القراءات اليومية لكنيسة الروم الملكيين ” 14 سبتمبر – أيلول 2019 “
عيد رفع الصليب الكريم المحيي في كلّ العالم
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس 24-18:1
يا إِخوَة، إِنَّ كَلِمَةَ ٱلصَّليبِ عِندَ ٱلهالِكينَ جَهالَةٌ، وَأَمَّا عِندَنا نَحنُ المُخَلَّصينَ فَهِيَ قُوَّةُ ٱلله.
لِأَنَّهُ قَد كُتِب: «سَأُبيدُ حِكمَةَ ٱلحُكَماءِ وَأَرذُلُ فَهمَ ٱلفُهَماء».
أَينَ ٱلحَكيم؟ أَينَ ٱلكاتِب؟ أَينَ مِحجاجُ هَذا ٱلدَّهر؟ أَلَيسَ ٱللهُ قَد جَهَّلَ حِكمَةَ هَذا ٱلعالَم؟
فإِنَّهُ إِذ كانَ ٱلعالَمُ، وَهُوَ في حِكمَةِ ٱللهِ، لَم يَعرِفِ ٱللهَ بِٱلحِكمَةِ، حَسُنَ لَدى ٱللهِ أَن يُخَلِّصَ بِجَهالَةِ ٱلكِرازَةِ ٱلَّذينَ يُؤمِنون.
لِأَنَّ ٱليَهودَ يَسأَلونَ آيَةً، وَٱليونانِيّينَ يَطلُبونَ حِكمَة.
أَمّا نَحنُ فَنَكرِزُ بِٱلمَسيحِ مَصلوبًا، شَكًّا لِليَهودِ وَجَهالَةً لِليونانِيّين.
أَمّا لِلمَدعُوّينَ، يَهودًا وَيونانِيّينَ، فَٱلمَسيحُ قُوَّةُ ٱللهِ وَحِكمَةُ ٱلله.
هلِّلويَّات الإنجيل
أُذكُر جَماعتَكَ ٱلَّتي ٱقتَنَيتَها مُنذُ ٱلقَديم، لَقَدِ ٱفتَدَيتَ صَولَجانَ ميراثِكَ.
-أَمّا ٱللهُ فَهُوَ مَلِكُنا قَبلَ ٱلدُّهور، أَجرى ٱلخَلاصَ في وَسَطِ ٱلأَرض. (لحن 1)
إنجيل القدّيس متّى 35a-30b.28a-25.20-13.11-6:19.1:27
في ذَلِكَ ٱلزَّمان، تَشاوَرَ رُؤَساءُ ٱلكَهَنَةِ جَميعًا وَشُيوخُ ٱلشَّعبِ عَلى يَسوعَ لِيُميتوهُ،
وَذَهَبوا إِلى بيلاطُسَ قائِلين: «إِصلِبهُ! إِصلِبهُ!» فَقالَ لَهُم بيلاطُس: «خُذوهُ أَنتُم وَٱصلِبوه. فَإِنّي لا أَجِدُ فيهِ عِلَّة».
أَجابَهُ ٱليَهود: «إِنَّ لَنا ناموسًا، وَبِحَسَبِ ناموسِنا هُوَ مُستَوجِبُ ٱلمَوتِ، لِأَنَّه جَعَلَ نَفسَهُ ٱبنَ ٱلله».
فَلَمّا سَمِعَ بيلاطُسُ هَذا ٱلكَلامَ، ٱزدادَ خَوفًا.
وَدَخَلَ مِن جَديدٍ إِلى دارِ ٱلوِلايَةِ وَقالَ لِيَسوع: «مِن أَينَ أَنتَ؟» فَلَم يَرُدَّ يَسوعُ عَلَيهِ جَوابًا.
فَقالَ لَهُ بيلاطُس: «أَلا تُكَلِّمُني؟ أَما تَعلَمُ أَنَّ لي سُلطانًا أَن أَصلِبَكَ، وَلي سُلطانًا أَن أُطلِقَكَ؟»
أَجابَ يَسوع: «ما كانَ لَكَ عَلَيَّ مِن سُلطانٍ لَو لَم يُعطَ لَكَ مِن فَوق. لِذَلِكَ فٱلَّذي أَسلَمَني إِلَيكَ عَلَيهِ خَطيئَةٌ أَعظَم».
فَلَمّا سَمِعَ بيلاطُسُ هَذا ٱلكَلامَ أَخرَجَ يَسوعَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلى كُرسيِّ ٱلقَضاءِ في مَوضِعٍ يُقالُ لَهُ «ليتُستُروتُس» وَبِالعِبرانِيَّةِ جَبعَثا.
وَكانَت تَهيِئَةُ ٱلفِصحِ وَكانَ نَحوُ ٱلسّاعَةِ ٱلسّادِسَةِ، فَقالَ لِليَهود: «هُوَذا مَلِكُكُم!»
أَمّا هُم فَصَرَخوا: «إِرفَعهُ! إِرفَعهُ! إِصلِبهُ!» قالَ لَهُم بيلاطُس: «أَأَصلِبُ مَلِكَكُم؟» أَجابَ رُؤَساءُ ٱلكَهَنَة: «لَيسَ لَنا مَلِكٌ غَيرُ قَيصَر!»
حينَئِذٍ أَسلَمَهُ إِلَيهِم لِيُصلَب، فَأَخَذوا يَسوعَ وَمَضَوا بِهِ.
فَخَرَجَ وَهُوَ حامِلٌ صَليبَهُ إِلى ٱلمَوضِعِ ٱلمُسَمّى مَوضِعَ «ٱلجُمجُمَةِ» وَبِالعِبرانِيَّةِ يُسَمّى ٱلجُلجُلَة،
حَيثُ صَلَبوهُ، وَآخَرَينِ مَعَهُ مِن هُنا وَمِن هُنا، وَيَسوعَ في ٱلوَسَط.
وَكَتَبَ بيلاطُسُ عُنوانًا وَوَضَعَهُ عَلى ٱلصَّليبِ، وَكانَ ٱلمَكتوبُ فيه: «يَسوعُ ٱلنّاصِرِيُّ مَلِكُ ٱليَهود».
وَهَذا ٱلعُنوانُ قَرَأَهُ كَثيرٌ مِنَ ٱليَهودِ، لِأَنَّ ٱلمَوضِعَ ٱلَّذي صُلِبَ فيهِ يَسوعُ كانَ قَريبًا مِنَ ٱلمَدينَة. وَكانَ مَكتوبًا بِٱلعِبرانِيَّةِ وَٱليونانِيَّةِ وَٱلرّومانِيَّة.
وَكانَت واقِفَةً عِندَ صَليبِ يَسوعَ أُمُّهُ، وَأُختُ أُمِّهِ مَريَمُ ٱلَّتي لِكَلاوُبا، وَمريَمُ ٱلمِجدَلِيَّة.
فَلَمّا رَأى يَسوعُ أُمَّهُ وَٱلتِّلميذَ ٱلَّذي كانَ يُحِبُّهُ واقِفًا، قالَ لِأُمِّهِ: «يا ٱمرَأَةُ، هُوَذا ٱبنُكِ».
ثُمَّ قالَ لِلتِّلميذ: «هَذِهِ أُمُّكَ». وَمِن تِلكَ ٱلسّاعَةِ، أَخَذَها ٱلتِّلميذُ إِلى بَيتِهِ ٱلخاصّ.
وَبَعدَ هَذا رَأى يَسوعُ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ قَد تَمَّ
فَأَمالَ رَأسَهُ وَأَسلَمَ ٱلرّوح.
ثُمَّ إِذ كانَ يَومُ ٱلتَّهيِئَةِ، فَلِئَلاَّ تَبقى ٱلأَجسادُ عَلى ٱلصَّليبِ في ٱلسَّبتِ، لِأَنَّ يَومَ ذَلِكَ ٱلسَّبتِ كانَ عَظيمًا، طَلَبَ ٱليَهودُ مِن بيلاطُسَ أَن تُكسَرَ سوقُهُم ويُذهَبَ بِهِم.
فَجاءَ ٱلجُندُ وَكَسَروا ساقَيِ ٱلأَوَّلِ وَساقَيِ ٱلآخَرِ ٱلَّذي صُلِبَ مَعَهُ.
وَأَمّا يَسوعُ فَلَمّا ٱنتَهُوا إِلَيهِ وَرَأَوهُ قَد ماتَ، لَم يَكسِروا ساقَيهِ،
لَكِنَّ واحِدًا مِنَ ٱلجُندِ فَتَحَ جَنبَهُ بِحَربَةٍ، فَخَرَجَ لِلوَقتِ دَمٌ وَماء.
وَٱلَّذي عايَنَ شَهِدَ وَشَهادَتُهُ حَقٌّ.
التعليق الكتابي :
الكاردينال شارل جورنيه (1891 – 1975)، لاهوتيّ
محاضرات ألقيت في جنيف من 1972 وحتى 1974 حول الإنجيل بحسب القديس يوحنا
الحيّة النحاسيّة
هذا العنوان فيه إشارَة الى واقِعَة حَدَثَت في الصَحراء عِندَما وَصل الإسرائيليّون الى مَنطَقة فيها حيَّات لاذعة، فلدغت الكَثيرين وكان الشَعب يتَذمَّر (راجع عد 21: 4 – 9).”فصَنَعَ موسى حيَةً مِن نُحاس وجَعَلَها على سارِيَة. فكانَ أَيُّ إِنْسانٍ لَدَغَته حَيَّةٌ ونَظَرَ إِلى الحّيَّةِ الْنّحاسِيَّةِ يَحيا” (عد 21: 9). غير أنّه جاء في سِفر الحِكمَة ما يعني: ليسَ النَظَر بِأعيُن الجَسَد الى شَكل حيَّة مِن نُحاس كان يَستطيع أن يَشفيهم، بَل الصَلاة التي كانوا يَرفَعُونها وكانو يشفون إن أراد الربّ ذلك (راجع حك 16: 5-12). فَلَيس بِالسِحر كان يَتِمّ شِفائهم لكن عندَما يَتوسلّون الله كَي يُعضِدَهُم.
انطِلاقًا من هذا النصّ، اعتمد الرّب يَسوع رَمز صورَة الحيّة التي رُفِعَت، فكل الذين يَنظرون إليه بتوسّل سيكون شفائهم متيسّرًا. “فكما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان” على الصليب. ثم يجب أن ننظر إليه، لكن ليس كما كان ينظر إليه الجلادون الساهرون على أقدام الصليب، بل ننظر إليه بشوق.
إن الرّب يسوع قد اتّخذ لنفسه لقب “ابنُ الإنسان” لكي يدل على الإهانات الّتي سوف يعاني منها؛ فقد صار ضعيفًا كأولاد البشر بحيث أنّه اتّخَذّ طبيعتنا. ثمّ إنّنا من ناحية أخرى وفي سفر دانيال نجد أن النبّي كان ينظر في رؤياه ليلاً “فإِذا بِمِثلِ آبنِ إِنسان آتٍ على غَمامِ السَّماء فبَلَغَ إِلى قَديمِ الأَيَّام وقُرِّبَ إِلى أَمامِه” (دا 7: 13) بحَيثُ أن هَذا الرَمز عَن ابن الإنسان استَمرّ عِندَ بَني إسرائيل كإشارة لمَجيءٍ من العُلى لمن يمكن أن يكون المسيح. إن كلمَة “ابنُ الإنسان” هذه تَحوي الضُدّين : ضعف المخلّص بطبيعته الإنسانيّة وسموّ ألوهيّته.
“كما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأَبديَّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن”. عَلى كلّ مِنّا أن يَنظُر إليه، أن يَنظُر إليه بِنظرَة الإيمان العَميقَة، وبِشوق وتوقٍ الى الحَقيقَة.