stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

“الهي الهي لماذا تركتني؟”

2kviews

14102467_595182220661684_8573065361917767613_n

للاب هاني باخوم

“الهي الهي لماذا تركتني؟” مع هذه الصّرخة، صرخة يسوع على الصّليب، نسمع صرخة كلّ انسان يتألّم. صرخة لا تعبر فقط عن الم جسديّ او نفسيّ او معنويّ، بل تعبرعن لوم وعتاب لله. لوم وعتاب، على ظروف الحياة وصعوباتها، وفي نفس الوقت طلب مساعدة واستغاثة. صرخة ترغب ان تصل إلى أعالي السّماوات وتقول للرّبّ لماذا اتألم؟ الم تخلقني لكي اشاركك لكي اعرفك واحبّك واكون سعيدا؟ فأين هي تلك السّعادة ؟

مرّات عديدة، احداث الحياة وصعوباتها، آلامها واحزانها تجعلنا نشكّ ونتساءل: حياتي هكذا، امرّ بكلّ هذا الالم، فأين وعد الله؟. من ناحية نعرف ان الله محبّة، ومن ناحية اخرى احداث حياتنا تجعلنا نشكّ. من هنا تبدأ ازمة الانسان.

“الهي الهي لماذا تركتني؟” هي مجموعة مقالات كتابية تحاول ان تستعرض هذا الموضوع: وعد الله الذي يبدو انه يختفي بين احداث الحياة من خلال حياة بعض الشّخصيات الكتابية. كيف عاش هؤلاء الاشخاص هذه الازمة؟ كيف عاشوا هذا التناقض بين وعد وواقع؟ 

ـ آدم وقتل ابنه على يد ابنه الآخر. 

بعد الخطيئة وطرد آدم وحواء من الفردوس، يعدهما الله بالخلاص. يعدهما بنسل، منه سيأتي من سيسحق رأس الحيّة (تك 3: 15). اي ان وعد الله بالخلاص سيمرّ من خلال ابنائهما. وبالفعل تلد حواء ابنين: قايين وهابيل. 

آدم وحواء يشاهدانهما يكبران ومعهما يشاهدان وعد الله ينمو. نعم نحن اخطأنا. هكذا يقول آدم وحواء، خالفنا وصيته وعصينا حبه، لكن الله لم يتركنا، وعدنا بالخلاص وها هو النسل امامنا ينمو. 

احداث الحياة تبدأ بإظهار عكس ذلك. لسبب او لآخريقتل قايين هابيل. النّسل الذي انجبه آدم ينقسم على ذاته، لدرجة انّه يرى موت ابنه على يد ابنه الآخر. يموت هابيل بلا ذنب، يموت بخطيئة اخيه.

فكم هي اوجاع آدم واحزان حواء؟ يشاهدان موت ابنهما. موت الابن في حد ذاته شيء بشع وشنيع لكلّ والد. فالابن ضمان الاستمراريّة، يضمن استمرار النّسل بعد موت الوالد. ولكن، ان مات الابن، من يضمن هذه الاستمراريّة ؟ فموت الابن هو موت مضاعف للوالدين. لكن هنا الامر اكثر بشاعة. فالابن مات، لا بل قتل على يد الابن الآخر. موت هابيل هو موت مشروعك، املك واملي في شيء ما، رجاء اختفى وأمل انقضى. 

يبقى آدم وحواء من جديد بين وعد وواقع ينفي هذا الوعد. لكن القصة لا تحاول ان تعطي اي تفسير. تستمر والكتاب يقول ان آدم وحواء ينجبان ابناً اخر: شيت. مع هذا الابن يبدأ نسل جديد، نسل يدعو بأسم الرب (تك 4: 26). 

فالوعد لم ينتهي. موت هابيل ليس بالنّهاية. موت هابيل ما هو الا إظهار لعمق خطيئة آدم وحواء. جذور الحسد والقتل التي اثمرت في شخص قايين نمت وترعرت على ينبوع خطيئة والديه. ولكن هناك شيت والذي يعني اسمه العوض، البديل، الجديد لما سبق من قديم. هناك امل ، رجاء جديد، هناك شيت.

الرّبّ يسمح بالاحداث المؤلمة ليظهر ما فعلته الخطيئة بالانسان، لا يجمله ولا يحوله سحرياً. بل يظهره. وهنا يبدأ الخلاص: امام هذا الموت، امام هذا الفشل الظاهري: شيت. 

ولكن لم ينتهي الامر هكذا….

هذا ما سنراه في المرة القادمة….