القديسة جوليانا الشهيــدة Santa Giuliana di Nicomedia – Vergine e martire
16 فبراير
إعداد الأب / وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني
ولدت القديسة جوليانا في مدينة نيقوميديا، في القرن الثالث الميلادي، وكان والدها أفريقيانوس وثنياً ومن أشراف أهل مدينة نيقوميديا، أما والدتها فكانت تحتقر عبادة الأوثان. تعرفت جوليانا على الإيمان المسيحي، والتهب قلبها بمحبة المسيح، فاعتمدت وعزمت على حياة البتولية، فكانت مؤمنة حكيمة وقويمة السلوك، كتب عنها العلامة أوريجانوس واصفا حياتها الروحية العالية.
استقبلته في دارها أثناء الاضطهاد الروماني وعالته وخدمته وقدمت له احتياجاته من الطعام والكتب واستفادت من عمله الروحي في فترة اختبائه في دارها. طلبها الوزيس أحد قضاة المدينة ليتزوج بها فوافق والداها، أما هي فحاولت أن تعتذر له. إذ بدأ يكشف لها عما في قلبه من نحوها، قالت له أنها لن توافق به ما لم يصر حاكمًا للمدينة وقاضي قضاتها. وبسبب جمالها الفائق وحبه الشديد لها دفع مبلغًا كبيرًا لينال هذه الوظيفة، وأرسل يخبرها بما حدث. أجابته أنها مسيحية ولن تتزوج إنسانًا غير مسيحي. اضطر الوزيس أن يخبر والدها بما قالته.
تحقق الوالد من الأمر، وإذ عرف أنها مسيحية هددها بإلقائها للوحوش المفترسة. لكنها لم تخف، فصار يضربها حتى كادت تموت، ثم أرسلها إلى ألوزيس حاكم المدينة:
إذ رآها الحاكم في حال يُرثى لها ازداد حبه لها وصار يلاطفها، ودار بينهما الحوار الآتي:
ما هو الذي سحركِ، وجعلك مسيحية؟
وكيف نسيتِ ما قد تكلفته من مالٍ لكي أتزوج بكِ؟
وما هو الذي صدر مني حتى تبغضيني؟
لم أقصد إلا أن يريكَ الله ضلال عبادتك الوثنية، لأني أعلم برفعة شأنك وأنك بصفاتك الحميدة تستحق أسمى المراتب، غير أني أطلب منك شيئًا واحدًا، وهو أن تنكر عبادة الأوثان التي هي غاية الجهل والحماقة، وبرهان النفاق؛ وتعبد الإله الحقيقي.ألا تدرين بأني إذا صرت مسيحيًا أخسر أموالي، وأُطرد من منصبي، وأفقد حياتي.
إن كنت تخافِ من ملك أرضي قابل للموت، فكيف لا أخاف أنا من أن أغضب الملك السماوي غير القابل للموت بأعظم إثم!
اعلم إني مسيحية، وسأبقى مسيحية على الدوام.
إذ لم ينل الحاكم مناله باللطف بدأ يستخدم وسائل العنف والتعذيب. تقدم ستة من أعنف الجنود وجلدوها بالسياط حتى خارت قوتهم، ثم علقوها من شعر رأسها.. أما هي فكانت تردد: “يا سيدي يسوع المسيح ابن الله أعنّي”.
عاد إلى محاولة استخدام اللطف فلم تلنْ، فأمر بسكب نحاس مغلي عليها? ثم إرسلها إلى السجن.
هناك حاربت الشيطان وجهًا لوجه وانتصرت عليه، حينما تشبه بملاك من نور محاولًا إقناعها بالعدول عن تشبثها بإيمانها لكي تخضع لمشيئة أبيها بالجسد والحاكم الذي يعذبها. من أجل ذلك تصورها الأيقونات القديمة وهى تربط شيطانًا مجنحًا بالسلاسل.
مزقوا لحمها بمخالب حديدية، وأُلقيت في تنور فيه زيت يغلي، فحفظها الله سالمةً من اذىً. ولدى هذه الاعجوبة الباهرة، صاح عدد من الشعب الحاضر: إن إله جوليانا هو الاله الحقيقي. وآمن منهم نحو خمسمائة رجل ومئة وثلاثين امرأة. فقُطعت رؤوسهم ورأس الشهيدة جوليانا، حوالي عام 305م ،وهي في الثامنة عشرة من العمر. وفاز جميعهم بإكليل الشهادة في اوائل القرن الرابع الميلادي. فلتكن صلاتها معنا.