stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

متنوعة

بندكتس السادس عشر

854views

bened

بندكتس السادس عشر: إن برنامج حبريّتي الحقيقيّ هو أن لا أصنع مشيئتي

بعد إعلان البابا بندكتس السادس عشر تخلّيه عن الخدمة البطرسيّة، وبدء مرحلة “الكرسيّ الشاغر” (سيديه فاكانتيه) إنه الأربعاء الأول دون لقاء للمؤمنين مع رأس الكنيسة ليصغوا إلى تعاليمه التي رافقتهم مدّة ثماني سنوات والتي شكلت لهم مدرسة إيمان صلب. تعاليم تمحورت دائمًا حول مركزيّة المسيح وتتميم مشيئة الله.

فمنذ إطلالته الأولى أظهر لنا بندكتس السادس عشر برنامج حياته بوضوح:”بعد البابا العظيم يوحنا بولس الثاني، إنتخبني أصحاب النيافة الكرادلة، أنا العامل الوضيع في كرم الربّ، ما يعزّيني هو أن الله يحسن العمل والتصرّف حتى بوسائل غير كافية. واثقين بعونه الدائم، سنسير إلى الأمام بمساعدة الله، وأمه مريم الكليّة القداسة ستكون دائمًا إلى جانبنا”. وفي عظته الأولى أعلن “إن برنامج حبريّتي الحقيقيّ هو أن لا أصنع مشيئتي، أن لا أتبع أفكاري، بل أن أضع نفسي مع الكنيسة في حالة إصغاء لكلمة الله ومشيئته فيقود هو الكنيسة في هذه المرحلة من تاريخنا”.

في مقابلته العامة الأولى مع المؤمنين عاد البابا وأوضح للمؤمنين مجدّدا الدرب الذي اختار إتباعه انطلاقًا من الاسم الذي اختاره وقال: “لقد شئت تسميت نفسي بندكتس السادس عشر لأتواصل مثاليًا مع سلفي المكرّم بندكتس الخامس عشر، الذي قاد الكنيسة في مرحلة صعبة بسبب الحرب الكونيّة الأولى. كان جريئًا ونبيّ سلام حقيقيّ، فعمل كلّ ما بوسعه في البداية لتجنّب مأساة الحرب، ومن ثمّ للحدّ من نتائجها الخيّبة. إنني أرغب على خطاه أن أضع مهمّتي في خدمة المصالحة والتناغم بين البشر والشعوب، وكلي قناعة بأن خير السلام العظيم هو عطيّة من الله. واسم بندكتس يذكرنا أيضًا بصورة “مؤسس الحياة الرهبانيّة الغربيّة” الذي علمنا توصيته الشهيرة: “لا يجب لشيء على الإطلاق أن يقف عائقًا في وجه المسيح”. وفي بداية خدمتي أطلب من القديس بندكتس أن يساعدنا للحفاظ على محوريّة المسيح في وجودنا، وليكن هو الأول في جميع أفكارنا وأعمالنا.” وفي الحادي عشر من شباط فبراير عام 2013 أعلن البابا بندكتس السادس عشر قراره بالتخلي عن الخدمة البطرسيّة. ويقينا بأن قواه، وبسبب تقدّمه في السنّ لم تعد قادرة على أن تقوم بشكل ملائم بالخدمة البطرسية، أوكل الكنيسة لعناية راعيها الأعظم يسوع المسيح، وهذا الإيمان الكبير يظهر من خلال كلماته إذ قال خلال المقابلة العامة في الثالث عشر من شباط فبراير الماضي:” تدعمني وتنيرني الثقة بأن الكنيسة هي للمسيح، الذي سيواصل قيادتها والاعتناء بها… تابعوا الصلاة من أجلي، من أجل الكنيسة ومن أجل البابا الجديد. والرب سيقود خطانا.” وفي التعليم الأسبوعي ذكّر البابا بندكتس السادس عشر بأن ” قوّة هذا العالم لن تخلّص العالم وإنما قوّة الصليب والتواضع والمحبّة.” ودعا المؤمنين “لوضع الله في المقام الأول” إذ أنها المسيرة التي “على كل مسيحيّ أن يسيرها دائمًا ومجدداً” بإتباع يسوع ليصبح إنجيله دليلاً للحياة، فيحولنا الله ونعترف بأننا خلائق بحاجة لله ولمحبّته، فهو كأب صالح يعتني بكل ما خلقه بمحبّة وأمانة. لم يتوقف البابا بندكتس السادس عشر يومًا عن حث المؤمنين على العودة إلى الله والاستسلام لمشيئته، فنحن قد خلقنا من محبّته، الكائن البشريّ صغيرٌ أمام عظمة الكون، ولكن صغره وضعفه يتماشيان مع ما أرادته له محبة الله الأزلية. الله يطرق باب كل إنسان بلا تعب أو كلل يكفي أن نفتح له ليدخل ويتعشّى معنا، هكذا يعلمنا يسوع وهذه ثقتنا وهذا ما كرّره البابا بندكتس السادس عشر في مقابلته العامة الأخيرة: “في

هذا الوقت أشعر بثقة كبيرة لأنني أعرف، وكلنا نعرف أن كلمة الإنجيل الحقّة هي قوّة الكنيسة وحياتها. الإنجيل يُطهِّر ويُجدِّد ويُثمر حيث تسمعه جماعة المؤمنين وتقبل نعمة الله في الحق وتحيا بالمحبة، وهذه هي ثقتي وهذا هو فرحي! فمنذ ثماني سنوات وعند قبولي الخدمة البطرسيّة، كانت لدي هذه الثقة عينها وقد رافقتني دائما”.

وأضاف في تلك اللحظة وكما قلت مراراً: فكانت الكلمات التي ترددت في قلبي: يا رب، ماذا تطلب منّي؟ إنه حِملٌ كبيرُ تضعه على كتفيّ ولكن لأجل كلمتك أرمي الشباك واثقاً بأنك ستقودني. ولقد قادني الرب حقا وكان بقربي، وقد شعرت يوميا بحضوره… كنت مدركٌ دائما أن الرب حاضر في تلك السفينة وأن سفينة الكنيسة ليست لي ولا لنا بل للربّ ولن يتركها تغرق”. بالروح عينه وبالثقة عينها والتسليم الكلي لله ومشيئته الذين افتتح بهم حبريّته ختم البابا بندكتس السادس عشر حبريّته تاركًا لنا مثالاً يُحتذى به على مثال المعلّم الأول والراعي الصالح الذي أتم مشيئة الآب حتى الألم والصليب: “في هذه الأشهر الأخيرة، شعرت بأن قواي قد ضَعُفت وطلبتُ من الله بإلحاح بالصلاة أن ينيرني لأتخذ القرار الصحيح من أجل خير الكنيسة، وقد أقدمت على هذه الخطوة مدركاً خطورتها وجِدَّتها أيضا، وإنما بسكينة روح عميقة. فمحبة الكنيسة تعني أيضا الشجاعة للقيام بالخيارات الصعبة والمؤلمة واضعين دائما في المرتبة الأولى خير الكنيسة. سأرافق مسيرة الكنيسة بالصلاة والتأمل، بالتفاني عينه للرب وعروسه الذي حاولت أن أعيشه يوميا حتى اليوم  وأريد أن أعيشه دائما”. وقبل أن يودعنا ترك لنا البابا بندكتس السادس عشر وصيّة على مثال القديس بندكتس شفيعه:”أصدقائي الأعزاء، الله يقود كنيسته، ويعضدها دائما ولاسيما في الصعوبات. لا نفقِدنَّ أبداً نظرة الإيمان هذه، النظرة الحقيقية الوحيدة لمسيرة الكنيسة والعالم. ليكن دائما في قلبنا، وفي قلب كلٍّ منكم الثقة بأن الرب قريب منّا، ولا يتركنا، إنه بقربنا ويغمرنا بمحبّته”.

عن موقع إذاعة الفاتيكان