stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

القراءات اليومية بحسب الطقس اللاتيني ” 6 مارس – أذار 2021 “

272views

السبت الثاني من الزمن الأربعينيّ

سفر ميخا 20-18.15-14:7

إِرعَ شَعبَكَ بِعَصاكَ، يا رَبّ، غَنَمَ ميراثِكَ ٱلسّاكِنينَ وَحدَهُم في ٱلغابِ في وَسَطِ ٱلكَرمَل ٱلَّذين يَرعونَ في باشانَ وَجِلعادَ كَما في ٱلأَيّامِ ٱلقَديمَة.
كَما في أَيّامِ خُروجِكَ مِن أَرضِ مِصرَ، أُريهِ مُعجِزات، فَيَرى ٱلأُمم، وَيَخزَونَ مِن قُوَّتِهِم كُلِّها.
مَن هُوَ إِلَهٌ مِثلُكَ غافِرٌ لِلإِثم، وَصافِحٌ عَنِ ٱلمَعصِيَة؟ لِبَقِيَّةِ ميراثِهِ لا يُمسِكُ إِلى ٱلأَبَدِ غَضَبَهُ، لِأَنَّهُ يُحِبُّ ٱلرَّحمَة.
يَرجِعُ وَيَرأَفُ بِنا، وَيَدوسُ آثامَنا، وَيَطرَحُ في أَعماقِ ٱلبَحرِ جَميعَ خَطايانا.
تَجعَلُ ٱلصِّدقَ لِيَعقوب، وَٱلرَّحمَةَ لِٱبراهيم، كَما أَقسَمتَ لِآبائِنا مُن أَيّامِ ٱلقِدَم.

سفر المزامير 12-11.10-9.4-3.2-1:(102)103

مَجِّدي، يا نَفسِيَ ٱلمَولى
وَيا أَعماقَ وِجداني
مَجِّدي ٱسمَهُ ٱلقُدّوس
مَجِّدي، يا نفسيَ ٱلمَولى
وَلا تَنسَي كُلَّ ما أَتاكِ مِن إِنعام

هُوَ ٱلَّذي يَغفِرُ جَميعَ آثامِكِ
ويَشفيكِ مِن جَميعِ أَسقامِكِ
يُنقِذُ حَياتَكِ مِن هاوِيَةِ ٱلفَساد
وَيُتَوِّجُكِ بِٱلمَراحِمِ وَٱلوَداد

لا يُخاصِمُ سَرمَدا
وَلا يَظَلُّ أَبَدًا حاقِدا
لَم يُعامِلنا بِحَسَبِ خَطايانا
وَلَم يُجازِنا بِقَدرِ آثامِنا

كَما تَعلو عَنِ ٱلأَرضِ ٱلسَّماء
مَوَدَّتُهُ سَمَت لِلمُتَّقين
كَبُعدِ ٱلمَشرقِ عَنِ ٱلمَغرِب
أَبعَدَ عَنّا ذُنوبَنا

إنجيل القدّيس لوقا 32-11b.3-1:15

في ذَلِكَ ٱلزَّمان، كانَ ٱلعَشّارونَ وَٱلخاطِئونَ يَدنونَ مِن يَسوعَ جَميعًا لِيَستَمِعوا إِلَيه.
فَكانَ ٱلفِرّيسِيّونَ وَٱلكَتَبَةُ يَقولونَ مُتَذَمِّرين: «هَذا ٱلرَّجُلُ يَستَقبِلُ ٱلخاطِئينَ وَيَأكُلُ مَعَهُم!»
فَضَرَبَ يَسوعُ لَهُم هَذا ٱلمَثَل، وَقال:
«كانَ لِرَجُلٍ ابنان.
فقالَ أَصغَرُهما لِأَبيه: يا أَبَتِ أَعطِني النَّصيبَ الَّذي يَعودُ علَيَّ مِنَ المال. فقَسَمَ مالَه بَينَهما.
وبَعدَ بِضعَةِ أَيَّامٍ جَمَعَ الاِبنُ الأَصغَرُ كُلَّ شَيءٍ لَه، وسافَرَ إِلى بَلَدٍ بَعيد، فَبدَّدَ مالَه هُناكَ في عيشَةِ إِسراف.
فَلَمَّا أَنفَقَ كُلَّ شَيء، أَصابَت ذلكَ البَلَدَ مَجاعَةٌ شَديدة، فأَخَذَ يَشْكو العَوَز.
ثُمَّ ذَهَبَ فالتَحَقَ بِرَجُلٍ مِن أَهلِ ذلكَ البَلَد، فأرسَلَه إِلى حُقولِه يَرْعى الخَنازير.
وكانَ يَشتَهي أَن يَملأَ بَطنَه مِنَ الخُرنوبِ الَّذي كانتِ الخَنازيرُ تَأكُلُه، فلا يُعطيهِ أَحَد.
فرَجَعَ إِلى نَفسِه وقال: كم أَجيرٍ لَأَبي يَفضُلُ عنه الخُبْزُ وأَنا أَهلِكُ هُنا جُوعًا!
أَقومُ وأَمضي إِلى أَبي فأَقولُ لَه: يا أَبتِ إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ.
ولَستُ أَهْلاً بَعدَ ذلك لِأَن أُدْعى لَكَ ابنًا، فاجعَلْني كأَحَدِ أُجَرائِكَ.
فقامَ ومَضى إِلى أَبيه. وكانَ لم يَزَلْ بَعيدًا إِذ رآه أَبوه، فَأَشفَقَ عَلَيه وأَسرَعَ إليه فأَلْقى بِنَفسِه على عُنُقِه وقَبَّلَه طَويلاً.
فقالَ لَه الِابْن: يا أَبَتِ، إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ، ولَستُ أَهْلاً بَعدَ ذلِكَ لأَن أُدْعى لَكَ ابنًا.
فقالَ الأَبُ لِعَبيدِه: أَسرِعوا فأتوا بِأَفخَرِ حُلَّةٍ وأَلبِسوه، واجعَلوا في إِصبَعِه خاتَمًا وفي رِجليه حِذاءً،
وأتوا بالعِجْلِ المُسَمَّن واذبَحوه فنأكُلَ ونَتَنَعَّم،
لِأَنَّ ابنِي هذا كانَ مَيتًا فعاش، وكانَ ضالاً فوُجِد. فأَخذوا يتَنَّعمون.
وكانَ ابنُه الأَكبَرُ في الحَقْل، فلمَّا رَجَعَ واقترَبَ مِنَ الدَّار، سَمِعَ غِناءً ورَقْصًا.
فدَعا أَحَدَ الخَدَمِ واستَخبَرَ ما عَسَى أَن يَكونَ ذلك.
فقالَ له: قَدِمَ أَخوكَ فذَبَحَ أَبوكَ العِجْلَ المُسَمَّن لِأَنَّه لَقِيَه سالِمًا.
فغَضِبَ وأَبى أَن يَدخُل. فَخَرَجَ إِلَيه أَبوهُ يَسأَلُه أَن يَدخُل،
فأَجابَ أَباه: ها إِنِّي أَخدُمُكَ مُنذُ سِنينَ طِوال، وما عَصَيتُ لَكَ أَمرًا قَطّ، فما أَعطَيتَني جَدْيًا واحِدًا لأَتَنعَّمَ به مع أَصدِقائي.
ولمَّا رَجِعَ ابنُكَ هذا الَّذي أَكَلَ مالَكَ مع البَغايا ذَبَحتَ له العِجْلَ المُسَمَّن!
فقالَ له: يا بُنَيَّ، أَنتَ مَعي دائمًا أبدًا، وجَميعُ ما هو لي فهُو لَكَ.
ولكِن قد وَجَبَ أَن نَتَنعَّمَ ونَفرَح، لِأَنَّ أَخاكَ هذا كانَ مَيتًا فعاش، وكانَ ضالاً فوُجِد».

التعليق الكتابي :

القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 – 2005)، بابا روما
الإرشاد الرّسولي: المُصالحة والتوبة (Reconciliatio et paenitentia )، الأعداد 5 – 6

« كانَ لِرَجُلٍ ابنان »

إنّ الإنسان – أيُّ إنسان – هو هذا الابن الضال الذي تراوده تجربة الابتعاد عن أبيه ليعيش على هواه، والذي يقع في التجربة ويُخدع بالأباطيل التي تجتذبه كالتراب، فيجد ذاته وحيدًا، مسلوب الكرامة، مستَغلاًّ، وفيما هو يسعى إلى إتّباع نمط حياة خاص به، يبرِّح به، وقد انحدر إلى درك الشقاء، شوق العودة إلى أبيه. والله، كالأب في المثل، يترقّب عودة ابنه، ويعانقه لدى لقائه إياه، ويولم في مناسبة رجوعه احتفالاً بالمصالحة… إن أبرز ما في المثل هو هذه الحفاوة الطافحة بالمحبة التي استقبل بها الأب الابن العائد، والتي هي دليل على رحمة الله المستعد أبداً للصفح والغفران. ولنَقُلها فورًا: إن المصالحة هي قبل كلِّ شيء، عطيّة الآب السماوي.

لكن المثل يتحدّث أيضاً عن الابن الأكبر الذي يرفض أخذ مكانه في الوليمة، ويعيب على أخيه الأصغر طيشه، وعلى أبيه حفاوته به، في وقت لم يسمح له – أي للابن الأكبر – وهو المقتصِد، الناشط، المخلص لأبيه، والحريص على بيته، بإقامة وليمة لأصدقائه. وهذا دليل على أنه لم يفهم طيبة أبيه. وطالما أن هذا الأخ الشديد الثقة بنفسه، الحسود المتعالي المتشبع مرارة وغضبًا، لم يرجع ويصالح أباه وأخاه، فالوليمة لم ترتق بعد لتكون عيد عودةٍ ولقاء. والإنسان – كل إنسان – هو أيضاً هذا الابن الأكبر، وقد جعلته الأنانية حسودًا، وحجّرت قلبه وأعمته وقطعت عليه مجال العودة إلى الآخرين وإلى الله…

إن مثل الابن الضال هو قبل كل شيء، قصة المحبة الجارفة الفائقة الوصف، محبة الله الآب الذي يقدّم لابنه العائد تقدمة المصالحة الكاملة. ولكن هذا المثل، عندما يلمّح، وهو يرسم صورة الابن الأكبر، إلى الأنانية العمياء التي تفرّق بين الأخوين، يصبح أيضاً قصّة العائلة البشرية، وهي تصف الحالة التي تتخبّط فيها وتدل على الطريق الذي يجب أن نسلكه. ويمثل الابن الضال التائق كلّ التوق إلى العودة إلى أحضان أبيه والظفر منه بالمسامحة والغفران، الذين يشعرون في قرارة ضميرهم برغبة ملحّة في المصالحة على جميع المستويات ودونما تحفّظ، وهم على أرسخ ما يكون اليقين أن هذه المصالحة لا تتمّ إلا إذا نبعت من تلك المصالحة الأولى، الأساسية، التي تأتي بالإنسان من بعيد لتعود به إلى الله فينعم بصداقته، صداقة الأبناء، ويعترف برحمته اللامتناهية. ولكن إذا نظرنا إلى هذا المثل نظرة الابن الثاني، نرى أنه يصف حالة العائلة البشرية التي قسّمتها الأنانيّات، ويلقي ضوءًا على ما في التوق إلى تأليف عائلة في مناخ مصالحة ووحدة، من صعوبة، ويذكّر بالتالي بالحاجة الماسّة إلى تغيير القلوب لاكتشاف رحمة الله، والتغلّب على سوء النيّة والعداوة بين الإخوة.