تأملات الشهر المريمي ٢٠٢١ – اليوم الخامس عشر – ظهور العذراء في بلدة ” فاطيما ” بالبرتغال ١٣ مايو / ايار ١٩١٧
تأملات الشهر المريمي ٢٠٢١
” يا أُمّ الله أعضديني بأجنحة صلواتكِ ” ( القديس كريكور ناريكاتسي ) ( غريغوريوس الناريكي )
اليوم الخامس عشر من الشهر المريمي ٢٠٢١
تأمل بمناسبة ظهور العذراء مريم في بلدة ” فاطيما ” بالبرتغال ١٣ مايو / أيار ١٩١٧ ( ٢ )
ظهور العذراء للمرة الخامسةً :
عندما حلّ موعد ظهور العذراء للمرة الخامسة في ١٣ أكتوبر / تشرين الأول ، كان الخبر قد انتشر في أنحاء البلاد ، وتقاطرت لبلدة فاطيما جماهير غفيرة لا حصر لها ، حتى إمتلأت بهم الصحراء الشاسعة وكانت أبصارهم شاخصةً نحو السماء تترقب بفارغ الصبر ظهور السيدة العذراءمريم القديسة .
وبينما كان الفتيان جاثين على ركبهم يصلون ، والسرور يفيض من وجوههم ، رعد البرق فجأةً بصوت قوي جلّجَلَ الصحراء ، وشعّٓ في الفضاء نور ساطع أضاء الكون برمته . ولاحظ الجميع أن الأولاد يتحدثون إلى السيدة الواقفة معهم ولا أحد يراها غيرهم .
فطلب الجميع من الأطفال أن يتوسلوا إليها لكي تظهر نفسها ، أو تعطي لهم إشارة تثبت بأنها العذراء مريم ، فتحظى بلدتهم بتشريفها والتعرف عليها .
وما أن رفع الأولاد أصواتهم وقالوا للسيدة ما يطلبه الجمع المحتشد ، للفور عينّت لهم موعداً في ١٣ دسمبر / كانون الأول لإثبات ما يطلبون ، وستكون المرة السادسة والأخيرة لظهورها . ثم طلبت منهم أن يشرحوا للجماهير عن عمق حزنها وألمها لما يسببه فساد العالم وآثام وخطايا البشر من طعنات جارحة لقلب إبنها الإلهي ، وأضافت ايضاً أنه توجد نفوس كثيرة تهلك بخطايا الجسد ، ولذا يجب التوبة الصادقة وعدم الرجوع إلى الخطيئة .
كفّوا عن الشر واتبعوا تعاليم يسوع وتجنبوا الخطيئة :
كان يوم ١٣ ديسمبر / كانون الأول ١٩١٧ يوماً خالداً في تاريخ البرتغال بل ، في تاريخ المسيحية جميعاً . وقد بدأت الجماهير تتقاطر من أنحاء المعمورة على بلدة فاطيما طوال الأيام الثلاثة التي سبقت اليوم المحدّد والموعود به حتى زاد عددهم ٦٠٠،٠٠٠ شخص مجتمعين في قلب الصحراء ، رغم الأمطار الغزيرة التي كانت تنهمر عليهم بلا إنقطاع والأرض من تحتهم كأنها برك مغمورة بالمياه ، محتملين كل هذه الصعوبات على أمل أن يروا تلك السيدة العظيمة التي شاع صيتها في أرجاء المعمورة .
وما أن حلّت الساعة الموعود بها حتى أقبل الأطفال الثلاثة بصدور منشرحة وأخذوا مكانهم بين الجموع الحاشدة وقد تعلقت بهم الأنظار ، وبين وميض البرق وقصف الرعود ظهرت السيدة للأطفال المختارين ، فأعلن الأطفال النبأ للجماهير . وفي الحال سكنت الريح ، وفجأةً وقف المطر وظهرت الشمس تملأ السماء بأشعتها وأخذ قرصها يقترب من الأرض رويداً رويداً والحرارة تشتد حتى جفّت ملابس الجماهير ويبست الأرض ، فعمّ الخوف على الجميع . وكانوا ينتظرون إقتراب قرص الشمس منهم وهم في حالةٍ من الخوف والرعب . وركع الجميع وأخذوا يتوسلون إلى الأطفال أن يشفعوا لهم عند السيدة العذراء لترفع غضبها عنهم وترأف بهم .
حينئذٍ أمرت السيدة العذراء الشمس بالعودة إلى مكانها الطبيعي ، وخفّت الحرارة ، واعتدل الجو ، وبدأ الأولاد الثلاثة ينقلون للمحتشدين ما تقوله السيدة العذراء ، وهو : ” كفّوا عن الشر ، واتبعوا تعاليم يسوع ، وتجنبوا الخطيئة ، وكونوا أُمناء للكنيسة ورحماء بالعالم ، ودعاء وأنقياء القلوب ” . ثم اختفت العذراء ، وكانت الزيارة الأخيرة لها في بلدة فاطيما .
وفي الطريق وأثناء عودة الجماهير إلى بلادهم ، كان حديثهم وحديث البلاد والقرى المجاورة عن ظهور السيدة العذراء ، وعن أعاجيبها ورجوع الشمس إلى مكانها واقترابها من الأرض ، وشدّة حرارتها حتى يبست الأرض ، وجفّت المياه التي كانت تغمر البلاد المحيطة ببلدة فطيمة من كل الجهات ، حتى أن السلطة الكنسية أضطرت أن توفد لجاناً مختلفة لشتى المدن القريبة من بلدة فاطيمة ، لتتحرى الأمر بدقة وبحث مستفيض ، كما أنَّ اللجان الكنسية إجتمعت بالأطفال الثلاثة ونقاشتهم في كل ما كانت السيدة العذراء تقوله لهم .
وعندما استكملت الأبحاث وتمّ البحث عن المواضيع المتعلقة بظهور العذراء ، أصدرت الكنيسبة في١٣ أُكتوبر / تشرين الأول سنة ١٩٣٠ حكمها بأن ظهور السيدة العذراء القديسة في بلدة فاطيما ، لا يعتريه أي شك ، وهو حقيقة ثابتة لا يمكن نكرانها .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك