بطريركية الاسكندرية للأرمن الكاثوليك – صوت الراعي – تأملات مريمية إستعداداً لعيد انتقال العذراء مريـم إلى السماء ( اغسطس / آب ٢٠٢٠ )
” لا أفهم مريـم العذراء من غير يسوع “
اليوم الثالث :
” أيّتُها العذراء العظيمة “
نتأمل اليوم في عظة بردية تورينو، سنة ٣٧٣ ميلادية ، عن العذراء مريـم العظيمة ، للقديس أثناسيوس بطريرك الإسكندرية :
أيتها العذراء العظيمة ،
بالحقيقة إنك أعظم من كل شيء عظيم ،
لأنه من يعادلك يا من سكن فيها كلمة الله ؟
بماذا أشبهّك يا مريم العذراء ؟
أنت أعظم منهم كلهم .
يا تابوت العهد الجديد، الذي لبس الطهارة بدلاً من الذهب .
أنت التابوت الذي يحوي الوعاء الذهبي ذو المن الحقيقي ، أي الجسد الذي تتحد به الألوهيه .
هل أقارنك بالأرض الخصبة وثمارها ؟
أنت أعظم منها، لأنه مكتوب ” الأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ ” . (أشعيا ٦٦ : ١) وأنت حملت في أحشائك أقدام الله ورأسه وجسده الخاص .
إذا قلنا إن السماء عظيمه، فإنها ليست أعظم منك ، لأنه مكتوب ” السَّمَاوَاتُ عَرشي ” (أشعيا ٦٦ : ١) وأما أنت موضع راحة الله .
وإذا قلنا بأن الملائكة ورؤساء الملائكة عظماء، فإنهم ليسوا بأعظم منك ، لأن الملائكة ورؤساء الملائكة يرتعدون وهم يخدمون الذي يسكن في بطنك ، ولا يجرؤون على الحديث في حضوره ، بينما أنك تتحدثين معه بلا خوف .
وإذا قلنا بأن الكاروبيم عظيم ، فأنت أعظم منه ، لأن الكاروبيم يحملون عرش الله ” يَا جَالِسًا عَلَى الْكَرُوبِين ، أشرقْ ” . (مزمور ٨٠ ( ٧٩ ) : ١) وأما أنت تلمسينه بيديك .
وإذا قلنا بأن السيرافيم عظيم ، فأنت أعظم منهم جميعاً، لأن السيرافيم يغطون وجوههم بأجنحتهم ” السَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ، بِاثْنَيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَبِاثْنَيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ، وَبَاثْنَيْنِ يَطِيرُ ” . (أشعيا ٦ : ٢) لا يستطيعون النظر إلى المجد الإلهي، بينما لا ينظرون إلا لبعضهم البعض، وأما أنت فلم تنظري لوجهه فقط، بل عانقتيه وقدمت ثدييك لفمه المقدس .
كما أن حواء هي أم الموتى ” وَكَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ ” (قورنتوس الأولى ١٥: ٢٢) .
لأنها أخذت الفاكهه من الشجره وجعلت زوجها يأكلها معها التي حذرهم الله منها قائلاً : ” فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، فإنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا تَمُوتُ موتاً ” (سفر التكوين ٢ : ١٧) .
فإن حواء أخذت الفاكهه وأكلت بعضها وأعطت بعضها لزوجها ليأكل معها، فمات .
وأما فيك، أيتها العذراء الحكيمة، سكن إبن الله، الذي هو شجره الحياة ، فإنه حقاً أعطانا جسده لنا ( في سر القربان المُقدّس ، الإفخارستيا) وقد أكلنا منه، وهكذا أتت الحياة للجميع من رحمه الله بإبنك الحبيب ، لذلك تبتهج روحك يا مريم بالله مخلصك .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
#المطران_كريكور_اوغسطينوس_كوسا