الويل لكم إذا مدحكم الناس – الأب وليم سيدهم
لماذا يكره الكتاب المقدس المديح والطنطنة والتمجيد؟ أليس الإنسان الناجح في عمله يستحق المديح والطنطنة؟ يرى المسيح وهو منغرس وسط الشعب، أن من يتلقون المديح هم غالبًا من لم يستحقوه. المشكلة في “المديح” أن الذين يقومون به، غالبا ما يكونوا قد قبضوا ثمن هذا المديح مضاعفًا، نتذكر خبرة الانتخابات المريرة في مصر وفي العالم العربي بالذات. فنظرًا للجهل المتفشي بين ملايين المواطنين، مستغلين فقرهم وجهلهم ليكسبوا هذه الأصوات الباطلة أصلًا لأنها اشتريت بمال باطل.
فمثلًا يقوم النائب في قرية أو مدينة ما بشراء بعض السكر والأرز والزيت ويضعه في كراتين وكل من استلم أو استلمت كرتونة تسلم بطاقتها للنائب، فيصبح لديه آلاف الأصوات مقابل بضعة جنيهات وزعها على الفقراء والأرامل.
هؤلاء الناس المستغلين أنفسهم يقومون بالصراخ وكيل المديح لهؤلاء النواب ” البررة” هكذا تتغير وجهة المديح من مديح الانسان الطيب العاقل الصادق إلى الانسان الكاذب والأناني والمصلحجي والشرير. هذا هو واقع المديح الآن وفي الماضي.
لذلك ربط المسيح “الويل” برجال السلطة الدينية أو غيرها، لأنهم فسدة، وكاذبين، وأنانيين. يفضلون أنفسهم على الله، وينفذون خططهم الشيطانية في استغلال الفقراء، بدلًا من تنفيذ خطط الله ووصاياه من رحمة، وعدل، وسلام، وصدق.
التاريخ مليء بمثل هؤلاء الأنبياء الكذبة، ويُطالعنا الكتاب المقدس بغيرة النبي إيليا على نزاهة وقداسة الله، وكيف أنه إرتكب مجزرة بمعنى الكلمة قتل فيها المئات من الأنبياء الكذبة كما ورد في الكتاب المقدس.
إننا لا نكره المديح، حينما نستحقه، ولكن فلنحذر من الذين يكيلون لنا المديح لكي نقع في خانة المجد الباطل فنحصل على تقدير لا نستحقه، وحتى لو استحققنا، فالفضل الأول يرجع إلى صاحب الفضل وهو الله خالقنا ومحيينا ومرافقنا حتى الرمق الأخير.
إن المسيح لا يحتاج إلى مديحنا، إنما يحتاج إلى قلبنا المنكسر والمتواضع، هذا القلب الذي أدرك أن مجده الوحيد يأتيه من الله ومن ابناء الله فقط فمجد العالم مزيف وملوث.
يارب، دعنا نستشعر خطورة دورنا في هذا العالم، وضرورة القيام بواجبنا فنقول مع القديس بولس: ” فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ.” (1 كو 9: 16). هذا هو الويل الذي يستحق الإكرام والإحترام وليس ويل الفريسيين والكتبة الذي لا يؤدي إلا إلى التهلكة.