النُّورُ يَشرِقُ في الظُّلُمات ولَم تُدرِكْه الظُّلُمات – بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013
بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013
عظة بتاريخ 07/ 04/ 2012
النُّورُ يَشرِقُ في الظُّلُمات ولَم تُدرِكْه الظُّلُمات – يو 1: 5
في احتفال العشيّة الفصحيّة، ومن خلال قراءة رواية الخلق، تستمع الكنيسة بشكل خاصّ إلى الجملة الأولى: “قال الله: ليكن نور!” (تك 1 :3) تبدأ رواية الخلق، بطريقة رمزيّة ، بخلق النور… حقيقة أنّ الله خلقَ النور تعني أنّ الله خلق العالم كمكان معرفة وحقيقة، مكان لقاء وحرّيّة، مكان خير ومحبّة. مادّة العالم الأوّليّة هي طيّبة، الكائن ذاته هو طيّب. والشرّ لا يأتي من الكائن الذي خلقه الله ، بل موجود فقط بحُكم النّفي؛ إنّه الـ”لا”. وفي عيد الفصح، في صباح اليوم الأوّل من الأسبوع، قال الله من جديد : ”ليكن نور!”. قبل ذلك كانت هناك ليلة جبل الزيتون، والكسوف الشمسي لألم وموت الرّب يسوع (راجع مت 27: 45)، ليلة القبر. لكن من الآن فصاعدًا، إنّه مجدَّدًا اليوم الأولحيث تبدأ الخليقة متجددّة كلّيًّا. “قال الله ليكن نور وكان نور”. قام الرّب يسوع من القبر. فالحياة أقوى من الموت؛ والخير أقوى من الشرّ؛ والمحبّة أقوى من الكراهية ؛ والحقيقة أقوى من الكذب. لقد تبدّد ظلام الأيّام التي مرّت لمّا قام الرّب يسوع من القبر وأصبح، هو نفسه، نور الله النقيّ. مع ذلك، فهذا لا يشير إليه فقط أو إلى ظلمة تلك الأيّام. إنّ النور نفسه، مع قيامة الرّب يسوع، قد خُلِقَ بطريقة جديدة. إنّه يجذبنا جميعًا وراءه في حياة القيامة الجديدة ويغلب كلّ شكل من أشكال الظلمة. إنّه يوم الله الجديد، وهو لنا جميعًا. لكن كيف يمكن أن يحدث هذا؟ كيف يمكن أن يصل إلينا كلّ هذا حتّى لا يبقى مجرّد كلام، بل يصبح واقعًا نشارك فيه؟ من خلال سرّ المعموديّة ومهمّة الإيمان، بنى الربّ جسرًا لنا، يأتي إلينا من خلاله اليوم الجديد. في المعموديّة، يقول الربّ لمن يقبله… “ليكن نور”. اليوم الجديد، يوم الحياة غير القابلة للفناء، يأتي أيضًا إلينا. يأخذك الرّب يسوع المسيح بيدك. من الآن فصاعدًا، سيتمّ سندك بواسطته وسوف تدخل في النور وفي الحياة الحقيقيّة