القديس ألبرتس الكبير الأسقف ومعلم الكنيسة Sant’ Alberto Magno Vescovo e dottore della Chiesa

١٥ نوفمبر ٢٠٢٥
إعداد الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني
وُلِدَ “ألبرتوس” في أواخر القرن العاشر الميلادي – حوالي عام 1193م – بمدينة لوئنن (التابعة حالياً لإقليم باڤاريا) – جنوب ألمانيا.
وبعد رؤيا روحية شهد فيها العذراء مريم، وأرشدته خلالها بتكريس حياته لدى الرهبنة الدومنيكانية، فتقدم للإلتحاق بها، وبدأ حينها دراسة اللاهوت.
تفوق في دراسة اللاهوت كما كان حاله في الفلسفة، وصار مُحاضراً للدومنيكان في كولونيا، كما تنقل بين المدن الإيطالية وألقى محاضرات وعظات أكسبته خبرة كبيرة ومُريدين كثيرين، كذلك تنقل في بعض مدن أوروبا وأصبح واعظاً شهيراً بالقارة عموماً.
عام 1245م، صار ألبرتس أستاذاً لعلم اللاهوت، وكان أول ألماني دومنيكاني يحصل على هذه اللقب. بعدها إنتقل إلى پاريس لتدريس اللاهوت بجامعتها، وهناك كان أحد أشهر تلامذته “القديس توما الأكويني”.
عام 1254م، تم اختيار ألبرتس، ليكون رئيساً إقليمياً لرهبنة الدومنيكان، وهو ما اعتبره أمانةً ومسئولية كبيرة أداها على أكمل وجه برغم انشغالاته وصعوبة التوفيق بين الأمور الإدارية والحياة الأكاديمية والبحثية.
وكان مُدافعاً جيداً عن الأباء الدومنيكان الأكاديميين في وجه الإنتقادات. في تلك الفترة ورغم الإنشغالات الكثيرة، استطاع تأليف كتابه وأطروحاته عن القديس يوحنا البشير، كذلك كتاب أطروحات نقيدة لفلسفات ابن رشد.
بعد خمس سنوات – أي في عام 1259م – شارك ألبرتس في المجمع العام للرهبنة الدومنيكانية، ومعه تلميذه توما الأكويني، بحضور العديد من أعلام الرهبنة في تلك الفترة
وكانت توصيات المجمع هي تطوير مناهج الفلسفة لطلبة الرهبنة، وهي نواة لإنشاء جامعة أسقفية تحمل اسم القديس توما الأكويني، في روما.
عام 1260م، إختاره البابا “ألكسندر الرابع” ليصبح أسقفاً على ريجنسبورج، التابعة لإقليم باڤاريا، وهو المنصب الذي استقال منه أيضاً بعد ثلاث سنوات، عندما رأى أنه لن يتمكن من العطاء فيه أكثر من ذلك.
خلال حياته كلها وأثناء فترة أسقفيته إشتهر الأسقف ألبرتس بذهده الشديد وتواضعه الأشد وهو ابن النبلاء، فكان يرفض ركوب الخيل أثناء تجواله في إيبارشيته الضخمة.
ويستبدل ذلك بالسير على قدميه، لذلك اشتهر بين أبناء إيبارشيته بلقب “الأسقف المستهلك للأحذية” أي أنه يستهلك أحذية كثيرة، دلالة على كثرة سيره.
رحل تلميذه العظيم توما الأكويني في عام 1274م، وقد تأثّر قلب ألبرتس لهذا الرحيل المُبكّر نسبياً، وقضىَ سنوات عمره الأخيرة، يدافع عن جهود وأعمال تلميذه الراحل، ويعدّها من أهم أعمال التطوير العلمي للكنيسة.
تم تجميع كل مؤلفات القديس ألبرتس الكبير عام 1899م، لتقع في حوالي 38 مجلَّد، تتناول مجالات مختلفة تُظهر مدىَ معرفته الموسوعية، حيث توجد مؤلفات لعلم الفلسفة والمنطق، واخرى للاهوت وثالثة لعلم النبات، وغيرها في علم الجفرافيا وعلم الفلك، وعلم كيمياء العناصر والمعادن، وعلم وظائف الأعضاء.
كذلك توجد كتابات روحية، وأخلاقية في مناقشة القوانين، وقد كان فهمه الرائع لفلسفة أرسطو هو ما ساعده على كتابة مؤلفات تحمل طابعه وكذلك تضيف عليه الجديد، وتستطيع تبسيطه لغير المتخصصين.
كما اهتم بتأليف كتب في نقد الفلسفة الرشدية واختلافها مع أرسطو، كذلك كانت له تعليقات على الفلسفات العربية من مُنطَلَق إيمانه المسيحي.
ومازالت لأفكار الأب القديس قيمتها في الكنيسة الكاثوليكية. كما كانت له كتابات إنسانية في الصداقة وكل أنواع الحب بين البشر.
عانىَ الأسقف ألبرتس من الإنهيار الصحّي حوالي أربعة اعوام، حتى رقد بعطر القداسة في 15 نوڤمبر 1278م، بدير الدومنيكان بكولونيا – ألمانيا، تم تطويبه عام 1622م، عن يد البابا “جريجوريوس الخامس عشر”. تم إعلان قداسته عام 1931م، عن يد البابا “پيوس الحادي عشر”. هو شفيع دارسي العلوم الطبيعية والفلسفة واللاهوت .




















