القراءات اليومية بحسب الطقس الماروني” 9 يناير – كانون الثاني 2021 “
اليوم الثالث بعد الدنح المجيد
رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 15-2:5
يا إِخوَتِي، هَا أَنَا بُولُسَ أَقُولُ لَكُم: إِذَا ٱخْتَتَنْتُم، فَالمِسِيحُ لَنْ يُفِيدَكُم شَيْئًا!
وأَعُودُ أَشْهَدُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ يَخْتَتِن، أَنَّهُ مُلْزَمٌ أَنْ يَعْمَلَ بأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا.
لَقَدْ فُصِلْتُم عَنِ المَسِيح، أَنتُمُ الَّذِينَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَتَبَرَّرُوا بِالشَّرِيعَة، وسَقَطْتُمْ عَنِ النِّعْمَة.
أَمَّا نَحْنُ فَبِالرُّوحِ نَنْتَظِرُ ونَرْجُو التَّبْرِيرَ بِالإِيْمَان.
ففِي المَسِيحِ يَسُوع، لا الخِتَانَةُ ولا عَدَمُ الخِتَانَةِ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلِ الإِيْمَانُ العَامِلُ بِالمَحَبَّة.
كُنْتُم تَجْرُونَ جَرْيًا جَيِّدًا، فَمَنْ أَعَاقَكُم عَنِ الطَّاعَةِ لِلْحَقّ؟
ومَا أَقْنَعُوكُم بِهِ لَيْسَ مِنَ اللهِ الَّذي يَدْعُوكُم.
إِنَّ قَلِيلاً مِن الخَمِيرِ يُخَمِّرُ العَجْنَةَ كُلَّهَا.
أَنَا وَاثِقٌ بِكُم في الرَّبِّ أَنَّكُم لَنْ تَرْتَأُوا أَيَّ رَأْيٍ آخَر، أَمَّا الَّذي يُبَلْبِلُكُم فإِنَّهُ سيُعَانِي الدَّيْنُونَة، كَائِنًا مَنْ كَان.
وَأَنَا، أَيُّهَا الإِخْوَة، إِنْ كُنْتُ أُنَادِي إِلى الآنَ بالخِتَانَة، فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْد؟ إِذًا فقَدْ أُبْطِلَ عِثَارُ الصَّلِيب!
يا لَيْتَ الَّذِينَ يُبَلبِلُونَكُم يَبْتُرُونَ أَعْضَاءَهُم!
فأَنْتُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، إِنَّمَا دُعِيتُم إِلى الْحُرِّيَّة. ولكِن لا تَجْعَلُوا هذِهِ الحُرِّيَّةَ ذَرِيعَةً لإِرْضَاءِ الجَسَد، بَلِ ٱخْدُمُوا بَعضُكُم بَعْضًا بِالمَحَبَّة.
فَإِنَّ الشَّريعَةَ كُلَّهَا تَكْتَمِلُ في كَلِمَةٍ وَاحِدَة، وهِيَ أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.
فإِنْ كُنْتُم تَنْهَشُونَ وتَأْكُلُونَ بَعْضُكُم بَعْضًا، فَٱحْذَرُوا أَنْ تُفْنُوا بَعضُكُم بَعْضًا.
إنجيل القدّيس يوحنّا 38-31:5
قالَ الربُّ يَسوعُ (لليهود): «لَوْ كُنْتُ أَنَا أَشْهَدُ لِنَفْسِي لَمَا كَانَتْ شَهَادَتِي مَقْبُولَة.
ولكِنَّ آخَرَ يَشْهَدُ لِي، وأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي صَادِقَة.
أَنْتُم أَرْسَلْتُم إِلى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلحَقّ.
وأَنَا لا أَسْتَمِدُّ الشَّهَادَةَ مِنْ إِنْسَان، ولكِنْ مِنْ أَجْلِ خَلاصِكُم أَقُولُ هذَا:
كَانَ يُوحَنَّا السِّرَاجَ المُوقَدَ السَّاطِع، وأَنْتُم شِئْتُم أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَة.
أَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ شَهَادَةِ يُوحَنَّا: أَلأَعْمَالُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَنْ أُتَمِّمَهَا، تِلْكَ الأَعْمَالُ نَفْسُهَا الَّتِي أَعْمَلُهَا، تَشْهَدُ أَنَّ الآبَ أَرْسَلَنِي.
والآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ شَهِدَ لِي. وأَنْتُم مَا سَمِعْتُم يَومًا صَوتَهُ، ولا رَأَيْتُم مُحَيَّاه،
ولا جَعَلْتُم كَلِمَتَهُ رَاسِخَةً فِيكُم، لأَنَّكُم لا تُؤمِنُونَ بِمَنْ أَرْسَلَهُ الآب.
التعليق الكتابي :
القدّيس مكسيمُس الطورينيّ (؟ – نحو 420)، أسقف
العظة 62
« وأُعِدُّ لِمَسيحي سِراجًا » (مز 132[131]: 17)
في حين تهيمن على الكون قاطبةً ظلمات الشيطان، وبينما ظلام الخطيئة قد ملَكَ على العالم، شمسٌ جديدة، المسيح ربّنا، أراد بكلّ طيبة خاطرٍ في هذه الأزمنة الأخيرة، والليل في أحلك أوقاته، أن ينشرَ الأشعَّة الأولى الّتي تعلن بداية النهار. قبل أن يظهر هذا النور، أي قبل أن يتجلّى “شمس البرّ” (ملا 3: 20)، كان الله قد أعلن بواسطة أنبيائه: كالفجر “أُرسِلُ إِلَيكُم جَميعَ عبيدِيَ الأَنبِياءِ قبل النور” (إر 7: 25 الترجمة اللاتينيّة). وبعد ذلك، بعث الرّب يسوع بنفسه أشعَّته، أي رُسُله، حتّى يتلألأ نوره ويملأ الكون من حقّه، لئلاّ يتيه أحدٌ في الظلمات…
كي نُتِمّ نحن البشر المَهمّات الّتي لا بدّ منها قبل أن تشرق شمس هذا العالم، نستبق النور باستخدام السراج. وشمس الرّب يسوع، لها هي أيضًا سراجها الّذي سبق مجيئها، كما قال النبيّ: “وأُعِدُّ لِمَسيحي سِراجًا”. وقد أشار الربّ إلى مَن هو هذا السراج، قائلاً بخصوص يوحنّا المعمدان: “كانَ يوحَنَّا السِّراجَ المُوقَدَ المُنير”. ويوحنّا نفسه وكأنّه ضوء فانوس خفيف كذاك الّذي نحمله أمامنا قال: “ولكِن يأتي مَن هُو أَقوى مِنِّي، مَن لَستُ أَهلاً لأن أَفُكَّ رِباطَ حِذائِه. إِنَّه سيُعَمِّدُكم في الرُّوحِ القُدُسِ والنَّار” (لو 3: 16). وهو مدرك أنّ شعاع الشمس سيَحجب نوره، فقد توقّع: “لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر” (يو 3: 30). في الواقع، كما أنّ ضوء الفانوس ينطفئ عند قدوم الشمس، كذلك معموديّة التوبة التي نادى بها يوحنّا قد فقدت قيمتها لدى قدوم نعمة الرّب يسوع المسيح.