأصليون من حريتهم وامتلاك خيورهم حتى وإن لم ينتموا إلى الإيمان الكاثوليكي، كما ولا يمكن استعبادهم بأي شكل. وتابع البابا حينها أن أي فعل يخالف هذا سيُلغي ولن يكون له أي تأثير. وتابع بيان الدائرتين أن تضامن الكنيسة في أزمنة لاحقة مع السكان الأصليين قد أدى إلى دعم قوي من قِبل الكرسي الرسولي للمبادئ التي يتضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي يؤدي تطبيقها إلى تحسين ظروف حياة السكان الأصليين ويساعد على حمايتها.

هذا وبمناسبة صدور هذا البيان المشترك أراد مجلس أساقفة الولايات المتحدة توجيه الشكر إلى الدائرتين الفاتيكانيتين على هذه الخطوة. وجاء في بيان للمجلس أن هذه الوثيقة تشكل خطوة إضافية في التعبير عن القلق والاهتمام الرعوي إزاء السكان الأصليين الذين اختبروا معاناة رهيبة بسبب العقلية الاستعمارية. وأكد المجلس ترحيبه بنبذ بيان الدائرتين وإدانته لما ارتُكب من عنف وظلم ضد الشعوب الأصلية، وأيضا بتأكيد هذه الوثيقة دعم الكنيسة المتواصل لكرامة السكان الأصليين وحقوقهم.

أصدر من جهة أخرى مجلس أساقفة كندا بيانا أكد امتنان الأساقفة للكرسي الرسولي. وشدد المجلس على أهمية تأكيد البيان المشترك لدائرتي الثقافة والتربية وتعزيز التنمية البشرية المتكاملة أن ما عُرفت بعقيدة الاكتشاف ليست بأي شكل جزءً من تعليم الكنيسة الكاثوليكية. وأشار مجلس الأساقفة من جهة أخرى إلى قيامه بالتعاون مع اللجنة الحبرية لعلوم التاريخ بدراسة إمكانية تنظيم منتدى أكاديمي مع باحثين من السكان الأصليين وغير الأصليين من أجل التعمق بشكل أكبر في الفهم التاريخي لما عُرفت بعقيدة الاكتشاف. وأكد البيان دعم كلٍّ من الدائرتين الفاتيكانيتين لهذا المشروع.