« بَعدَ قَليلٍ لَن يَراني العالَم. أَمَّا أَنتُم فسَتَرونَني لِأَنِّي حَيٌّ ولأنَّكُم أَنتُم أَيضًا سَتَحيَون » الطّوباويّ بولس السادس
الطّوباويّ بولس السادس، بابا روما من 1963 إلى 1978
المقابلة العامّة بتاريخ 17 /05 /1972
« بَعدَ قَليلٍ لَن يَراني العالَم. أَمَّا أَنتُم فسَتَرونَني لِأَنِّي حَيٌّ ولأنَّكُم أَنتُم أَيضًا سَتَحيَون »
قال الرّب يسوع لنيقوديمُس: “الرِّيحُ تَهُبُّ حَيثُ تَشاء… تِلكَ حاَلةُ كُلِّ مَولودٍ لِلُّروح” (يو 3: 8). لا يمكننا إذًا، على صعيد العقيدة والصّعيد العمليّ، أن نضع مقاييس محدّدة لتدخّل الرّوح القدس في حياة النّاس. إذ يمكنه أن يتجلّى من خلال أشكالٍ شتّى وأوقاتٍ غير متوقَّعة: “أَلعَبُ على وَجهِ أَرضِه ونعيمي مع بَني البَشَر” (أم 8: 31)… لكن توجد قاعدة لا بل شرط أساسي يفرض ذاته بطريقة طبيعيّة على الّذين يريدون أن يلتقطوا موجات الرُّوح القدس الفائقة الطّبيعة: إنّها الحياة الدّاخليّة. ففي داخل النّفس البشريّة يحصل اللّقاء مع هذا الضّيف الفائق الوصف، كما نردِّد في نشيد العنصرة الرّائع: “يا ضيف النّفس العذب”. إذ يصبح الإنسان “هيكلاً للرُّوح القدس” على ما أورد القدّيس بولس (راجع 1كور 3: 16 + 6: 19)
إنّ النّاس في هذه الأيّام، كما المسيحيين في الغالب، وحتّى المكرّسين منهم يتوقون نحو العلمنة. لكن لا يمكن ولا يجب أبدًا أن ننسى شرط الحياة الدّاخليّة الأساسيّ إن أردنا أن تستمرّ حياتنا مسيحيّةً ومُوجّهة من قِبَل الرُّوح القدس… إنّ الصّمت الدّاخليّ ضروريٌّ للإصغاء إلى كلمة الله، والشّعور بحضوره وسماع ندائه.
إنّ أنفسنا متّجهة بكثرة نحو الخارج في هذه الأيّام…؛ لا نعرف أن نتأمّل ولا أن نصلّي؛ لا نعرف كيف نُسكِتُ الصّخب الّذي تُحدِثُهُ فينا اهتماماتنا الخارجيّة، والصّور والمزاج. لا توجد في القلب مساحةٌ هادئة ومقدّسة لتلقّي شعلة العنصرة… ومن هنا نستخلص بأنّه يجب علينا أن نُفسِحً مجالاً للحياة الدّاخليّة ضمن برنامج حياتنا المضطرب؛ هذا المجال يجب أن يكون مُخصَّصًا، صامتًا وطاهرًا؛ يجب أن نجد أنفسنا لكي يستطيع أن يسكن فينا الرُّوح القدّوس المُحيي