القراءات اليومية لكنيسة الروم الملكيين 17 يوليو – تموز 2019
الأربعاء السادس بعد العنصرة
تذكار القدّيسة العظيمة في الشهيدات مارينا
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس 8-1:3.16-9b:2
يا إِخوَة، إِنَّ ما لَم تَرَهُ عَينٌ، وَلا سَمِعَت بِهِ أُذُنٌ، وَلا خَطَرَ عَلى قَلبِ بَشَرٍ، ما أَعَدَّهُ ٱللهُ لِمُحِبّيه.
قَد أَعلَنَهُ لَنا ٱللهُ بِروحِهِ، لِأَنَّ ٱلرّوحَ يَفحَصُ كُلَّ شَيءٍ حَتّى أَعماقَ ٱلله.
فَإِنَّهُ مَن مِنَ ٱلنّاسِ يَعرِفُ شُؤونَ ٱلإِنسانِ إِلاّ روحُ ٱلإِنسانِ ٱلَّذي فيه؟ فَهَكَذا أَيضًا لا يَعرِفُ أَحَدٌ شُؤونَ ٱللهِ إِلاّ روحُ ٱلله.
وَنَحنُ لَم نَأخُذ روحَ ٱلعالَمِ، بَلِ ٱلرّوحَ ٱلَّذي مِنَ ٱللهِ، لِنَعرِفَ ما أَنعَمَ بِهِ ٱللهُ عَلَينا مِنَ ٱلنِّعَمِ،
ٱلَّتي نَتَكَلَّمُ عَنها لا بِأَقوالٍ تُعَلِّمُها ٱلحِكمَةُ ٱلبَشَرِيَّةُ، بَل بِٱلَّتي يُعَلِّمُها ٱلرّوحُ ٱلقُدُسُ، قارِنينَ ٱلرّوحِيّاتِ بِٱلرّوحِيّات.
لَكِنَّ ٱلإِنسانَ ٱلطَّبيعِيَّ لا يَقبَلُ أُمورَ روحِ ٱللهِ، لِأَنَّها جَهالَةٌ عِندَهُ. وَلا يَستَطيعُ أَن يَعرِفَها، لِأَنَّها إِنَّما يُحكَمُ فيها روحِيًّا.
وَأَمّا ٱلرّوحِيُّ فَإِنَّهُ يَحكُمُ في كُلِّ شَيءٍ، وَلا أَحَدَ يَحكُمُ فيه.
«إِذ مَن عَرَفَ فِكرَ ٱلرَّبِّ حَتّى يُلَقِّنَهُ؟» وَأَمّا نَحنُ فَعِندَنا فِكرُ ٱلمَسيح.
وَأَنا، أَيُّها ٱلإِخوَةُ، لَم أَستَطِع أَن أُكَلِّمَكُم كَروحِيّينَ بَل كَجَسَدِيّينَ، كَأَطفالٍ في ٱلمَسيح.
قَد أَعطَيتُكُم لَبَنًا لِتَشرَبوا لا طَعامًا، إِذ لَم تَكونوا بَعدُ قادِرينَ عَلى ذَلِكَ، وَلا ٱلآنَ أَيضًا تَستَطيعونَهُ،
لِأَنَّكُم لا تَزالونَ جَسَدِيّين. فَإِنَّهُ إِذ فيكُم حَسَدٌ وَخُصومَةٌ وَشِقاقاتٌ، أَلا تَكونونَ جَسَدِيّينَ وَتَسلُكونَ بِحَسَبِ البَشَرِيَّة؟
إِذا كانَ واحِدٌ يَقول: «أَنا لِبولَسَ» وَآخَر: «أَنا لِأَبُلُّسَ» أَلا تَكونونَ جَسَدِيّين؟
فَمَن ذا بولُس؟ وَمَن ذا أَبُلُّس؟ إِلاّ خادِمانِ آمَنتُم عَلى أَيديهِما، وَكَما مَنَحَ ٱلرَّبُّ كُلاًّ مِنهُما.
أَنا غَرَستُ وَأَبُلُّسُ سَقى، لَكِنَّ ٱللهَ قَد أَنمى.
فَلَيسَ ٱلغارِسُ إِذَن بِشَيءٍ وَلا ٱلسّاقي، بَلِ ٱللهُ المُنمي.
أَمّا ٱلغارِسُ وَٱلسّاقي فَهُما شَيءٌ واحِدٌ، وَكُلٌّ يَأخُذُ أُجرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ.
هلِّلويَّات الإنجيل
قُم يا رَبُّ إِلى راحَتِكَ، أَنتَ وَتابوتُ جَلالِكَ.
-حَلَفَ ٱلرَّبُّ لِداوُدَ بِٱلحَقِّ وَلَن يُخلِف: لَأُجلِسَنَّ مِن ثَمَرَةِ بَطنِكَ عَلى عَرشِكَ. (لحن 8)
إنجيل القدّيس متّى 36a-31:13
قالَ ٱلرَّبُّ هَذا ٱلمَثَل: «يُشبِهُ مَلَكوتُ ٱلسَّماواتِ حَبَّةَ خَردَلٍ، أَخَذَها إِنسانٌ وَزرَعَها في حَقلِهِ.
فَإِنَّها أَصغَرُ ٱلبُزورِ كُلِّها، بَيدَ أَنَّها مَتى نَمَت صارَت أَكبرَ مِن جَميعِ ٱلبُقول. ثُمَّ تَصيرُ شَجَرَةً، حَتّى إِنَّ طُيورَ ٱلسَّماءِ تَأتي وَتَستَظِلُّ في أَغصانِها».
وَقالَ لَهُم مَثَلاً آخَر: «يُشبِهُ مَلَكوتُ ٱلسَّماواتِ خَميرَةً، أَخَذَتها ٱمرَأَةٌ وَخَبَّأَتها في ثَلاثَةِ أَكيالِ دَقيقٍ حَتّى ٱختَمَرَ ٱلجَميع».
هَذا كُلُّهُ قالَهُ يَسوعُ لِلجُموعِ بِأَمثالٍ، وَبِغَيرِ مَثَلٍ لَم يَكُن يُكَلِّمُهُم،
لِيَتِمَّ ما قيلَ بِٱلنَّبِيِّ ٱلقائِل: «أَفتَحُ فَمي بِٱلأَمثالِ، وَأُذيعُ ٱلأَشياءَ ٱلخَفِيَّةَ مُنذُ إِنشاءِ ٱلعالَم».
حينئذٍ تَرَكَ يسوعُ الجُمُعَ وجاءَ يَسوعُ إِلى ٱلبَيت.
شرح لإنجيل اليوم :
الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 – 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة ولاهوتيّ
“المسيح، حبّة الخردل والخميرة المزروعة في العالم”
جاء المسيح ليقدّم نفسه للعالم، جاء ليطالب به كملكيّة له وليؤكد حقوقه عليه كونه سيّده. جاء ليحّرره من سيطرة العدوّ الغاصب وليظهر نفسه لكلّ إنسان وليسكن فيه. المسيح هو حبّة الخردل التي تنمو بصمت حتّى تغطّي الأرض كلّها. المسيح هو تلك الخميرة التي تشقّ طريقها بسريّة تامّة بين جموع البشر وطريقة تفكيرهم ومؤسساتهم إلى أن يختمر كلّ شيء. فالسماء والأرض كانتا منفصلتين قبل ذلك، ومشروع النعمة للسيد المسيح هو أن يكون العالم واحدًا عندما تصبح الأرض مثل السماوات.
منذ البدء، كان في العالم ولكن البشر عبدوا آلهة أخرى. تجسّد وأتى إلى هذا العالم “والعالم لم يعرفه” (يو1: 10). “جاء إلى بيته، فما قبله أهل بيته” (يو1: 11). لكنّه جاء لكي يقودهم إلى استقباله ومعرفته وعبادته. جاء ليحمل هذا العالم لكي يصبح هذا العالم نورًا تمامًا كما أنّ المسيح نور. عندما أتى، “لم يكن له ما يضع عليه رأسه” (لو9: 58)، لكنّه جاء ليكون له مكانًا ومسكنًا وليجد بيوتًا تستقبله. جاء ليحوّل العالم كلّه إلى مسكن مجده، هذا العالم الذي كانت تسيطر عليه قوى الشرّ.
جاء في الظلام، وُلد في ظلام حالك، داخل في مغارة… كانت هذه المغارة المكان الأوّل حيث وضع رأسه، لكن ليس ليبقى إلى الأبد. لم يكن في نيّته البقاء في تلك الظلمة… كان مشروعه يتضمّن تغيير العالم كلّه… كان يجب تجديد الكون من قبله، لكنّه لم يلجأ إلى شيء ممّا كان ليخلق كلّ شيء من العدم… كان نورًا يشرق في الظلمات إلى أن خلق بقوّته هيكلاً يستحقّ اسمه.