القراءات اليومية بحسب الطقس الماروني ” ١٢ مارس – آذار ٢٠٢٠ “
الخميس الثالث من الصوم الكبير
مار غريغوريس الكبير بابا روما
رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 10-1:1
يا إخوَتِي، مِنْ بُولُسَ الَّذي هُوَ رَسُولٌ لا مِن قِبَلِ النَّاس، ولا بِمَشيئَةِ إِنسَان، بَلْ بيَسُوعَ المَسِيحِ واللهِ الآبِ الَّذي أَقَامَهُ مِنْ بَينِ الأَموَات،
ومِنْ جَمِيعِ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعي، إِلى كَنَائِسِ غَلاطِيَة:
أَلنِّعمَةُ لَكُم والسَّلامُ مِنَ اللهِ أَبينَا والرَّبِّ يَسُوعَ المَسِيح،
الَّذي بَذَلَ نَفسَهُ عَن خَطايَانَا، لِيُنقِذَنَا مِنَ الدَّهرِ الحَاضِرِ الشِّرِّير، وَفْقًا لِمَشِيئَةِ إِلهِنَا وَأَبينَا،
الَّذي لَهُ المَجْدُ إِلى أَبَدِ الآبِدِين! آمين.
إِنِّي لَمُتَعَجِّبٌ مِن أَنَّكُم تتَحَوَّلُونَ بِمِثْلِ هذِهِ السُّرْعَةِ عنِ الَّذي دَعَاكُم بِنِعْمَةِ المَسِيح، وَتَتْبَعُونَ إِنْجِيلاً آخَر.
ولَيْسَ هُنَاكَ إِنْجِيلٌ آخَر، إِنَّمَا هُنَاكَ أُنَاسٌ يُبَلْبِلُونَكُم، ويُريدُونَ تَحْرِيفَ إِنْجيلِ المَسِيح.
ولكِن، حَتَّى لَو نَحْنُ بَشَّرنَاكُم، أَو بَشَّرَكُم مَلاكٌ مِنَ السَّمَاء، بِخِلافِ مَا بَشَّرنَاكُم بِهِ، فَلْيَكُنْ مَحْرُومًا!
وكَمَا قُلْنَا مِن قَبْلُ، أَقُولُ الآنَ أَيضًا: إِنْ بَشَّرَكُم أَحَدٌ بِخِلافِ مَا قَبِلْتُم، فَلْيَكُنْ مَحْرُومًا!
أَتُرَانِي الآنَ أَسْتَعْطِفُ النَّاسَ أَمِ الله؟ أَمْ تُرَانِي أَسْعَى إِلى إِرضَاءِ النَّاس؟ فلَوْ كُنْتُ ما أَزَالُ أُرضِي النَّاس، لَمَا كُنْتُ عَبْدًا لِلمَسِيح!
إنجيل القدّيس لوقا 37-20:17
سَأَلَ الفَرِّيسيُّونَ يَسُوع: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ الله؟». فَأَجَابَهُم وَقَال: «مَلكُوتُ اللهِ لا يَأْتِي بِالمُرَاقَبَة.
وَلَنْ يُقال: هَا هُوَ هُنا، أَوْ هُنَاك! فَهَا إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ في دَاخِلِكُم!».
وقَالَ لِلْتَلامِيذ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ تَشْتَهُونَ فِيها أَنْ تَرَوا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان، وَلَنْ تَرَوا.
وَسَيُقالُ لَكُم: هَا هُوَ هُنَاك! هَا هُوَ هُنَا! فَلا تَذْهَبُوا، وَلا تَهْرَعُوا.
فَكَمَا يُومِضُ البَرْقُ في أُفُق، وَيَلْمَعُ في آخَر، هكذَا يَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في يَوْمِ مَجِيئِهِ.
وَلكِنْ لا بُدَّ لَهُ أَوَّلاً مِنْ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيَرْذُلَهُ هذَا الجِيل!
وَكمَا كانَ في أَيَّامِ نُوح، هكذَا يَكُونُ في أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان:
كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُون، إِلى يَوْمَ دَخَلَ نُوحٌ السَّفِينَة. فَجَاءَ الطُّوفَانُ وأَهْلَكَهُم أَجْمَعِين.
وكَمَا كانَ أَيْضًا في أَيَّامِ لُوط: كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُون.
ولكِنْ يَوْمَ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُوم، أَمْطَرَ اللهُ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَهُم أَجْمَعين.
هكَذَا يَكُونُ يَوْمَ يَظْهَرُ ٱبْنُ الإِنْسَان.
في ذلِكَ اليَوْم، مَنْ كانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ في البَيْت، فَلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا. وَمَنْ كانَ في الحَقْل، فَكَذلِكَ لا يَرْجِعْ إِلى الوَرَاء.
تَذَكَّرُوا ٱمْرَأَةَ لُوط!
مَنْ يَسْعَى لِكَي يَحْفَظَ نَفْسَهُ يَفْقِدُها، وَمَنْ يَفْقِدُ نَفْسَهُ يَحْفَظُهَا حَيَّةً.
أَقُولُ لَكُم: في تِلْكَ اللَّيْلَة، يَكُونُ ٱثْنَانِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحِد، فَيُؤْخَذُ الوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَر.
وٱثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى».
…
فأَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى أَيْنَ يا رَبّ ؟». فَقالَ لَهُم: «حَيْثُ تَكُونُ الجُثَّة، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُور».
التعليق الكتابي :
الطوباويّ جان فان روسبروك (1293 – 1381)، رئيس دير
الأعراس الروحيّة، 1
« وَحينَئِذٍ يَرى ٱلنّاسُ ٱبنَ ٱلإِنسانِ آتِيًا في ٱلغَمام، في تَمامِ ٱلعِزَّةِ وَٱلجَلال »
“هُوذا العَريس آتٍ! فَاخرُجْنَ لِلِقائِه!” (مت 25: 6). لقد قال الرّب يسوع المسيح، عريسنا، هذه الكلمة. في اللغة اللاتينيّة تشير كلمة «venit» (والّتي تعني آتٍ) إلى زمنين: الماضي والحاضر؛ وهذا لا يمنعها من التّطرّق إلى المستقبل. لذا، سنأخذ بعين الاعتبار ثلاثة مجيئات لعريسنا: الرّب يسوع المسيح.
خلال المجيء الأوّل، أصبح الرّب يسوع المسيح إنسانًا بسبب الإنسان، ومحبّة به. أمّا المجيء الثاني، فهو يحدث كلّ يوم، غالبًا وفي مناسبات عدّة، في كلّ قلب محبّ، مترافقًا بنِعَم ومواهب جديدة، بحسب قدرات كلّ واحد. أمّا المجيء الثالث، فهو سوف يكون يوم الدينونة أو ساعة الموت.
إنّ السبب الذي من أجله خلق الله الملائكة والبشر هو صلاحه اللامتناهي ونُبله، بما أنّه أراد القيام بذلك لكي يُكشَف غناه وغبطته لكائناته العاقلة، ولكي تتمكّن هذه الأخيرة من التنعّم به في الزمن والتمتّع به خارج الزمن، في الأبديّة.
كذلك نستطيع القول إنّ السبب الذي من أجله صار الله إنسانًا هو حبّه غير المدرك لنا وبؤس البشر، لأنّهم دُنِّسوا بالخطيئة الأصليّة وصاروا غير قادرين على الشفاء منها. غير أنّ السبب الذي من أجله أنجز الرّب يسوع المسيح أعماله كلّها على الأرض، ليس بحسب ألوهيّته فحسب بل بحسب إنسانيّته أيضًا، لديه أربعة أبعاد: حبّه الإلهي الذي لا حدود له؛ المحبّة التي كان يملكها في نفسه، بفضل الاتّحاد مع الكلمة الأزلي وبفضل الهبة الكاملة التي منحه إيّاها الآب؛ حالة البؤس الكبير المأساوية التي كانت مرافقة للطبيعة البشريّة؛ أخيرًا، مجد الآب. تلك هي الأسباب التي أدّت إلى مجيء الرّب يسوع المسيح، عريسنا، وإلى جميع أعماله.