المسيحية في إيمانها – الأب أندراوس فهمي
المسيحية في إيمانها – الأب أندراوس فهمي
المسيحيّة مبنيّة على إيمان وليس على معرفة فقط، فيمكن التعرف على الأديان من خلال القراءة والبحث والتساؤل هذا إذا أردنا أن نتثقف عن الدين، فالأديان تعرف من خلال كُتبها، وما أكثر الكتب عن المسيحية، كما أن هناك مواقع كثيرة مسيحية يمكن أن نعرف من خلالها المسيحية.
فإذا أردنا التعرف على شيء لابد أن نقرأ عنه أولاً لكن إن أردنا أن نؤمن بشيء علينا أن تترك قلبنا مفتوحاً لتدخل الله في حياتنا.
وهذا هو إيمان المسيحية باختصار شديد جداً جداً:
فالمسيحية تؤمن بإله واحد خالق الكل، وهذا الإله له ثلاث طرق (نسميهم في المسيحية ثلاث أقانيم، أو بمعنى أبسط هو يمكنه أن يكون حاضراً للإنسان بثلاث طرق: يحضر له كآب، وكابن وكروح: إنها ثلاث حضرات لله الواحد، إذا جاز التعبير).
فعندما خلق الله الإنسان والخلائق، خلقها بكونه أب.
تؤمن المسيحية بأن هذا الإله ليس بعيداً عن البشر بل هو قريب جدا منهم ويحبهم حباً عظيما جدا.
تؤمن المسيحية بأن هذا الإله ليس متعال ولا متكبر بل هو إله متواضع وعظمته تكمن في تواضعه وحبه.
هذا الإله خلق الإنسان في أحسن صورة وجعل بين يديه كل شيء، لكن الإنسان أخطأ (قصة آدم وحواء): أخطأ في حق الله الذي أحبه ، وأخطأ في حق نفسه ومع ذلك فلم يبده الله من على الأرض، بل اكتفى بطرده من الفردوس (الجنة) أي طرده من هذه الحالة السعيدة التي كان يحيا فيها.
وبالمناسبة، إن مفهوم الجنة في المسيحية لا يعني مكاناً جيداً ومريحاً وبه كل الإمكانيات، بل حالة الإنسان الذي يسعد سعادة خارقة الطبيعة لأنه يعيش في حماية الله (آدم كان يعيش في سعادة مع الله) والمسيحية تؤمن أن السعادة الحقيقية لا توجد إلا في الله.
وتؤمن أيضاً أن الإنسان بعد طرده من الفردوس بدأ يعمل في الأرض ولأنه محدود ولا يعيش في حماية الله فبدأ يخطأ ويرتكب المعاصي أمام الله، ولذلك فقد أرسل الله له أنبياء ً كثيرين ليردوه عن ضلاله ويعيدوه إلى حضن الله الذي أحبه وخلقه (وهذا كان دور الأنبياء في تاريخ المسيحية).
ولكن، عندما ازداد شر الإنسان ولم تعد هناك طريقة أخرى لاسترجاعه، فكان على الله المحب أن يرسل شخصاً يحمل بداخله صفات الألوهية وكذلك صفات البشر، ولهذا كان عليه أن يحضر (يظهر) للإنسان ليخلصه من معاصيه ولذلك ظهر له على الأرض في صورة الابن.
المسيحية تؤمن بأن الله أراد أن يخلص الإنسان فأرسل يسوع المسيح ليس كنبي ولكن كابن له (صورة أخرى من صور حضور الله) وهذا الابن نستطيع أن نقرأ عنه كثيراً ونعرفه كثيرا من الإنجيل: تعاليمه التي تفوق أي تعليم بشري، فهي تعاليم إلهية، ولذلك المسيحية تؤمن بأن يسوع يحمل بداخله طبيعتين واحدة إلهية وأخرى إنسانية.
وهذا لأنه كان على الشخص الذي يمكنه أن يخلص البشرية أن يكون قريب من البشر (إنسان) وفي نفس الوقت يحمل بداخله صورة إلهية(صورة الإبن) حتى يستطيع أن يوصل الإنسان إلى الله.
وهكذا جاء المسيح على الأرض ليخلص الإنسان، وقد قام بذلك من خلال تعاليمه التي تجدها في الإنجيل ومن خلال معجزاته التي صنعها، والتي أظهرت للبشر حب الله لهم. حتى أن هذا الحب دفع يسوع ليضحي بحياته رغم أنه كان يستطيع أن يستخدم قوته كإله ليبيد البشر
ولكن المسيحية تؤمن بأن الله غير منتقم، بل محب للبشر لدرجة أنه تخلى عن كل شيء في سبيل حبه لهم (وفي هذا نجد شرحاً وافياً من خلال كتابات الرسل والتلاميذ الذين رافقوا يسوع وعاشوا معه، وهي موجودة في الإنجيل تحت اسم “رسائل القديس بولس ورسائل باقي الرسل والقديسين”) فهم يشرحون كثيراً هذا السر العظيم.
كما أنّ هناك كثير من الكتب التي تحاول أن تشرح هذا السر العظيم والفائق للوصف.
ولأن الله يحب الإنسان فقد سمح أن يتألم ابنه يسوع المسيح ويموت، ولكن الموت لم يستطيع أن يغلبه لأنه إله.
لذلك فالمسيحية تؤمن بأن المسيح قام وانتصر على الموت لأن الموت يعني فناءً، ولأن يسوع هو ابن لله فلا يمكن أن يفنى وبالتالي فالمسيحية تؤمن بأنه قام من بين الأموات.
ولأن الله يعرف أن الإنسان ضعيفاً ويعيش في عالم مليء بالشرور فقد ترك له صورة أخرى من صور حضوره على الأرض ألا وهو الروح القدس.
والمسيحية تؤمن أن الله أرسل الروح القدس وهو صورة لا يمكن التعرف على هويتها كاملة، ولكنه يعمل داخل الإنسان ويدفعه لعمل الخير. ولهذا توجد الكنائس لتحاول توصيل هذه الحقائق إلى البشر.
هذا هو باختصار شديد جداً إيمان المسيحية ولكن هناك عناصر كثيرة يجب على كل واحد أن يجدها بنفسه
فالإيمان هو نعمة من الله يعطيها للإنسان عندما يكون هناك قلباً يريد أن يصل إلى الحقيقة ويعرفها.
وعندما يريد هذا الإنسان أن يبحث عن سعادته على الأرض ويربح حياته في السماء.
وعندما يكون لديه الاستعداد ليحب من كل قلبه الله والبشر.