بيان عن الكنيسة الكلدانية
١٧ يوليو ٢٠٢٣
بسم الله الواحد الذي نعبده جميعًا
ببالغ الحزن والأسف ومزيد من الحيرة والقلق، نراقب التطورات الأخيرة التي طالت الكنيسة الكلدانية ورئاستها المتمثلة بغبطة أبينا الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم.
حيث أصدر فخامة السيد الكتور عبد اللطيف رشيد رئيس جمهورية العراق الجزيل الإحترام، مرسوم رئاسي يسحب بموجبه قرار تعيين غبطة أبينا البطريرك لويس ساكو فيما يخص توليته القانونية على أوقاف الكنيسة الكلدانية. والذي كان قد صدر سنة 2013 من قبل الرئيس الراحل جلال الطالباني، بحجة عدم إستناده للدستور العراقي.
وإستغرابنا بإن المادة 43 الفقرة الأولى النقطة ب من الدستور العراقي تنص:
اولاً :- اتباع كل دين أو مذهبٍ احرارٌ في :
ب – إدارة الاوقاف وشؤونها ومؤسساتها الدينية، وينظم ذلك بقانون.
وماهذا إلى تماشياً مع العادة المتعارف عليها في الكنيسة منذ القرن الرابع الميلادي، حيث كانت السلطات تمنح السلطان القانوني للقيادات الروحية المسيحية وحتى عند مجيء الإسلام ومنذ زمن النبي محمد عليه السلام ومروراً بالخلفاء ونخص هنا الخلافة العباسية ومقرها بغداد حيث كان الكرسي البطريركي ولازال.
وبعد سقوطها بيد المغول الذين منحوا توليةً مماثلة للبطريرك الكلداني وفي عهد السلطنة العثمانية وإنتهاءاً بتأسيس الدولة العراقية الحديثة سنة 1921.
الكنيسة في العراق والشرق عموماً لم تكن كنيسة دولة، بل عاشت في وئام مع السلطات المدنية في كل الأزمنة، فالكنيسة تلتزم بالقوانين وتتأقلم معها من أجل خير أبنائها.
لا بل أبعد من ذلك فالكنيسة كانت ولاتزال شريكة أبناء الوطن الواحد وتعمل وتصلي من أجل خيره ورفاهية شعبه.
ما حدث في العراق من تحجيم وتهميش لرئيس أكبر كنيسة في العراق وأكثرها حضوراً شعبياً ومؤسساتيا، يدق ناقوس الخطر في بلدٍ لازال يعاني من تبعيات الحروب وعدم الإستقرار السياسي.
الإرهاب المتمثل بداعش والذي شرد أبناء الشعب العراقي بكل أديانه وأطيافه سنة 2014، فلم يرحم مسلماً أو مسيحياً أو يزيدياً أو صابئياً، لم يفرق بين الكنيسة والجامع والمعبد، حيث طال التفجير والنهب والسلب والقتل كل أطيافه.
موقف الكنيسة الكلدانية متمثلاً بشخص غبطة أبينا البطريرك والأساقفة أعضاء السينودس المقدس وسائر مؤسسات الكنيسة الكلدانية من كنائس وأديرة وأملاك وأوقاف وضعت بخدمة كل أبناء الشعب العراقي بدون تمييز، لابل إن الكنيسة ساهمت برفع العوز والضيقة عن كل المواطنين في سائر العراق.
وموقف غبطة البطريرك يمتد لخارج القطر العراقي، فنحن كلدان مصر ساهمنا ونساهم علنياً وبالخفاء بما أوتينا من إمكانيات للدعم والمساعدة في بلدنا الحبيب مصر
مثلما دعمنا من مصر أشقائنا في العراق وبدون تمييز.
البطريرك الكلداني لايعين من أي جهة كانت، بل ينتخب من قبل الأساقفة في السينودس ويحتفل بقداس الشركة الرسولية مع بابا روما.
سلطانه الروحي يأتي من المسيح مباشرةً وليس من قوة مدنية.
لكن مثلما أشرنا فالكنيسة ملتزمة بقانون الدولة التي تتواجد فيها، فلايمكن لرئاسة الكنيسة والمتمثلة هنا بشخص البطريرك، أن تمارس حقها القانوني، دون توافق قانوني وودي مع السلطات المدنية.
الخطر المتمثل بإلغاء المرسوم الجمهوري يمس وجود الكنيسة وعلى رأسها البطريرك كشخصية إعتبارية أمام القضاء وتجعل أملاك وأوقاف الكنيسة مسلباً لكل من هب ودب.
الكاردينال البطريرك لويس ساكو ليس بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم فقط، بل هو شخصية معروفة عالمياً وعلى كل المستويات، سواءاً في دوائر دولة الكرسي الرسولي / الفاتيكان أو المنظمات الدولية.
فهو كان ولايزال وسيظل داعماً لدولة المواطنة والمؤسسات وحريصاً على وحدة العراق السياسية وتنوعه الديني، لمسنا ذلك في تحقيقه لزيارة قداسة البابا فرنسيس للعراق وماجلبته من وحدة الشعب وإنفتاح العراق على العالم.
ولاننسى زيارته الأخيرة لمصر ولقائه القيادات المختلفة كزيارته لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وفضيلة الإمام الاكبر الشيخ أحمد الطيب وقداسة البابا تواضروس الثاني ورئيس مجلس الشيوخ معالي المستشار عبد الوهاب عبد الرازق.
كل هذا يأتي من حرصه على إدامة أواصر المحبة والتعاون وتعزيز هوية العراق العربية وكذلك الإسلامية على السواء.
نناشد من هذا المنبر ومن أرض الكنانة مصر الحبيبة التي لجأ إليها ربنا يسوع المسيح والعائلة المقدسة والتي إحتضنت ولاتزال كل من يلجأ إلى حماها وخصوصاً العراقيين الكلدان.
نناشد فخامة السيد الكتور عبد اللطيف رشيد رئيس جمهورية العراق الحزيل الإحترام بإلغاء المرسوم الرئاسي الصادر بحق رئيس كنيستنا وأبو الآباء والشعب غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى، وعودة الأمور لطبيعتها الأولى.
العراق بحاجة لتوحيد الصفوف ليعود قوياً مثلما كان. إستذكر في الختام كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي سنة 2019 عن مشكلة المياه في العراق والتي تحدث فيها عن أهمية أن يكون البلد قويا وعفياً ليفرض سيطرته.
دامت مصر قوية وحامية للكل تحت راية القيادة الحكيمة لمعالي الرئيس عبد الفتاح السيسي وليكن شعبينا المصري والعراقي مباركين ومحميين من كل قوه الشر.