القديس بولا أول السواح الناسك
10 يناير
إعداد الأب / وليم عبد المسسيح سعيد – الفرنسيسكاني
وُلد بولا في مدينة الإسكندرية حوالي سنة 228 م. ولما توفي والده ترك له ولأخيه الأكبر بطرس ثروة طائلة، فأراد بطرس أن يغتصب النصيب الأكبر من الميراث. إذ اشتد بينهما الجدل أراد القديس أنبا بولا أن يتوجه إلى القضاء. في الطريق رأى جنازة لأحد عظماء المدينة الأغنياء، فسأل نفسه إن كان هذا الغني قد أخذ معه شيئًا من أمور هذا العالم، فاستتفه هذه الحياة الزمنية والتهب قلبه بالميراث الأبدي، لذا عوض انطلاقه إلى القضاء .
ذهب إلى البريّة الشرقية القريبة من البحر الأحمر، فتنسَّك هناك، يقتات مِن ثمر النّخل ويكتسي بأوراقه، عائشًا على الأرض مثل ملاك في السّماء، إلى أن بلغ من العمر مئة وثلاث عشرة سنة.
فأوحى الله إلى القديس أنطونيوس الكبير في الحلم أنّ بولا النّاسك أقدم منه وأكثر قداسة. فسار يطوف تلك الفلوات حتّى عثر على مغارة بولا. فتعانقا كأنّهما صديقان من زمن بعيد.
ويُروى أنّ غُرابًا جاءهما برغيف خبز. فقال بولا: “تبارك الله الذي أرسل لنا كفافنا! إنّ هذا الغراب يأتيني منذ ستين سنة، كلّ يوم بنصف رغيف، واليوم، لأجلك أتاني برغيفٍ كامل”. وصرفا اللّيل كلّه بتلاوة المزامير وتسبيح الله.
وفي الغد قال بولا لأنطونيوس: قد دنا أجلي فأرسلكَ الله إِليَّ لتَدفُن جسدي وتُرجع التراب إلى التراب. فأسألك أن تذهب وتأتيني بالرّداء الذي وهبك إيّاه البطريرك أثناسيوس وتجعله كفنًا لي بعد موتي.
فذهب أنطونيوس ليأتيه بالرّداء. ولمّا عاد إليه بالمطلوب وجده ميتًا. فكفَّنه برداء البطريرك ودفنه. ثمّ رجع، متزوِّدًا ثوب بولا الذي نسجه من ورق النخل. وكان يلبسه أنطونيوس في عيد الفصح وعيد العنصرة، تبرُّكًا منه. وقد قصّ رهبانه كلّ ما جرى بينه وبين القدّيس بولا الذي كانت وفاته سنة 343م . فلتكن صلاته معنا. آمين.