القراءات اليومية لكنيسة الروم الملكيين 17 أبريل/نيسان 2019
الأربعاء العظيم المقدَّس
تذكار القديس الشهيد في رؤساء الكهنة سمعان الفارسي
تذكار أبينا البارّ اكاكيوس أسقف ميليتيني
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس 9-6:2
يا إِخوَة، إِنّا نَنطِقُ بِٱلحِكمَةِ بَينَ ٱلكامِلينَ، وَلَكِن لا بِحِكمَةِ هَذا ٱلدَّهرِ وَرُؤَساءِ هَذا ٱلدَّهرِ، ٱلَّذينَ يُعدَمونَ،
بَل نَنطِقُ بِحِكمَةِ ٱللهِ في ٱلسِّرِّ، بِٱلحِكمَةِ ٱلمَكتومَةِ ٱلَّتي سَبَقَ ٱللهُ فَحَدَّدَها قَبلَ ٱلدُّهورِ لِمَجدِنا،
ٱلَّتي لَم يَعرِفها أَحَدٌ مِن رُؤَساءِ هَذا ٱلدَّهرِ، لِأَنَّهُم لَو عَرَفوا لَما صَلَبوا رَبَّ ٱلمَجد.
وَلَكِن كَما كُتِب: «إِنَّ ما لَم تَرَهُ عَينٌ، وَلا سَمِعَت بِهِ أُذُنٌ، وَلا خَطَرَ عَلى قَلبِ بَشَرٍ، ما أَعَدَّهُ ٱللهُ لِمُحِبّيه».
هلِّلويَّات الإنجيل
قُم يا رَبُّ إِلى راحَتِكَ، أَنتَ وَتابوتُ جَلالِكَ.
-حَلَفَ ٱلرَّبُّ لِداوُدَ بِٱلحَقِّ وَلَن يُخلِف: لَأُجلِسَنَّ مِن ثَمَرَةِ بَطنِكَ عَلى عَرشِكَ. (لحن 8)
إنجيل القدّيس متّى .16-6:26
فيما كانَ يَسوعُ في بَيتَ عَنيا في بَيتِ سِمعانَ ٱلأَبرَصِ،
دَنَت إِلَيهِ ٱمرَأَةٌ مَعَها قارورَةُ طيبٍ غالي ٱلثَّمَنِ، فَأَفاضَتهُ عَلى رأسِهِ وَهُوَ مُتَّكِئ.
فَلَمّا رَأى تَلاميذُهُ غَضِبوا وَقالوا: «لِمَ هَذا ٱلإِتلاف؟»
فَقَد كانَ يُمكنُ أَن يُباعَ هَذا بِثَمَنٍ كَبيرٍ وَيُعطى لِلمَساكين.
فَعَلِمَ يَسوعُ، فَقالَ لَهُم: «لِماذا تُزعِجونَ ٱلمَرأَة؟ إِنَّها قَد صَنَعَت بي صَنيعًا حَسَنًا!
فَإِنَّ ٱلمَساكينَ عِندَكُم في كُلِّ حينٍ، وَأَمّا أَنا فَلَستُ عِندَكُم في كُلِّ حين.
فَإِنَّ هَذِهِ إِذ أَفاضَت هَذا ٱلطّيبَ عَلى جَسَدي، إِنَّما صَنَعَت ذَلِكَ لِدَفني.
أَلحَقَّ أَقولُ لَكُم: حَيثُما كُرِزَ بِهَذا ٱلإِنجيلِ في ٱلعالَمِ كُلِّهِ، يُخبَرُ أَيضًا بِما صَنَعَت هَذِهِ تَذكارًا لَها».
حينَئِذٍ مَضى أَحَدُ ٱلِٱثنَي عَشَرَ، ٱلَّذي يُقالُ لَهُ يَهوذا ٱلإِسخَريوطيّ إِلى رُؤَساءِ ٱلكَهَنَةِ،
وَقال: «ماذا تُريدونَ أَنَ تُعطوني وَأَنا أُسلِمُهُ إِلَيكُم؟» فَدَفَعوا لَهُ ثَلاثينَ مِنَ ٱلفِضَّة.
وَمِن ذَلِكَ ٱلوَقتِ كانَ يَطلُبُ فُرصَةً مُلائِمَةً لِيُسلِمَهُ.
شرح لإنجيل اليوم :
من كتاب إنجيلك نور لحياتي
www.melkites.org
سنكسار الأربعاء من الأسبوع العظيم
نصنع تذكار المرأة الزانية التي دهنت الرب بالطِّيب
إنَّ الرب لمَّا كان صاعداً إلى أورشليم وهو في بيت سمعان الأبرص تقدّمت إليه امرأة زانية وأفاضت على رأسه ذاك الطِّيب الكثير الثمن. فلهذا قد عُيِّن ههنا أن يُكرَز حسب قول المخلص في كل محل وللجميع بهذا الفعل الشديد الحرارة. فماذا حرَّك هذه المرأة لتأتي وتفعل هذا الأمر. إنها قد تحرَّكت لذلك عندما شاهدت شفقة المسيح وامتزاجهُ مع الجميع وخاصةً الآن لمَّا نظرته داخلاً إلى بيت رجل أبرص يمنع الناموس من مخالطتِه لكونه نجساً ومنهىً عن شركته. فافتكرت المرأة أنه كما رفع برص ذاك كذلك سيرفع مرض نفسها. فبينما كان متَّكئاً على العشاء أفاضت على رأسه الطِّيب الذي كان يساوي نحو ثلاثمائة دينار فانتهرها التلاميذ وخاصَّةً يهوذا. إلاَّ أن المسيح عضدها لئلاَّ يقطعوا عزمها الصالح. ثم تعرَّض لدفنه ليمنع يهوذا عن التسليم ويؤَهّل المرأة للكرامة ليُكرَز في كل المسكونة بعملها الصالح.
ثم أعلم أن هذه المرأة قد زعم بعضٌ أنها واحدة بعينها عند جميع الإنجيليين إلاّ أن الأمر ليس هو كذلك. بل امّا عند الثلاثة منهم فهي واحدة بعينها كما قال فم الذهب الإلهي وقد دُعيت أيضاً زانية. وأمّا عند يوحنا فليس هي هذه بل هي امرأة أخرى عجيبة ذات سيرة شريفة وهي مريم أخت لعازر التي لو كانت زانية لمَا كان يحبها المسيح. فمن هاتين. أمّا مريم فقبلَ ستة أيام للفصح بينما كان يسوع في بيتها الذي كان في بيت عنياً متّكئاً على العشاء صنعت مسحة الطيب وإفاضته على قدميه البهيَّتين ومسحتهما بشعر رأسها مكرِّمة إياه اكراماً بليغاً ومقدّمة الطِّيب كإلى إله. لأنها كانت تعلم بتحقيق أنه وفي الذبائح أيضاً كان يُقدَّم زيت لله وإن الكهنة كانوا يُمسحون بطيب ويعقوب دهن نصباً لله. فقدَّمت إليهِ الطيب مسدية إكراماً للمعلم كإله لأجل إعادة حياة أخيها. فلذلك ما وعدها بأجرة وحينئذٍ تقمقم يهوذا، وحدهُ بما أنه محب الفضة. وإمّا الأخرى أعني الزانية فقبل يومين للفصح عندما كان يسوع أيضاً في بيت عنيا ذاتها وهو في ببت سمعان الأبرص متكئاً على العشاء أفاضت ذاك الطِّيب الجزيل الثمن على رأسه كما يذكر متّى ومرقص الشريفان فاغتاظ التلاميذ على هذه الزانية لعِلمِهم بتأكيد تحريض المسيح نحو الرحمة فأُعطي لها أجرة بأن يُذاع بعملها الصالح في كل المسكونة. فعلى ذلك امّا الآخرون فيزعمون أن المرأة هي واحدة بعينها وامّا العسجدي اللسان فيقول اثنتين ويوجد بعضٌ يزعمون أنهنَّ كنَّ ثلاثاً اثنتين منهنَّ كانتا المتقدّم ذكرهما اللتين صنعتا ذلك عندما دنت آلام الرب على الأبواب وأخرى قبلهمَا التي كانت الأولى وقد صنعت ذلك عند انتصاف الكرازة الإنجيلية تقريباً التي كانت زانية وخاطئة. فهذه أفاضت الطِّيب على قدمَي المسيح فقط وذلك ليس في بيت سمعان الأبرص بل في بيت سمعان الفريسي لمَّا شكَّ وحدهُ وقد منحها المخلص صفح الخطايا أجرة عن فعلها. فعن هذه وحدها يُخبر لوقا الإلهي في انتصاف إنجيله تقريباً كما سبق القول. وبعد حكاية هذه الزانية يورد هكذا قائلاً: “وكان بعد ذلك وهو يسير في كل مدينة وقرية ويكرز ويبشِّر بملكوت الله”. الذي منه يتَّضح أن ذلك حصل ليس لط حين الآلام. فيظهر إذاً من الزمان ومن الذين قبلوا المسيح ومن المكان ومن الأشخاص ومن المنازل ثم ومن صورة المسيح بالطيب أنَّ النسوة هنَّ ثلاث اثنتان منهنَّ زانيتان والثالثة مريم أخت لعازر المتلألئة بسيرة طاهرة. وان آخر بيت هو بيت سمعان الفريسي وآخر بيت سمعان الأبرص في بيت عنيا وآخر أيضاً هو بيت مريم ومرتا أُختَي لعازر في بيت عنيا ذاتها. حتى انه يُستنتَج أيضاً من هذه انه صار للمسيح عشاءَان وكلاهما في بيت عنيا. فأحدهما قبل ستة أيام للفصح في بيت لعازر لمَّا أكل معه لعازر أيضاً كما يخبر ابن الرعد قائلاً: “قبل ستة أيام للفصح أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من بين الأموات. فصنعوا له هناك عشاءً وكانت مرتا تخدم، أمَّا لعازر فكان أحد المتكئين معه. فأمّا مريم فأخذت رطل طيب ناردين زكي كثير الثمن ودهنت به قدمَيْ يسوع ومسحتهما بشعرها”. والعشاء الآخر صار قبل يومين للفصح وهو لم يزل في بيت عنيا في منزل سمعان الأبرص لمّا تقدّمت إليه الزانية وأفاضت الطيب الكثير الثمن كما يخبر متى الشريف قائلاً كما المسيح إلى التلاميذ “علمتم أن بعد يومين يكون الفصح”. وبعد قليل يقول أيضاً “فلمَّا كان يسوع في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص جاءت إليه امرأة ومعها قارورة طيب كثير الثمن فأفاضته على رأسه وهو متّكي”. الذي يطابقه مرقص بقوله “وكان الفصح والفطير بعد يومين وبينما يسوع في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص متكئاً جاءت امرأة الخ”. فالذين يماحكون ويقولون انَّ امرأة واحدة بعينها هي عند جميع الانجيليين التي دهنت الرب بطيب، وأن سمعان الأبرص وسمعان الفريسي الذي بعض قالوا انه كان أبا لعازر وأُختَيه مريم ومرتا هما واحد، وأن واحداً بعينه هو العشاء وواحداً أيضاً المنزل الذي في بيت عنيا حيث أُعدّت الغرفة المفروشة وصار العشاء السري. فمثل هؤلاء لا يظنون ظناً حسناً. لأنَّ هذين العشائين صارا للمسيح في بيت عنيا خارج أورشليم كما تقدّم القول أحدهما قبل ستة أيام والآخر قبل يومين للفصح الناموسي لمَّا قدَّمت المرأتان الطيب للمسيح كلٌّ بصورة مختلفة عن الأخرى. وأمَّا العشاء السري والغرفة المفروشة فأُعِدَّا داخل مدينة أورشليم قبل الفصح الناموس وآلام المسح بيوم واحد. فبعضٌ يزعمون أن ذلك حصل في بيت رجل مجهول وآخرون يقولون انه في بيت يوحنا التلميذ المتكي على الصدر في صهيون المقدسة حيث كان التلاميذ مختفين خوفاً من اليهود وحيث صار تفتيش توما بعد القيامة وبعده حلول الروح القدس في عيد الخمسين وإتمام أمور أخرى سريّة لا توصف.
فلذلك إذاً قد يلوح كما وبالحقيقة أيضاً أن زعم فم الذهب هو أكثر تحقيقاً أعني أن اثنتين هما اللتان صنعتا هذا العمل إحداهما كما تقدّم القول هي التي ذُكرت من الثلاثة الانجيليين وهي الزانية الخاطئة التي أفاضت الطيب على رأس المسيح والأخرى هي المذكورة من يوحنا وهي مريم أخت لعازر التي قدَّمت الطيب وأفاضته على قدمَي المسيح الإلهيتين لا غير. وان العشاءَيْن اللذين صاراً في بيت عنيا هما غير العشاء السري وقد يتضح ذلك من أن بعد حكاية الزانية أرسل تلميذَيْه ليعدَّا الفصح قائلاً: “انطلقوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له المعلم يقول عندك أصنع الفصح مع تلاميذي” وأيضاً “وسيلقاكما رجل حامل جرّة ماء وذاك يريكما علِّيَّة عظيمة مفروشة فأعَدَّا لنا هناك فأَنطلَقا ووجدا كما قال لها وأَعداً الفصح”. أعني الفصح الناموسي بما أنه كان قريباً. فأتى وأكمله مع تلاميذه كما يقول فم الذهب الإلهي. ثم بعد أن صار العشاء السري وتمَّ الغسل الإلهي في ذلك الأثناء اتكأ يسوع أيضاً وسلَّم فصحنا على المائدة ذاتها كما بفول يوحنا العسجدي اللسان. ثم يوحنا الشريف ومرقص الإنجيليان المتألهان قد أوردا أيضاً نوع الطيب بتسميتهمَا إياه يونانيًّا بيستيكون وجزيل الثمن فاعتيد أن يُدعى بيستيكون الخالص الغير المزغول والمتأكدة نقاوته ولممكن أن يكون هذا الإسم لقباً للطيب الأول الفاخر. ومرقص يضيف على ذلك أن المرأة كسرت الإناء للسرعة بما أنه ضيّق المنفذ الذي يدعيه قارورة وهذا الإناء هو من بلور كما يقول أبيفانيوس مصنوع بدون اذن وقد يُقال له أيضاً حنجور. ثم ان ذاك الطيب كان مركَّباً من أجزاء كثيرة وبالأخص من هذه الأشكال الآتية: زهر المرّ، قرفة زكيّة، ايرسا، سنبل عطري وزيت.